"معركة دمشق" تمنع إعادة تعويم نظام الأسد عبر بوابة الرقة - It's Over 9000!

"معركة دمشق" تمنع إعادة تعويم نظام الأسد عبر بوابة الرقة

بلدي نيوز - (المحرر العسكري لبلدي نيوز)
يصعب على الكثيرين استيعاب إمكانية أن نربط معركة الرقة القادمة والتي يشارك فيها الجيش الأمريكي بكامل ثقله وطائراته ودباباته، بمعركة دمشق الحالية، التي يشنها الثوار المحاصرون والمقطوع عنهم الذخيرة والعتاد والإمدادات وسط تكالب الأمم عليهم.
ولكن نظرة عميقة للأحداث، تؤكد أن المعركتين مرتبطتان عضوياً وجوهرياً، فالمعركتان تمثلان المحدد الأساسي لشكل المنطقة خلال العقدين القادمين، فمعركة الرقة يحدد المنتصر فيها من سيحكم وسط سوريا وصحرائها، وصولاً حتى صحراء العراق وربما الأردن والخليج العربي، أما معركة دمشق فستحدد من سيحكم سوريا المفيدة، وصولاً إلى ساحل المتوسط.
مرتزقة للقتل وليس "القتال"
العامل الأساسي المشترك بين هاتين المعركتين هو أن جيش النظام يمثل العنصر البشري الأساسي، الذي يعتمد عليه ليكون القوة البشرية الكبرى في المعركة، والهدف الأساسي لذلك هو أنه أكثر قوة مطيعة في المنطقة، ولا يمانع في (تقديم الخسائر) في سبيل إعادة تسويقه.
فالميليشيات الكردية ليس لها أي فرصة لدخول معركة الرقة منفردة، الأمر الذي تدركه أمريكا وروسيا والدول الداعمة لهذه الميليشيات، ما يساهم في تغاضيهم عن الأسد مقابل مشاركته في المعركة، التي تعتبر مصيرية للغرب، بقدر ما هي معركة مصيرية لتنظيم "الدولة"، فالفكرة الغربية تقول أن التنظيم في حال انتصر في هذه المعركة ونجح في الحفاظ على المدينة، فسوف يكتسب سمعة جماهيرية كاسحة، تمكنه من استعادة عافيته بسرعة والانتقال من الدفاع للهجوم، وأنه سوف يكون قد دمر القوة الأكثر قدرة على مواجهته والمتمثلة بالمليشيات الكردية المدعومة غربياً، والتي تعني هزيمتها عدة أمور، أولها انتهاء حلم الدولة الكردية، وانتهاء أي فرصة للأكراد بضرب تركيا لاحقاً عبر هذا الشريط.
ففي هذه المعركة يعول الأمريكان على النظام، لتكون قواته الكتلة البشرية الكبرى التي تدخل المعركة، بحكم أن أمريكا وروسيا لا ترغبان بإدخال إيران وميليشياتها بشكل كامل في معركة الرقة، لأنهما يدركان أنها لن تكون مطواعة كما النظام أو الميليشيات الكردية.
فانكسار النظام في معركة دمشق، وخسارته للكثير من المناطق والعناصر، تعني أنه قد يضطر لسحب قواته من شرقي حلب وتدمر، وبخاصة إذا فتحت جبهة حماة عليه، فهو قد زج بنسبة كبيرة من نخبة قواته إلى ريف حلب الشرقي، مستغلاً التطمينات الغربية حول أنه لن يتعرض للهجوم من الثوار، المجبرين على الالتزام بالهدنة.
تنظيم "الدولة" واغتنام الفرصة
يعمل تنظيم "الدولة" بطريقة براغماتية جداً، فهو يستفيد من المعارك التي يشنها الثوار للهجوم على النظام، ولعله أثبت ذلك عبر عملية طريق خناصر، الذي قطعه بالتزامن مع معركة دمشق عبر عملية خاطفة، فهو في حال قطع الشريان الوحيد للمدينة، فسوف يكون النظام في وضع تعيس داخل حلب، خصوصاً أنه بحاجة للكثير من الإمدادات لمؤيديه وقواته والميليشيات الشيعية الأجنبية، التي تحاول التقدم شرقاً، ما يعني أن التنظيم استفاد من عملية دمشق، لوقف تقدم النظام شرقاً ولو بشكل مؤقت، وقد يسعى التنظيم للهجوم على إحدى المراكز الرئيسية للنظام لمنع هجومه على الرقة، فهو يسعى عبر هذه الاستراتيجية، لإشغال النظام واستنزافه ومنعه من التقدم باتجاه ديرالزور أو الهجوم باتجاه الرقة.
فدخول التنظيم إلى أي تجمع سكاني كبير للنظام (على مستوى مدينة)، يعتبر ضربة موجعة للنظام، ما يعني أن النظام سوف يدفع بكل إمكانياته لمنع هذه العملية (لكنه قد يعجز في ظل معركة دمشق وخسائره الضخمة فيها).
إذاً إذا لم يتدخل النظام في معركة الرقة فالميليشيات الكردية ستكون عاجزة عن دخولها منفردة حتى لو تلقت دعماً مضاعفاً من طائرات التحالف، فهي تفتقر للقدرة على القتال ضد عناصر التنظيم (وخاصة جزئية تحمل الخسائر)، وخصوصاً أنها شاهدت قدرات التنظيم في معركة الموصل، التي تسببت بمجازر حقيقية ضربت الميليشيات الشيعية المهاجمة للمدينة، والتي خسرت تعداد عناصر (يفوق كل ما تمتلكه الميليشيات الكردية في سوريا من عناصر)، ما يجعلها عاجزة فعلياً عن الذهاب بمفردها إلى معركة الرقة.
يضاف لمشاكل الميليشيات الكردية، أن الألف عنصر مارينز الذين نشرتهم أمريكا، أخذوا حرفياً مهمة الميليشيات الكردية في موضوع "تنقيط الأهداف" (تنقيط الأهداف هو تحديدها على الخرائط للطائرات بهدف قصفها وتوجيه أشعة الليزر للهدف أثناء سقوط القنابل لتوجيهها)، ما يعني أن عناصر هذه الميليشيات تحولوا من منقطي أهداف إلى عناصر مشاة عاديين ما سوف يضطرهم لدخول المعركة بشكل حقيقي (وسيضغط عليهم دائما للهجوم والتقدم من قبل الداعمين)، ما يجعلها غرضة لخسائر كبيرة، وخصوصاً في حال عدم دخول النظام الذي يبدو مشغولاً كثيراً.

