إيران تسعى لإبادة العرب السنة - It's Over 9000!

إيران تسعى لإبادة العرب السنة

ميدل ايست مونيتر-(ترجمة بلدي نيوز)

إن الهجمات العسكرية ضد الموصل في العراق وحلب في سوريا، ليستا متفاوتتين ومُنفصِلتين كما يتصور البعض، نعم تقع المدينتان في بلدين مختلفين، نعم إن قوات الأمن العراقية تقاتل تنظيم الدولة الإرهابي في العراق في حين أن ما تبقى من جيش النظام السوري يخوض معركته ضد فصائل المعارضة السورية التي اتحدت تحت لواء "جيش حلب"، ونعم إن روسيا تشارك الأسد وإيران في تدمير سوريا، في حين أن الولايات المتحدة متورطة في تدمير العراق، ولكن تجدر الإشارة إلى أمر ثابت ويربط كل هذه الخيوط، إن إيران هي الثابت الوحيد في كلا المعركتين، فضلاً عن كونها المستفيد الأول، نعم إنها تحاول تدمير وإبادة العرب السنة.

فلم يعد من السرّ مطلقاً بأنّ إيران وملالِيها هم المستفيدون الأوائل من الفوضى التي أطلقتها الخطة المجنونة للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش لتصدير وحش الديموقراطية الأمريكية إلى العراق في عام 2003، إيران الشيعية وبعد حضنها وتطويرها للمنظمات الإرهابية الطائفية منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، تمكنت بنجاح من إضافة لمستها من "دعمها" الإرهابيين مثل حزب الدعوة العراقي (المسؤول عن الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العراق، الكويت، لبنان وأماكن أخرى) وإدراجها في أعلى مناصب الدولة العراقية، يجدر الذكر أن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي وسلفه نوري المالكي ينضوون لذات الحزب الذي ترعاه طهران.

وقبل عام 2003، كانت قلّة قليلة من الناس تدرك الفرق بين السنة والشيعة، حتى في أوساط أولئك الذين يعيشون في العالم العربي، ومع ذلك بعد أن أخذت النزعة الطائفية المدعومة من إيران بالاستشراءِ للتجذّر في العراق، و قتل الآلاف بسبب أسمائهم السنية أو لأنهم من السنة الذين يعيشون في المناطق "المقدسة" لإيران الشيعية، فقد بدأ العالم فجأة بربط جميع أعمال العنف مع الأحداث التي وقعت قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام مضت، ومع ذلك فإن المشاكل في العراق لديها ارتباط أكبَر مع سياسات القوة والنفوذ والطموح الإيراني من تلك القضايا الدينية.
ولم تكتف إيران بقوتها التي برزت حديثاً وتأثيرها الجديد ونفوذها على عدوها السابق -العراق المجاورة، فقد واصلت حكومة الملالي في طهران مداعبتها الطويلة مع النظام السوري الذي تديره عائلة الأسد، كما كثّفت إيران من دعمها لحزب الله اللبناني -المنظمة الشيعية- التي سرعان ما ترقص في أي مناسبة حول دورها في "محور المقاومة"، و "مقاومتها" للتوسع الصهيوني الإسرائيلي، في الواقع فقد كانت إسرائيل هي الذريعة الأساسية للتوسعية الإيرانية عن طريق وكلائها الإرهابيين أمثال حزب الله !

و أصبحت هذه العلاقات والشراكات الاستراتيجية هامة عندما اندلعت الثورة السورية في عام 2011 والتي سرعان ما تحولت لتصبح حرباً عنيفة بعد أن بدأ نظام الأسد بقتل المدنيين الأبرياء، والذين كان منهم العديد من الأطفال كالطفل حمزة الخطيب والذي كان لا يتجاوز ال 13 من العمر، عندما أعادته قوات النظام إلى أسرته إثر احتجازه من مدرسته، مقتولاً بوجه مُنتفخ ومشوّهاً في عام 2011، بعد أن قطع قضيبه على أيدي المخابرات السورية الوحشية، والتي قامت بتعذيبه حتى الموت.

وحينها سرعان ما ألقت إيران بنفسها ووكلائها على الفور في دعم وحشية بشار الأسد، حيث رأت إيران في الثورة السورية الفرصة الذهبية للقضاء على العرب السنة بشكل أبعد، فضلاً عن سحب الديكتاتور السوري بشكل أعمق إلى مدارهم عن طريق جعله مديناً أبدياً للملالي، إذ أنه ودون طهران وروسيا من العام الماضي، فليس هناك أدنى شك في أن الأسد كان قد انهار منذ زمن طويل.

إن إيران الآن عازمة على سحق عدوها الوحيد الذي يستطيع الحد من خططها والقضاء على أمل تصدير ثورة آية الله الخميني "الإسلامية" في عام 1979 وتوزيعها على البلدان المجاورة، وهذا العدو هو وبطبيعة الحال، العرب السنة الذين يمثلون الديموغرافية الأكبر في المنطقة.

