بلدي نيوز – (عمر حاج حسين)
تواصل الميليشيات التابعة لإيران العمل على وضع استراتيجيات وخطط في مناطق نفوذها في محافظة دير الزور السورية، بهدف تعزيز استراتيجية تجنيد أكبر عدد من أبناء المنطقة الشرقية لصالحها، لإسناد مهمة ترهيب أهالي المنطقة من ميليشياتها وتسهيل مشاريع إيران الاقتصادية والأمنية دون أي عوائق.
وعلى الرغم من أن ظاهرة التجنيد لصالح إيران ليست بجديدة في بعض المناطق السورية وتحديداً في محافظة دير الزور، إلا أنها ازدادت بشكل كبير منذ مطلع شهر حزيران/يونيو الماضي عبر اتباعها أساليب جديدة استطاعت من خلالها ضم فئات عديدة من الشباب بعد إغرائهم بالمال والسلاح والصلاحيات غير المحدودة.
تشكيل عسكري لـ "نواف البشير"
قال مراسل بلدي نيوز بريف دير الزور الغربي، إن جهود إيران بدأت بالتزايد بداية هذا الصيف وتحديداً مطلع شهر حزيران الماضي، عندما ذاع صيت تشكيل جديد يُقدم مزايا عديدة للأشخاص المنتسبين له، يترأسه شيخ قبيلة البكارة "نواف البشير" وعدد من أبناء قبيلة البو سرايا، والذي حمل اسم "المقاومة الشعبية"، وأن مهامه الرئيسية استعادة آبار النفط في شرق الفرات.
يوضح المصدر أنه نتيجة الإغراءات التي روّج لها محلياً لهذا التشكيل، بدأ عدد من وجهاء بلدة الشميطية والقرى المجاورة لها في الريف الغربي للمحافظة، بالعمل بشكل علني مع "المقاومة الشعبية" عبر تجنيد الشبان لصالح التشكيل وتعزيز قوته في المنطقة.
وخلال السنوات الأخيرة، اعتمدت إيران على آليات مدروسة لتجنيد الشباب في سوريا، اعتمدت في معظمها على استغلال ظروفهم الاقتصادية والأمنية.
البشير يُجند أربعة وجهاء
وكشف مصدر محلي لـ "بلدي نيوز" عن أبرز وجهاء المنطقة التي أعلنت ولائها للتشكيل وباتت ذراعاً له في المنطقة وهم:
1- الوجيه "عبدالله الشلاش" وهو أحد مسؤولي المصالحات بين المعارضة السورية والنظام السوري، والذي اشتهر في خطاباته المتكررة خلال السنوات الماضية في إقناع المعارضين للنظام بالعودة إلى حضن الوطن والاحتماء به وإعلان ولائه له، مقابل السماح بالعودة إلى قريته ومنزله وإيقاف الملاحقة الأمنية ضده.
2- الوجيه "غانم السليمان" والذي عمل سابقاً مسؤولاً في مكتب العشائر لدى تنظيم "داعش" أثناء سيطرة الأخيرة على المنطقة، ليعمل عقب طرد التنظيم عضو في لجنة المصالحة مع النظام السوري، ومن ثم عميلاً لمليشيات إيران، إذ يقتصر عمله مع التشكيل الجديد على إقامة ولائم تجمع الوجهاء المحليين مع قادة الميلشيات الإيرانية، إضافة إلى ترغيب الشباب في التجنيد لصالح التشكيل مع ابن شقيقه المدعو "قاسم السعران".
3- رئيس بلدية الشميطية السابق "أحمد السلامة" وعضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة دير الزور حالياً، والذي زار إيران مرات عدّة خلال السنوات الماضية، إذ يُعرف محلياً أنه مقصداً لكل من يبحث عن فرصة للعمل لدى الإيرانيين، إذ نوّه المصدر أن "السلامة" شوهد مرات عدّة وهو يرافق الوفود الإيرانية التي تزور المدراس بحجة توزيع قرطاسية ومساعدات.
4- رجل الدين "فارس الأحمد الخضر" والذي تربطه علاقة قويّة مع إيران منذ عام 2005، إذ اشتهر بأنه الراعي للعديد من الأنشطة الثقافية الإيرانية غربي دير الزور، أبرزها استقطاب المتفوقين والمتعلمين لمتابعة دراساتهم العليا في إيران على نفقة الأخيرة، إذ تؤكد المصادر أن "الخضر" عاش في قرية الصعوة الواقعة شرق نهر الفرات حتى سنة 2018، بيّد أنه انتقل بعدها إلى بلدة الشميطية للعمل لصالح إيران منذ ذاك العام.