فبنية هذه الميليشيات العسكرية لا تسمح لها بتحمل عدد كبير من الخسائر، فتغيير بنيتها التي كانت تتكون منها سابقا (مجموعات من المتطوعين) والعمل بنظام التجنيد الاجباري بعد كم الخسائر الهائل الذي أصابها خلال معاركة مع الثوار ثم التنظيم والتي استنزفت نخبة عناصرها المدربين سابقاً، يعني أنها مؤهلة لتتعرض لانشقاقات وحالات فرار جماعي، إضافة لحالات رد فعل كبير وقوي من اهالي العناصر المجندين القتلى عند تعرضها للكثير من الخسائر، ما يجعلها غير مؤهلة للدخول في هكذا معركة بدون وجود قوات النظام.
إذاً عملية طريق خناصر، ومعركة دمشق تعتبران (بالإضافة لمعركة حماة) ضغطاً كبيراً على النظام، فهذه العمليات قد تدفعه للتخلي عن المشاركة في الهجوم على الرقة، وتركها بشكل كامل للأكراد، أو المشاركة بشكل رمزي (ما سيسهل على التنظيم الدفاع عن المدينة ويطيل أمد المعركة).
حيث لن يستطيع النظام تأمين العدد الكافي من القوات لمعركة الرقة ولتعزيز جبهاته في نفس الوقت، فهو بحاجة إلى 40 إلى 50 ألف عنصر للمشاركة في معركة الرقة، وفي حال سحب نخبة عناصره (الشبان) إلى المعركة وسلم الدفاع عن المناطق للفيلق الخامس، المكون من العجائز والأشخاص معدومي الخبرة العسكرية فستكون تلك بشرى سارة للثوار، الذين سوف يستطيعون الدخول إلى المناطق المحتلة بسهولة كبيرة.
أما إذا عمل العكس ودفع بالفيلق "الخامس" لمعركة الرقة، فستكون تلك نهاية "الفيلق" المكون أساساً من الأشخاص المعدومي الخبرة العسكرية والعجائز، والذين لن يكون لهم أي قدرة على تنفيذ عمليات حقيقية، وسيكونون عبئاً على القوات الأخرى في المعركة، وليس عنصر قوة فيها، وخسائره ستكون ضخمة ولا تعوض (بسبب انعدام خبرة العناصر وتدريبهم).
خلاصة القول، إن معركة الرقة فرصة كبيرة للثوار لاستنزاف النظام، والدخول في معارك هجومية ضد قواته التي ستكون ناقصة العدد والعدة في الكثير من المناطق، والتي سيضطر لسحب القوات منها بهدف حشدها باتجاه الرقة، ما يعني أن أي معركة تطلق ضد قواه خلال معركة الرقة أو قبيلها، ستكون مزدوجة التأثير والفاعلية، وستعود بالنفع الكبير على الثوار والمدنيين في المناطق التي يسيطر عليها الأسد.
فمعركة دمشق يبدو أنها ستقلب الوضع في الشرق الأوسط ككل، ولن تقف آثارها عند دمشق والنظام، ولكنها أيضا ستكون بداية سقوط النظام والكيان الانفصالي الذي تسعى الميليشيات الكردية بدعم من الغرب لاقتطاعه من سوريا.

مقالات ذات صلة

"تجمع أحرار جبل العرب": معركتنا مع النظام نكون أو لا نكون ومستعدون للمواجهة

تصريح أوربي يستهدف النظام بما يخص الحل السياسي في سوريا

نظام الأسد يناقش مع إيران عقد اتفاقيات تجارية وصناعية

"السورية لحقوق الإنسان" تكشف ما يفعله النظام بالمرحلين من لبنان

إطلاق خدمة الفيزا الإلكترونية .... واقع أم بالون إعلامي؟

كيف يواجه أهالي السويداء احتمالات تصعيد النظام العسكري عليهم؟