بلدي نيوز – (منى علي)
كشف مصدر مطلع من داخل المعارضة السورية لبلدي نيوز عن قبول الفصائل العسكرية بالمشاركة في مؤتمر أستانا القادم المزمع انعقاده في 3 و4 أيار/مايو الحالي، موضحاً أن روسيا تبدي اهتماما كبيرا لحضور جميع الأطراف السورية إضافة إلى الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة للوصول على الأقل لاتفاق يقضي بتثبيت وقف إطلاق النار في أربع مناطق.
وأضاف المصدر أن موسكو تريد إنجاح هذا الاجتماع، والوصول إلى وقف إطلاق نار حقيقي، وذلك بهدف إظهار نفسها أمام الولايات المتحدة الأمريكية على أنها تملك نفوذاً كبيراً داخل سوريا، وتملك أوراقاً تؤهلها لكي تدخل بصفقة مع واشنطن بما يحفظ مصالحها.
وبيّن المصدر أن المناطق الأربع التي جرى النقاش حولها هي "غوطة دمشق، وريف حمص الشمالي، وإدلب، ومنطقة درع الفرات(ريف حلب الشمالي)".
المقترح الروسي –المفترض- يشمل أيضاً إيجاد قوات فصل دولية (محايدة)، وحظراً للطيران لمدة ثلاثة أشهر، قابلة للتجديد.
إلا أن روسيا رفضت تقديم مقترح مكتوب للمعارضة، وقالت إن ذلك سيتم خلال الجولة الرابعة من مفاوضات أستانا، ما يدل على مكيدة جديدة كما عودتنا روسيا، إذ أن المقترح "الشفهي" سرعان ما يتم التنصل منه أو حرفه لمصلحة النظام بنسبة 180 درجة.
وكان وفد النظام قد وصل اليوم الاثنين إلى العاصمة الكازاخية، ويُتوقع وصول وفد المعارضة المسلحة اليوم.
المحلل السياسي والباحث السوري "عبد الرحمن مطر"، رأى أن "كل جلسات المشاورات التي جرت في أستانا بين موسكو وأنقرة وطهران، لم تستطع أن تضع اتفاق وقف إطلاق النار، موضع التنفيذ الفعلي، وفقاً لآليات محددة".
وأضاف "مطر" في حديث خاص لبلدي نيوز: "في مسار أستانا كانت جميع الأطراف المشاركة، تدور حول هدف أساس، هو الخروج من المأزق الذي آل إليه وضع كل منها، فلا النظام بعملياته العسكرية المتواصلة استطاع إخماد الثورة ضده، ولم يتمكن- على الرغم من كل المساندة العسكرية والأمنية التي يتلقاها من حلفائه الروس والإيرانيين، واستعادة سيطرته على حلب ومناطق أخرى - من أن يغير في واقع الجبهات التي تفتح في كل المناطق، فأضحى في وضع يقود إلى انهيار سريع، لولا المشاركة الروسية والإيرانية في العمليات العسكرية. بالمقابل فإن الفصائل العسكرية المعارضة، تعيش وضعاً مفككاً وتشرذماً كبيرين، وتزداد حدة الخلافات فيما بينها، وهو ما يُضعف قدرتها على المواجهة وعلى فتح جبهات تستمر لفترة طويلة تحافظ فيها على المنجز الذي يتحقق لها على الأرض".
وعن (الأطراف الضامنة)، قال الباحث "مطر": "الأطراف الضامنة أيضاً تبحث عن مخارج لها. الأهداف متقاربة، ولكن لكن منها غاياته وطرائقه التي يريد فرضها على الآخر، المقصود هنا، موسكو وطهران، أي إجبار الفصائل المسلحة على القبول بشروطها لإنفاذ وقف إطلاق النار. والحال أن العمليات العسكرية الجوية والبرية لم تتوقف، وهدفها إجبار الفصائل على الخروج، أو يتم تصفيتها".
وعن تقييم الجولات السابقة، أضاف مطر: "الواقع أن جميع الجولات السابقة، لم تؤد إلى أية نتائج، ولم تستطع الدول الضامنة للنظام أن تمنع اختراقاته اليومية لوقف إطلاق النار، بل كانت هي شريكة في العمليات العسكرية، وإذا كان الضامن طرفاً في القتال فكيف يمكن أن يعمل فعليا على وقف إطلاق النار، والقبول بآليات الالتزام التي تحدد شروط ذلك، والإجراءات المتبعة في مراحل التنفيذ، وفي وسائل إرغام الطرفين على الالتزام بها، ومعاقبة المنتهك لها".
وعلى أبواب الجولة الرابعة من مفاوضات أستانا، لم يتغير أي شيء، بل إن النظام استخدم الأسلحة الكيمياوية عدة مرات، بإشراف طرفين ضامنين هما موسكو وطهران. وليس ثمة ما يدعو إلى التفاؤل، لا يزال الغموض يلف كل شيء، واجتماع طهران الأخير للدول الضامنة الثلاث، لم يأت بجديد. والخوف هنا، أن تضطر الفصائل السورية إلى التسليم بالدور الروسي والإيراني، كجهات إشراف على وقف إطلاق النار والفصل بينها وبين قوات النظام، وهذا يعني فرصة جديدة لتكريس وجودهما الاحتلالي، بل وشرعنة له فيما لو قبلت الفصائل المسلحة. وفق الكاتب "مطر".
أما تركيا، الشريك والضامن في أستانا، فتبدو "في الظروف الحالية، ضمن مواجهاتها مع ميليشيات صالح مسلم، والدور الأميركي المنحاز لقوات سوريا الديمقراطية على الأرض، والتباس الموقف الأميركي سياسيا من الوضع في المنطقة، لا يجعلنا نثق بأن الأمور قد تتغير ولو قليلا. ليست هناك أية معطيات سوى أن موسكو وطهران تتمسكان بأستانا كورقة تفاوض على طاولة جنيف، لكن إدارة ترامب حتى الآن لم تضع هذا الملف على طاولة العمل، وهذا – في اعتقادي – يجعل الوضع قائما على ماهو عليه، ولن يحدث أي جديد في أستانا، وستبقى جميع القضايا معلقة بين محاولة ابتزاز الفصائل سياسيا، وإهمال وقف إطلاق النار على الأرض فعلياً".
وفي تقييم شامل للمشهد التفاوضي، يختم الباحث "عبد الرحمن مطر" بالقول: "الفصائل المسلحة وهيئة التفاوض، والمعارضة السورية في حيص بيص (إرباك)، تتأمل أن تحدث مفاجأة ما تقود فعلاً إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وهي تدرك تماماً أن ذلك يبدو غير ممكن، لا معطيات جديدة ولا تغير في المواقف، ومع ذلك لا يستطيعون رفض الذهاب.. ويذهبون كي لا يتهمون بأنهم تسببوا بإفشال أستانا.. الفارغ من كل شيء!".