جميع المخارج أغلقت بوجه السوريين الفارين من جحيم الحرب - It's Over 9000!

جميع المخارج أغلقت بوجه السوريين الفارين من جحيم الحرب

IRIN – ترجمة بلدي نيوز

في وقت سابق من هذا الأسبوع، -وبشق الأنفس- توصل قادة الاتحاد الأوروبي الى اتفاق مع تركيا، يهدف الى إنهاء أزمة الهجرة التي ازدادت منذ العام الماضي، ففي الأسابيع الأخيرة تقطعت السبل بعشرات الآلاف من المهاجرين واللاجئين في اليونان.

لكن الاتفاق يغض الطرف عن حقيقة أن الأعداد الكبرى من طالبي اللجوء، هم من العالقين في سوريا، والغير قادرين على الوصول إلى بر الأمان، فحتى يستطيع السوريون التقدم بطلب للحصول على حق اللجوء في أوروبا عليهم الوصول إلى هناك بأنفسهم، لأن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد أغلقت سفاراتها في سوريا منذ بداية الصراع، وحتى السفارات والقنصليات في الدول المجاورة كانت مترددة في معالجة طلبات التأشيرات واللجوء.

وعندما اندلعت الحرب في سوريا في أذار 2011، كان من السهل نسبياً، في البداية، بالنسبة لمعظم اللاجئين مغادرة البلاد، ومن لم يكن قادراً منهم على تحمل عبء السفر المادي جواً، تدفقوا بموجات من عشرات الآلاف عبر الحدود البرية إلى الأردن ولبنان وتركيا، ولكن هذه المعابر الواحدة تلو الأخرى، باتت محددة جداً أو أغلقت تماماً في وجوههم.

فلقد أغلق الأردن حدوده أمام الغالبية العظمى من السوريين في أيلول عام 2014، ولكن لا يزال العديد منهم يصلون إلى هناك، أما أعداد من تقطعت بهم السبل هناك عند نقاط العبور في مناطق صحراوية بالقرب من "ركبان" و "هدلات" ، فهي تزداد بشكل كبير منذ كانون الثاني ووصلت إلى الآن إلى أكثر من 37.000 ألف لاجئ .

وكان لبنان محطة شعبية للاجئين، حيث كان من السهل دائماً عبور الحدود اللبنانية، ومن هناك كان اللاجئين السوريين يستخدمون أموالهم إما للسفر جواً أو بالقوارب إلى تركيا –التي ينظر إليها على أنها أفضل بوابة للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا- نظراً لقربها من اليونان وحقيقة أن السوري كان لا يحتاج إلى تأشيرة للوصول إلى هناك.

لكن لبنان أيضاً قد أنهى سياسة الباب المفتوح التي اتبعها مع للسوريين في كانون الثاني 2015 عندما قدم لوائح جديدة تتطلب منهم تقديم طلب للحصول على تأشيرات يصعب جداً الحصول عليها،  أو عن طريق كفيل لبناني قد يسمح لهم بالدخول، وفي كانون الثاني عام 2016، بدأت الحكومة التركية تطلب تأشيرة دخول للسوريين القادمين عن طريق البر أو البحر، مما يعني فعلياً قطع لبنان كطريق إلى أوروبا.

أما الخيارات الأخرى فهي قاتمة: وتتضمن الحدود العسكرية المدججة بالسلاح والتي تحرسها الأمم المتحدة مع اسرائيل وتؤدي إلى مرتفعات الجولان المتنازع عليه، وطالبي اللجوء لا يمكن أن يتخطوها!

بالنسبة للعراق، ولا سيما منطقة كردستان شبه المستقلة، فقد شهدت تدفق اللاجئين السوريين في عام 2013، والآن أغلقت الحدود في الغالب بوجه طالبي اللجوء.

مصر، وهي الممر الجوي والبحري لطريق الخروج، أغلقت أبوابها أمام السوريين الذين لا يملكون تأشيرات في حزيران 2013، كما تم وضع لافتات "ممنوع الدخول" في كل مكان آخر، وأصبح الخيار البري المحفوف بالمخاطر من خلال الحدود السورية الشمالية لتركيا هو الأكثر استخداماً بالنسبة للاجئين السوريين.

