بلدي نيوز
قال السفير الأميركي في دمشق "روبرت فورد"، إن "رامي مخلوف" وجه له ولزوجته دعوة عشاء في مارس/آذار عام ٢٠١١.
وروى السفير، في مقال نشرته "الشرق الأوسط"، أن المنزل كان على درجة عالية من الضخامة، وكأنه منزل الأحلام في مدينة كاليفورنيا الأمريكية على أرض سورية في ريف دمشق، لدرجة أنه استغرق الوقت للوصول من البوابة الخارجية للمنزل خمس دقائق بالسيارة على سرعة ٢٠ كيلو متر في الساعة.
في المنزل
يقول فورد "حضر والد رامي العشاء، وطلب مني معرفة تاريخ يوم ميلادي أنا وزوجتي، وذكر بعض التكهنات وماذا سيحدث بشأن مستقبل كل منا بناء على تسلسل الأرقام، وانصدم عندما انتقدت قمع الحكومة السورية للانتفاضة السورية.
على العشاء
ويضيف السفير الأمريكي "بدت زوجة مخلوف أنيقة؛ لكنها لم تنطق حرفاً واحداً طوال الأمسية، وكان الطعام ممتازاً وشهياً للغاية، مثلما هي العادة مع المطبخ السوري؛ لكن كان هناك طبق صغير فحسب، وعلى خلاف جميع مآدب العشاء التي حضرتها على مدار 30 عاماً قضيتها في العالم العربي، لم يعرض المضيف علينا مزيداً من الطعام. وكان رامي مهذباً، ولم يستفسر عن العقوبات التي تفرضها الحكومة الأميركية ضده منذ عام 2008، وامتنعت أنا أيضاً عن إثارة هذه المسألة".
تحذيرات مخلوف
يقول فورد إن "رامي مخلوف حذر المتظاهرين والغرب من أن الصفوة الحاكمة في دمشق ستقاتل لأخر رمق، ولن يرضخوا لأي تغيير، وشدد مخلوف على أن الحكومة السورية تقاتل في مواجهة تمرد يسيطر عليه سلفيون خلال مقابلة أجراها مع صحيفة "نيويورك تايمز" في مطلع شهر مايو/آيار عام ٢٠١١".
امتعاض الأسد من مخلوف
ويكشف فورد أن وزير الخارجية "وليد المعلم" والمستشارة "بثينة شعبان" أخبراه وقتها أن الرئيس الأسد ملتزم بالإصلاح ووقف العنف، والأسد غير راض عن تصريحات مخلوف، لكن التاريخ يثبت أن الكلمات التي أطلقها رامي كانت دقيقة.
رامي بعيون السفير
يقول فورد في مقاله أنه وبعد مرور تسع سنوات، عاد "رامي" اليوم للحديث من جديد؛ لكن هذه المرة عبر "فيسبوك"، ليخبرنا أنه اكتشف أن "الجهاز الأمني يعتدي على الناس، وينتهك حرياتهم" يا له من أمر مروّع! واكتشف أن الحكومة تحتجز وتهدد مواطنين مخلصين، هذا أمر غير إنساني! واكتشف أن هناك فساداً داخل الحكومة السورية، قائلاً إنه يرفض سداد الضرائب؛ لأنه لا يرغب في انتقال الأموال إلى جيوب آخرين. تخيلوا أن هناك لصوصاً في دمشق! واعترف بأن عائدات شركاته ساعدت في تمويل الجهاز الأمني، وبأنه كان الراعي الأكبر لهذا الجهاز، وبأنه شعر بصدمة لدى علمه أن جهاز المخابرات الآن يلقي القبض على مديرين بشركاته. الحقيقة أن من يزرع الريح يحصد العواصف.
الوقت سيكشف المستور
ويقول فورد "هناك آراء متباينة إزاء السبب وراء الانقسامات داخل النظام السوري الغامض. واللافت أن بعض المحللين والشركات الروسية اكتشفوا هم أيضاً وجود فساد في دمشق ويشكون منه اليوم. أو بمعنى آخر أنهم كانوا يعلمون بوجود الفساد من قبل؛ لكنهم اليوم يطالبون بسداد قروض من خزانة الأسد الفارغة، ولذلك تحول الأسد بعينيه نحو أموال نجل خاله. وتبعاً لما ذكره أحد المحللين السوريين، فإن أسماء الأسد ورامي يقاتلان من أجل السيطرة على الاقتصاد السوري. وينبغي لنا هنا أن نتذكر أن أسماء الأسد كانت مديرة في بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري بلندن، قبل زواجها من بشار، وبالتالي فإنها قادرة على استيعاب ألاعيب رامي. واطلعت على تحليل سوري آخر يشير إلى أن رجل الأعمال "خضر الطاهر"، أحد أفراد حاشية الجنرال "ماهر الأسد"، يحاول الآن منافسة "رامي مخلوف" في بعض القطاعات الاقتصادية. وفي وقت قريب، أدلى مسؤول أميركي رفيع بتصريحات لـ"الشرق الأوسط" ذكر فيها أن العقوبات الأميركية تستهدف الإضرار بالنخبة السورية، من أجل إقناعهم بقبول الانتقال السياسي.
التاريخ لا يعيد نفسه
ولا يتوقع فورد أن تسهم الانقسامات داخل النخبة السورية الحاكمة في تحقيق انتقال سياسي قريبا، ويقول "لقد كنت طالباً في القاهرة عام 1984، عندما حاول رفعت الأسد الانقلاب ضد شقيقه حافظ. في ذلك الوقت، لم يتدخل الروس، ونجح حافظ في الإبقاء على مقاليد السلطة بيده.
وكان شقيق رامي، حافظ مخلوف، مسؤولاً رفيعاً في جهاز الأمن العام؛ لكنه غادر البلاد عام 2014 بعد خلاف مع آل الأسد".
رضا أوغاد المخابرات
وينهي السفير الأمريكي مقاله قائلا "يعتقد كثيرون أن التفجير الذي وقع عام 2012، وقتل عدداً من كبار المسؤولين السوريين، بينهم وزير الدفاع وزوج شقيقة بشار، آصف شوكت، كان مدبراً من قبل مجموعة داخل النظام مناوئة لمجموعة آصف. لا أعلم الحقيقة؛ لكن أرملة شوكت وشقيقة الأسد، بشرى، فرت إلى دبي. ومع هذا، وعبر كل ذلك ظل آل الأسد في سدة الحكم. الأهم من ذلك، أن جهاز الأمن ظل موالياً لبشار. ويوحي حديث رامي عبر "فيسبوك" بأن بشار يعي أنه يجب عليه الاحتفاظ برضا أوغاد المخابرات.