بلدي نيوز – (منى علي)
سعت روسيا بشكل حثيث لإعادة الكرة السورية إلى نصف الملعب السياسي، بعد مجزرة خان شيخون الكيماوية، وما تبعها من ضربة عسكرية أمريكية مفاجئة لقاعدة الشعيرات حيث انطلق الهجوم الكيماوي.
وفيما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه اتفق ونظيره الأمريكي تيلرسون على ألا تتكرر تلك "الضربة"، أكدت واشنطن مراراً وتكراراً على أن تكرار الضربة ممكن إن لزم الأمر.
ولتطويق أي نزوع لحل عسكري أو احتمال شن ضربات أخرى، خاصة بعد التصعيد الأوربي ضد نظام الأسد، تسعى روسيا إلى بث الروح في المسارات التفاوضية شبه الميتة، من "أستانا" إلى "جنيف"، حيث أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أمس، إن طهران ستستضيف اليوم اجتماعاً ثلاثياً على مستوى الخبراء تشارك فيه إيران وروسيا وتركيا في سياق مسار أستانا المتوقع أن تنعقد جولته الرابعة في 3 و4 أيار/مايو المقبل. إلا أن المعارضة المسلحة التي تفاوض في أستانا لم تدلِ بأي تصريح حول المشاركة من عدمها بعد.
الجهد الإيراني يبدو منسقاً تماماً مع الجانب الروسي لتطويق الموقف والقضاء على التصعيد الأمريكي الأوربي، وفي هذا الصدد نُقل عن وزير الخارجية الروسي لافروف قوله إن بلاده لن تسمح بتقويض الجهود التي ترمي للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سوريا، وتحدث لافروف عن الاجتماع المزمع عقده في جنيف ويضم ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة: "نُخطط لإجرائه بعد الاجتماع المقبل في أستانا، ونأمل بأن يجد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا موعداً مناسباً لاستئناف محادثات جنيف، إذ تظهر تلميحات بأن المحادثات ستكون بعد شهر رمضان".
فهل تنجح موسكو مرة أخرى بامتصاص الصدمة وإعادة الأمور إلى نقطة الصفر، بأن تسيّر عجلات "الحل السياسي" هذه المرة على جثث أطفال خان شيخون المختنقين بغازات الأسد بعلمها وموافقتها؟
د. محمد الدغيم، عضو الائتلاف السوري المعارض، قال لبلدي نيوز: "سعت روسيا ومنذ بداية تدخلها في القضية السورية إلى إظهار نفسها على أنها الفاعل والمحرك الأول الذي بيده مقاليد كل شيء، فعلى الصعيد العسكري ومن خلال استخدامها القوة الغاشمة ضد قوى الثورة السورية واتّباعها القصف الممنهج لكل المؤسسات والمرافق الخدمية والصحية للحاضنة الشعبية للثورة فقد أجبر العديد من الفصائل على الموافقة على وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في أستانة حيث سعت روسياً من خلال ذلك لإبراز دورها وحجمها وتأثيرها وقدرتها على لعب دور سياسي في سوريا".
وأضاف عضو الائتلاف "د.دغيم" متوسعا في قضية أستانة: "سعت روسيا من خلال مؤتمر أستانة إلى إعطائه أهمية دولية لتضاهي بذلك مؤتمر جنيف سعياً منها لحرف المسار التفاوضي واللاعبين فيه.. حيث تصر روسيا على استثناء سوريي الخارج والمؤسسات الثورية في الخارج من لعب أي دور سياسي في الوقت الحالي والمستقبل".
وأضاف: "بعد عقد الاجتماع الأول والثاني ورفض الفصائل المسلحة حضور الاجتماع الثالث في أستانة نتيجة عدم التزام الروس والنظام بوقف إطلاق النار، فإن روسيا ماتزال مصرة على عقد الاجتماع الرابع في الخامس من مايو القادم ولاسيما بعد الضربة الأمريكية لنظام بشار الأسد المجرم رداً على استخدام الأخير السلاح الكيماوي في خان شيخون السورية، والتي كان لها ردود فعل إيجابية عالمية وسلبية من قبل حلفاء النظام، ولعل إصرار الروس على عقد مثل هذا الاجتماع يفسر ضمن محاولة الروس كسر العزلة الدولية بعد الإدانات الدولية للفيتو الروسي وتكشف حقيقة الجرائم الروسية والنظام الممالئ في سوريا"..
ولكن يبقى السؤال: هل ستحضر الفصائل المسلحة وممثلون عن المعارضة مؤتمر الأستانة بعد كل هذه الجرائم والعهود المزيفة من قبل الروس الذين اعتبروا أنفسهم بأنهم الضامن للاتفاقات المزمع التوصل لها في مؤتمر أستانة؟
السياسي وعضو الائتلاف المعارض الدكتور محمد الدغيم هو الذي طرح السؤال، موضحاً أن "الجواب على هذا السؤال يتوقف على مدى استقلالية القرار عند الفصائل الموقعة وحجم الضغوط التي قد تتعرض لها من قبل الدول الداعمة".