لكن تركيا، البلد المضيف الأكثر سخاء من حيث الأعداد الهائلة من السوريين ولفترة طويلة، قد أغلقت آخر معبرين رسميين للحدود أمام طالبي اللجوء في أذار 2015، وفي الأشهر الأخيرة فرضت مزيداً من الرقابة على الحدود تستهدف ليس فقط تضييق الخناق على مهربي البضائع والأشخاص، ولكن أيضاً لمنع المقاتلين الأكراد والمسلحين من ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية من عبور حدودها مع سوريا.

والآن، المسارات الوحيدة المتبقية -لأولئك الذين يقدرون عليها- تشمل المعابر غير الشرعية الصعبة والخطيرة براً إلى تركيا، وعادة بمساعدة مهربي البشر.

أحمد وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 26 عاماً من مدينة حلب، وزوجته أماني، بعد أن دمر منزلهم جراء القصف، دفع للمهربين ما مجموعه 650 دولار في مقابل محاولتين لتهريبهم وطفليهما من حلب وإلى تركيا باستخدام واحدة من هذه الطرق، حيث التفوا حول الطرف الشمالي الشرقي من محافظة اللاذقية في سوريا، قبل العبور بشكل غير قانوني إلى بلدة حدودية تركية  اسمها " Yayladaği".

يقول أحمد:  "لم نفكر مسبقاً بترك حلب"، وأضاف: "ولكن عندما تصاعدت وتيرة الغارات الروسية وقصف النظام السوري، أدركنا أن البقاء يعني ببساطة... الموت".

لم يستغرق وقتاً طويلاً من أحمد وعائلته حتى يتخلصوا مما تبقى من ممتلكاتهم، واستخدموا مالاً كانت قد أرسلته والدة اماني، والتي تعمل كعاملة نظافة في مدينة غازي عنتاب التركية، ودفعوا للمهرب مبلغ 400 دولار للوصول بالحافلة إلى مخيم غير رسمي في اللاذقية، وانتظروا هناك حتى حلول الظلام ثم انطلقوا سيراً على الأقدام من خلال الغابات، والتضاريس الجبلية التي يفضلها المهربين بسبب التغطية التي توفرها من حراس الحدود التركية.

وأضاف احمد: "كان أطفالي خائفين جداً بسبب إطلاق النار على بعد مسافات منا، كما ضاعت أحذيتهم في الوحل، وتخلينا عن كل حقائبنا لمواجهة الطريق الشاق".

ومن ثم وصلوا  لـ Guvecci - قرية حدودية صغيرة داخل تركيا- قبل أن تطوقهم الشرطة التركية ويقتادوا إلى قاعدة عسكرية مع مئات من السوريين الآخرين، وتم الاحتفاظ  بالنساء والأطفال في غرفة واحدة، فيما وضع الرجال في مكان آخر، يقول أحمد: "بقينا هناك دون غذاء ولا ماء ولا حتى بطانية لندفئ أنفسنا".

وأردف أحمد: "كان هناك رجل ينزف بعد إصابته برصاصة من قبل الشرطة ولم يقم أحد بمساعدته" ، وفي صباح اليوم التالي، وعلى الرغم من كل ما مروا به.. أعيدوا الى سورية".

ورفضت عائلة أحمد الاستسلام، ودفعوا للمهربين مبلغاً أقل 250 دولار لعملية تهريب ثانية، ولكن الأمور لم تسر بسلاسة، ويصف أحمد التجربة برمتها بأنها "مثل فيلم أكشن".

حيث تم تقسيم المجموعة الكبيرة إلى اثنتين، وانطلقوا في طريقهم، وقد تم اعتراض المجموعة الأولى من قبل الشرطة التركية وتعرضوا لإطلاق النار، فيما استطاع أحمد وعائلته مع المجموعة الثانية من الوصول إلى Güveççi، حيث تم تسليمهم لمهرب تركي واقتيدوا إلى Yayladağı، وهاتاي، وأخيراً إلى غازي عنتاب، حيث تم لم شملهم مع والدة أماني.

هذا وتحذر المنظمات الإنسانية، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش من ذلك، جيري سيمبسون، أحد كبار الباحثين في شؤون اللاجئين مع هيومان رايتس ووتش، قال لصحيفة "IRIN": "لم يعد يوجد طرق قانونية للخروج من سوريا منذ عدة أشهر، فالأردن ولبنان وتركيا قد أغلقوا حدودهم تماماً، تاركين المدنيين السوريين مع خيار وحيد هو استخدام المهربين للفرار، وأجبروا أولئك الذين بقوا في سورية للمخاطرة بحياتهم تحت سماء معادية على نحو متزايد، بما في ذلك المناطق الحدودية الخطيرة للغاية قرب تركيا".