تجنيد 200 شاب خلال ثلاثة أشهر
واستطاع هؤلاء الوجهاء منذ مطلع حزيران حتى نهاية آب الماضي، من تجنيد العشرات من شبان المنطقة، فيما تفاوتت نسب التجنيد من شخصية لأخرى وفقاً لما رصدته مصادر متنوعة لـ "بلدي نيوز".
وتؤكد المصادر على أن المدعو "عبدالله الشلاش" استطاع تجنيد نحو 40 مقاتلاً منهم 10 من أقاربه، فيما تمكن "غانم السليمان" من تجنيد نحو 30 شاباً، بينما استطاع المدعو "فارس الخضر" من تجنيد العدد الأكبر، إذ بلغت حصيلة الشبان الذي جندهم لصالح التشكيل الجديد 130 شخصاً، منهم 85 شاب من قرية الصعوة في شرق الفرات، و45 آخر من بلدة الشميطية وما حولها.
مكاسب المنتسبين
ويحصل المجندون وفقاً للمصادر على راتب شهري يبلغ 500 ألف ليرة سورية، إضافة إلى سلة غذائية، بالإضافة إلى بطاقة أمنية تسمح له بالتجوال في مناطق سيطرة الميلشيات، فيما يحق للمجندين الذين لا يزالون يدرسون في مؤسسات النظام ميزة التوجه إلى إيران لإتمام دراستهم في الجامعات الإيرانية.
وأمّا الوجهاء فيحصلون على مزايا أكبر ورواتب أعلى، وفقاً للمصادر، إذ يحصلون على مكافأت شبه يومية على كل شخص جديد يتمكنون من إقناعه بالانضمام إلى التشكيل الجديد.
مهام المجندين
يخضع جميع المنتسبين بداية انضمامهم إلى دورة "تثقيفية"، لتنتهي بتكليف كل شخص ينتمي للمليشيات بمهمة رئيسية وهي إقناع وتجنيد أشخاص آخرين مقابل حصولهم على مكافأت، ومن ثم يطلب منهم المشاركة في الترويج لإيران في المجتمع المحلي عبر الأحاديث والجلسات الأهلية، ثم يكلفون بمهمات أمنية بسيطة كـ "جمع معلومات عن أشخاص أو تحركات"، فيما يكلف بعضهم بترهيب السكان وترويعهم من خلال تخويفهم من عاقبة معاداة إيران وميلشياتها، ثم يتم انتقاء بعضهم للعمل في ترويج وتجارة المخدرات، أو العمل في مقرات إيرانية كـ "مركز الترسيم" الذي افتتح مؤخراً بين بلدتي المسرب والشميطية.
المجتمع متخوف
ويتخوف سكان محافظة ديرالزور من هذه التحركات الإيرانية، وفقاً لمصدر من داخل بلدة "الشميطية"، والذي أكّد لـ "بلدي نيوز"، أن التخوف رافقه ازدياد أعداد المقرات الإيرانية وتحديداً غربي المحافظة والتي تمتد من منطقة "عياش إلى الخريطة إلى الشميطية والمسرب ومنجم الملح في التبني، وصولاً إلى معدان"، إضافة إلى مقرات في البادية المجاورة.
وتشير المصادر إلى أن الميلشيات تورط أهالي ديرالزور بشكل دوري في مشاريعها الحربية لتجعل منهم دروع بشرية لها ولقواتها، بالإضافة إلى أن توسعها يترافق بالاستيلاء على العديد من الأراضي والمنازل في كل قرية، وسط عجز تام من الأهالي بالدفاع عن أنفسهم.
ووفقاً لتقرير استقصائي مشابه، نشرته صحيفة واشنطن بوست في حزيران الماضي، مفاده أن إيران وحلفاؤها تقوم بتجنيد وتدريب قوات لاستخدام متفجرات أقوى وخارقة للدروع بهدف مهاجمة المركبات العسكرية الأميركية وقتل الجنود الأميركيين.
ولفتت الصحيفة إلى أن مثل هذه الهجمات ستشكل تصعيدا لحملة إيران الطويلة الأمد باستخدام المليشيات العميلة لشن ضربات صاروخية وباستخدام المسيّرات ضد القوات الأميركية في سوريا.