وبالإشارة إلى العرب السنة، فأنا لا أقصد الدول العربية السنية مثل السعودية أو قطر، إن هذه كيانات سياسية لا تمثل سوى جزء صغير من الزخم الذي يكوّن كيان العرب السنة، عوضاً عن ذلك فأنا أشير إلى العرب السنة كشعب وكهويّة، فإذا ما كان العرب السنة مسؤولون عن مصائرهم بدلاً من الاضطرار إلى التعامل مع الطغاة الذين يخدمون سادتهم الأجانب في الغرب خلافاً لمصالح شعوبهم، فإن من المستحيل حينها وصول إيران للقوة التي باتت عليها اليوم.
إن إيران تعرف هذا حقّ المعرفة، وهذا هو السبب في أنها لا تقوم فقط بتدمير معاقل الحضارة العربية السنية مثل الموصل وحلب، ولكنها أيضاً تقوم بهدم صميم فكرة وهوية معنى أن يكون المرء عربياً سنياً، حيث تتدفق الغالبية السنية العظمى الآن بملايين اللاجئين إلى أوروبا وغيرها من البلدان في جميع أنحاء العالم من الشرق الأوسط والذين هم من العرب السنة، إنها إحدى أكبر حملات تهجير السكان الشاملة في التاريخ البشري، في حين أن الفعل الأصغر والذي لا يقل خطورة، والأمثلة على هذا في جميع أنحاء المنطقة، تشمل قيام إيران بالتطهير الطائفي والعرقي والذي يمكن رؤيته بوضوح في أنحاء العراق وسوريا، حيث يتم طرد السنة خارج أرضهم من أجل إنشاء مناطق شيعية متجانسة و" "ممرات آمنة" ممتدّة من إيران وتمر عبر العراق إلى سوريا.

وترتكب إيران كل هذه الجرائم ضد العرب السنة بشكل مباشر من خلال ما يسمى بفيلق الحرس الثوري الإسلامي (الحرس الثوري الإيراني) أو بشكل غير مباشر من خلال العديد من وكلائها، مستخدمة متطرفي تنظيم الدولة كغطاء كامل، وذلك من خلال الزعم بمحاربة الإرهاب، لقد غطّى الملالي أنفسهم بالرواية المشتركة التي استخدمت من قبل القوى الامبريالية في جميع أنحاء العالم، والذين يدعون العمل من أجل السلام والنظام في المنطقة، في حين أنهم في الواقع يسلبون الشعب حريته وسبل عيشه، فقط أسألوا المدنيين عن الولايات المتحدة التي "قاتلت في الحرب على الإرهاب" في كل من العراق وأفغانستان ودمر البلدين بشكل كامل، أو اسألوا عن روسيا، والتي تدّعي بأنها تفعل الشيء ذاته اليوم في سوريا، في حين أنها تذبح الآلاف من السوريين الذين ليس لهم أي علاقة مع الإرهاب أو بالسياسة.

في الواقع فإن وزير الدفاع الأمريكي المفترض الجنرال جيمس ماتيس عرّف إيران بكونها الدولة التي استفادت أكثر من غيرها من وجود تنظيم الدولة، فعلى الرغم من كون إيران متطرفة شيعية وكون تنظيم الدولة متطرفاً سنياً يقول ماتيس: "أعتبر بأن "داعش" هي مجرّد ذريعةٍ لاستمرار إيران بأذاها في المنطقة"، كذلك قال ماتيس في وقت سابق من هذا العام، مضيفاً "إن البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي لم يهاجم من قبل "داعش" هو إيران".

في حين أن هناك شكوك حول قيام الرئيس الأمريكي الجديد -دونالد ترامب- بفعل أي شيء ملموس للحد من السياسة الخارجية التوسعية الإيرانية، فإن هناك شكوك كبيرة أيضاً بشأن قدرة الملالي على الحفاظ على إمبرياليتّهم بشكل دائم، لطالما مثّل العرب السنة الغالبية العظمى من سكان منطقة الشرق الأوسط، في حين أن تدمير المدن السنية الكبرى حتى مثل حلب والموصل لن يكون كافياً لمحو السنّة من الوجود، سواء أرغب النظام الإيراني المتعصب بفهم ذلك أم لا.

حتماً وقطعاً فإن العرب السنة -كشعب وليس بالضرورة كدول- سيقفون صفاً واحداً من أجل صد هذا التهديد الوجودي والإبادة الجماعية التي يواجهونها من قبل الطائفية الإيرانية، وعندما يأتي ذلك الوقت -وإنه سيأتي- فإن النظام الإيراني سيندم على اليوم الذي قرر فيه التحرك بعيداً إلى الغرب من جبال زاغروس نحو بلاد العرب السنة.

-طلحة عبد الرزاق: الباحث في جامعة إيكستر والمعهد الاستراتيجي للأمن والحائز على جائزة الباحث للجزيرة، تركّز أبحاثه على القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

"ناسفة" تستهدف قياديا من "قسد" شرق حلب

جرابلس..نفوق كميات كبيرة من الأسماك في بحيرة الغندورة

بالمسيرات والمدفعية.. النظام يصعد من قصفه بريفي حلب وإدلب

سكان حلب ومخاوف الوجود الإيراني بعد التطورات الأخيرة في ساحة الصراع الإيراني ـ الإسرائيلي

خارجية النظام تعلق على الاستهداف الإسرائيلي جنوب سوريا

100 مليون ليرة لتمويل حرفيي «جبرين» في حلب