بلدي نيوز – (تركي مصطفى)
بعد معركة حلب, علت أصوات سياسية معارضة من عسكريين وسياسيين متوزعين في المنافي لتتلقف دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي رسم شكل التحرك السياسي الروسي في مرحلة ما بعد مذبحة حلب وتهجير سكانها, واصفا معركة حلب بالإنجاز الميداني البالغ الأهمية من الناحية العسكرية, مؤكدا عزمه مع أنقرة للدعوة إلى مفاوضات سورية-سورية في آستانة عاصمة كازاخستان.
وقال بوتين "اتفقنا مع الرئيس التركي على اقتراح دعوة الأطراف إلى مفاوضات في كازاخستان، نحن سنبلغ الحكومة السورية وتركيا تبلغ أطراف المعارضة", موضحاً أنه إذا وافقت الأطراف المعنية فإن المحادثات المقترحة لن تكون بديلاً بل ستكون مكملة لمسار جنيف.
وأول البيانات الصادرة عن المعارضة السياسية ما وزّعه المكتب الإعلامي لـ"لائتلاف الوطني السوري" جاء على شكل تصريح لأمين سر الهيئة السياسية رياض الحسن، اتهم فيه روسيا بجرائم حرب في سوريا، وأضاف أن هناك محاولات من موسكو لفرض معارضة جديدة من صنيعتها وصنيعة نظام الأسد وإيران، لتطبيق تلك الحلول التي لا تتماشى مع القرارات الدولية ذات الصلة في الشأن السوري، معتبرا أن الغاية من كل ذلك هو "تثبيت حكم نظام الأسد الديكتاتوري".
بدوره، صرح رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات أن الهيئة مستعدة للانضمام إلى محادثات سلام يعتزم الرئيس بوتين عقدها بشرط أن يكون هدفها تشكيل حكومة انتقالية.
وقال للصحفيين في كوبنهاغن بعد اجتماع مع وزير خارجية الدنمارك أندرس سامويلسن إنه إذا كانت هناك نية لحل سياسي حقيقي لتشكيل حكومة انتقالية لها صلاحيات كاملة فإن الهيئة العليا للمفاوضات تؤيد هذا الحل السياسي.
ومن السويد، رحب العميد المنشق مصطفى الشيخ رئيس المجلس العسكري سابقا بمؤتمر كازاخستان لحل الأزمة السورية ودعا كل السوريين لتأييده, حيث أشاد بالرئيس بوتين و"محاولاته الصادقة" لوضع حد للكارثة السورية.
هذا التباين في تصريحات المعارضة الخارجية المشرذمة ليست كل من ستدعوه موسكو, فهناك أحزاب سياسية صورية أنشأها الأسد خلال سني الثورة تصنفها روسيا على أنها جزء من المعارضة كما هي جزء من قاعدة حميميم العسكرية, وهناك هيئة التنسيق وتفرعاتها كمنصة القاهرة وغيرها من المنصات, ومعارضون مستقلون, علاوة على الائتلاف الوطني, فمن تمثل هذه المعارضة؟ وما هي مطالبها الواضحة؟
فالمعارضة التي تتخذ من مناطق سيطرة نظام الأسد مقرا لنشاطها تدعو للتمسك بالأسد والأجهزة الأمنية والجيش وترى في كل فصائل الثورة مجرد إرهابيين, بينما تتفاوت رؤية باقي أطراف المعارضة في الحل السياسي, ويبقى السؤال المهم هل هذه المعارضة قادرة على طرح مطالب واضحة من الروس, والحصول على ضمانات بشكل شرعي تلتزم فيها روسيا ويتم فرضها على الدول؟
إذا كانت المعارضة السياسية مشرذمة ومختلفة في أساسيات مطالب الشعب للسوري الثائر, وفي الطرف الآخر تقف فصائل الثورة منقسمة على ذاتها, فكيف لموسكو أمام هذا المشهد السوري أن تتخلى عن طهران؟
مؤتمر آستانة الذي دعا له بوتين هو هدف روسيا في استخدام الحضور كواجهة لتحقيق رغبتهم في تكريس احتلالها من خلال بقاء الأسد الذي استدعاها لإنقاذه من السقوط, فكل الذين رحبوا برؤية بوتين وما يرسمه في مؤتمره لا يملكون مدفعا على الأرض؛ فكيف لهم أن يرفعوا أصواتهم بمطالب جدية؟
فكل الذين سينضمون إلى معارضة حميميم في مؤتمر بوتين يضعون أنفسهم عملاء طوعيين للروس الذين إن رحلوا سيسلمون سوريا للإيرانيين كما فعل الأميركان مع صحوات السنة في العراق إذ تركوهم لقمة سائغة للحشد الشيعي الإيراني.