من الناحية العملية،  فقط جزء صغير من أكثر من 85.000 ألف لاجئ تشردوا من منازلهم خلال شهر شباط كانوا قد دخلوا تركيا خلال شهر شباط، قبل اتفاق وقف إطلاق النار الهش، حيث أرسلت الضربات الجوية الروسية والقوات البرية الموالية للنظام عشرات الآلاف من السكان إلى الحدود التركية ، وما يقرب من 70.000 ألف سوري يقيمون الآن في ثمانية مخيمات في منطقة عزاز، بالقرب من معبر باب سلامة.

وقالت تركيا أنها سمحت لـ 10.000 آلاف منهم بالعبور، لكن منظمة العفو الدولية قالت أن هذه مجرد مزاعم، وأنه لم يسمح بالعبور سوى للحالات الطبية الحرجة.

النزوح طويل الأجل

كما أن الأوضاع في المخيمات، والتي تضاعفت بعدد السكان خلال شهر شباط، هي الآن مزدحمة جداً، مع ثلاث أو أربع عائلات تتقاسم نفس الخيمة في ظروف جوية باردة جداً، وعدم وجود مرافق طبية كافية.

وفي مطلع شهر شباط، فتحت تركيا مؤقتاً الحدود قرب Yayladağı للسماح للتركمان من الفرار من تقدم النظام السوري في اللاذقية، وعبر أكثر من 7.000 الحدود قبل إغلاقه مرة أخرى، تقول أم عبدو عن ذلك: "إن لم تكن تركياً أو تعاني من جروح خطيرة ففرصتك الوحيدة بدخول تركيا هي بطريقة غير مشروعة".

وقد سجلت تركيا أن لديها حوالي 2.7 مليون سوري يعيشون تحت حمايتها المؤقتة كلاجئين، ولكن آلاف السوريين لم يسجلوا بعد عند الحكومة كلاجئين، ومع اتفاق تركيا مع الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، سيتدفق عشرات الآلاف من اللاجئين إلى تركيا من اليونان.

وطالب لبنان مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، بالتوقف عن تسجيل لاجئين سوريين جدد في أيار 2015 ولكن في آخر إحصاء، قالت الحكومة اللبنانية أنها تستضيف أكثر من 1.1 مليون نسمة، كما و تم تسجيل 637.000 ألف لاجئ جديد في الأردن.

وتقر جماعات حقوق الانسان ووكالات الإغاثة بأن البلدان المجاورة قد تحملت العبء الأكبر من آثار الحرب الأهلية الطويلة الأمد في سوريا، ولكن يصر أولئك الذين يحاولون الفرار من الصراع بأنه يجب أن تكون هناك وسيلة آمنة للخروج، وقال المتحدث باسم المفوضية أندرياس نيدهام إيرين: يجب على كافة البلدان تقاسم المسؤولية، وعلى البلدان في المنطقة وخارجها أن يستمروا بالسماح  بوصول اللاجئين الفارين من الموت في سورية، وأن لا يقوموا بإعادة من طلب الأمن من القتل والحرب".

ومع ذلك، يستعد الاتحاد الأوروبي لبدء بإعادة اللاجئين إلى تركيا، ولا يوجد أي إشارة لوجود طريق قانوني للمدنيين الفارين من ويلات الحرب في سورية، وبالتالي هم محاصرون بالموت من كل الجهات.

 

مقالات ذات صلة

تصريح تركي بشأن عملية "ردع العدوان"

زاخاروفا"موسكو تدعم سوريا وشعبها والحفاظ على استقلالها وسيادتها"

آخر تحديث.. "ردع العدوان" على بوابة حلب أهم المواقع التي سيطرت عليها

آخر التطورات.. المناطق التي سيطرت "ردع العدوان" في يومها الثالث

تجاوزت المئتين.. وسائل إعلام موالية تنشر اسماء قتلى النظام في "ردع العدوان"

نحو 20 قتيلا وعشرات الجرحى بقصف النظام وروسيا على شمال غرب سوريا