بلدي نيوز - (مصعب الياسين)
لم تعد "أم علي" قادرة على إضافة زيت الزيتون إلى مائدة الإفطار لأبنائها، بسبب ارتفاع سعر ليتر الزيت إلى ما يقارب 5.5 دولار أمريكي منذ عدة أيام، فاستغنت عنه كليا.
كان سعر ليتر زيت الزيتون منذ حوالي أربعة أشهر في متناول اليد، وتشتريه "أم علي" بالليتر بسعر لا يتعدى الـ 2.5 دولار أمريكي، لكن الآن اختلف الحال، فتقول "أم علي" لبلدي نيوز "لا أقوى كربة أسرة نازحة من ريف حماة الغربي منذ 5 سنوات وأعيش في المخيمات، على شراء تنكة زيت زيتون كاملة، فأشتري بالليتر الذي أعمل على التقنين به لأكثر من عشرة أيام، على مائدة إفطار أطفالي التي لا تحوي أكثر من طبقين، ومع ارتفاع أسعار الزيت اليوم إلى مستويات قياسية لم يعد لدي المال لشراء ليتر واحد من الزيت، الذي افتقدناه منذ بداية شهر حزيران/ يونيو الماضي، ليبقى طبق واحد على مائدة الإفطار الذي يتنوع بين الخبز المخلوط مع الشاي، أو بعض حبات الزيتون.
سجلت أسعار زيت الزيتون ارتفاعا قياسيا خلال الأشهر الأربعة الفائتة، لتصل إلى 82 دولارا أمريكيا للصفيحة الواحدة، خلال الأسبوع الفائت في محافظة إدلب، في حين كان سعر الصفيحة مطلع العام الحالي لا يتعدى 47 دولارا أمريكيا، مما حقق ربحا طائلا للتجار وبعض المزارعين، في حين انحرمت آلاف الأسر في شمال غرب البلاد منه، بالتزامن مع خفض برنامج الأغذية العالمية للمساعدات في المنطقة.
ومع حلول الثلث الأخير من شهر تموز/ يونيو الذي تنضج فيه الكثير من الخضروات يرقب "ماجد العلي" المقيم في مدينة معرتمصرين شمال إدلب أسعار زيت الزيتون باستمرار، حتى يعرف إذ ما كان سيستطيع شراء صفيحة هذا العام من أجل مونة المكدوس واللبنة، خاصة مع حلول وقت المونة للكثير من السوريين في شمال غرب البلاد.
ارتبط ارتفاع سعر زيت الزيتون في سوريا بارتفاع السلعة عالميا، بعد أن تعرضت أشجار الزيتون في إيطاليا المصدر الثاني لزيت الزيتون في العالم للإصابة ببكتيريا تدعى Xylella Fastidiosa، نشرتها حشرات مختلفة قضت على حوالي 20 مليون شجرة، من أصل 60 مليون شجرة في البلد الذي يشكل فيه الزيتون محصولا استراتيجيا، بحسب المهندس الزراعي خالد عبد الكريم.
وتزامن إصابة الأشجار في إيطاليا مع تغير مناخي طال إسبانيا المصدر الأول لزيت الزيتون للعالم والتي سجلت العام الفائت شحا كبيرا بالأمطار، مما أثر على أشجار الزيتون وأدى لتدهور المحصول والإنتاج.
ارتفاع أسعار زيت الزيتون كان له تاثير كبير عالميا خاصة على الدول التي تعيش حالات النزاع والحروب مثل سوريا، بالتزامن مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وقلة الغذاء بعد وقوع الزلزال وتراجع المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة للسوريين، إذ عمد برنامج الأغذية العالمي WFP على البدء بإجراءات حذف أكثر من 2.5 مليون مستفيد في سوريا من المساعدات الغذائية اعتباراً من يوليو/تموز القادم، فيما دقت منظمة إنسانية ناقوس الخطر.
وأشار برنامج الأغذية، في تقرير له، إلى أن نقص التمويل سيؤدي إلى إجبار برنامج الأغذية العالمي على إلغاء المساعدة لما يصل إلى 2.5 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا اعتبارًا من يوليو/تموز.
ولفت إلى أنه في نيسان/أبريل الماضي، ساعد برنامج الأغذية العالمي 5.2 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك 358 ألف شخص تلقوا مساعدات نقدية بقيمة تحويل 4.5 مليون دولار أمريكي.
لم يتوقف عوز السوريين إلى زيت الزيتون فحسب بل طال جميع الأغذية التي بات السوري يعجز عن الحصول عليها، لاسيما مع الارتفاع العالمي بأسعار الغذاء والدخل المتدني للأسر السورية في شمال غرب البلاد.
وبحسب تقرير لـ"فريق منسقو استجابة سوريا" والمنشور في التاسع من حزيران/ يونيو 2023، فإن 89% من العائلات شمال غرب سوريا تحت خط الفقر، فيما وصلت نسبة العائلات إلى حد الجوع حوالي 40% من مجموع السكان في المنطقة ذاتها.