بلدي نيوز – (منى علي)
صدمت تصريحات روبرت فورد، آخر سفير أمريكي في سوريا، كل السوريين المناصرين للثورة وكذلك المتعاطفين معها حول العالم، بما حوته من "انهزامية" ويأس وفضح أسرار أمريكية، فاتحة الباب واسعاً أمام قراءة الدور الأمريكي في بقاء نظام الأسد وعدم التعامل بجدية مع محاسبته أو العمل الفعلي على إسقاط نظامه المجرم، كما وصفته واشنطن مئات المرات على مدى سنيّ الثورة السبع.
تصريحات فورد لصحيفة الشرق الأوسط، التي قال فيها إن "الأسد انتصر" وإن الولايات المتحدة لم يعد بإمكانها التدخل ضد الوجود الإيراني بسوريا بشكل حاسم، بل إن إيران ستخرج أمريكا من شرق سوريا على غرار ما حصل في لبنان عام 1983.. واعترافه بخذلان الثورة السورية من قبل واشنطن خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما، كل هذه التصريحات قوبلت باستغراب وذهول من السوريين وحلفاء الثورة، ورأوا فيها تسويقاً للمساعي الإيرانية لاحتلال سوريا احتلالاً عسكريا مباشرا.
كما أن تصريحات فورد، وإشارته إلى عجز إدارة ترامب عن مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في سوريا، لا تصدقها الوقائع، إذ أن ترامب انتهج سياسة مغايرة تماما لنهج سلفه أوباما في سوريا، ليس على الصعيد السياسي بمقدار ما كانت تدخلات عسكرية حاسمة إلى حد ما، وفق ما رآه محللون، ابتداء من ضربة مطار "الشعيرات" العقابية، إلى استهداف قوات النظام وحلفائها غير مرة في البادية السورية، وإقامة قواعد عسكرية محمية في البادية والرقة والشمال، وليس أخيراً إسقاط طائرة مقاتلة للنظام منذ يومين في سماء الرقة.
الكاتب الصحفي "نجم الدين سمان" رأى أن "سياسة الاحتواء المزدوج للثورة السورية مستمرة؛ وبخاصة بعد أن نجحت كلّ الأطراف صديقة ومُعادية في تحويل الصراع إلى صراع مذهبي؛ إقليمي؛ أُضِيفَت إليه ذريعة (مكافحة الإرهاب).. كلٌّ بما يخدم مصالحه هو؛ كما إلى تواجد دولي أيضاً كما في (حميميم) الروسية وفي (القامشلي) الأمريكية؛ وما يزال الاتفاق بين أمريكا وروسيا على إدارة الصراع ساري المفعول؛ وهدفه في المحصلة إضعاف جميع الإطراف على الأرض وجعلهم مجرّد تابعين لذاك الطرف وتلك الجهة".
وأضاف الصحفي السوري "نجم الدين" في حديث لبلدي نيوز أنه "ليس بجديدٍ تصريح السفير فورد عن خديعة أمريكا للسوريين؛ فقد عرف السوريون منذ 2013 بأن دول أصدقاء سوريا ماهي إلا دول الأصدقاء الأعداء: وفي النحت اللغوي يمكننا القول: (دول الأعدقاء) لأنها عملت على احتواء ثورتنا منذ بداياتها؛ ومايزال التعاون بين مخابرات تلك الدول وبين مخابرات النظام الأسدي وإيران وروسيا متواصلاُ؛ كما لا يزال الجعفري في كرسيّ دولة سوريا في الأمم المتحدة؛ لم ينزع أحدٌ شرعيته كنظامٍ قاتلٍ لشعبه؛ وحتى تحت بند (الدولة الفاشلة) المنصوص عنه في ميثاق الأمم المتحدة ذاتها".
وعن ترامب وإدارته وسياساته في سوريا، قال "نجم الدين": "من يراهنون على إدارة ترامب من السوريين.. فهم إما يُعُشّمون أنفسهم بالأمل من إبليس؛ أو أنهم في ركابها كطبّالين بالمياومة؛ ومنذ بدأ التهليل لترامب بين السوريين كما بين العرب كتبتُ زاوية ساخرة: (ترامبيشين الثالث عشر)؛ عن الكاوبوي الذي صار تاجراَ ثم رئيساً؛ وذاك ثالوثٌ في البشر لا يُمكن الوثوق به إطلاقاً".
تبقى إدارة الصراع على الأرض، وما يملك السوريون أنفسهم من أطرافها، هي الفيصل في الحسم، ومعارك درعا المشتعلة تنبئ حتى اليوم بأن التماسك والعمل الموحد يمكن أن يقهر إرادات أكبر الدول وجيوشها مجتمعين.