Bloomberg View – ترجمة بلدي نيوز
بعض المسؤولين في أوروبا يرى أن لروسيا يداً في أزمة الهجرة المتزايدة، متهماً الكرملين بالعمل على تفاقم المشاعر المعادية للمسلمين لصالح الأحزاب اليمينية في لحظة "ضعف" للاتحاد الأوروبي.
وحتى قبل أحدث الهجمات الإرهابية في بروكسل، كانت المشاعر المعادية للمسلمين واللاجئين في تصاعد مستمر، ومعظم اللاجئين الذين يصلون إلى اوروبا يهربون من الحرب والفقر في الشرق الأوسط ويسعون للحصول على حياة أفضل في الغرب.
ولكن وفقا لمسؤولين أوروبيين، غيرهم من المهاجرين يسافرون أيضاً إلى الدول الاسكندنافية ودول البلطيق من روسيا، ولا يفرون من القتال في سوريا أو العراق أو أفغانستان، بل كانوا يعيشون في روسيا ويتم تشجيعهم من قبل الكرملين للانضمام إلى مد المهاجرين الذي يغرق أوروبا الغربية.
وعند التحدث إلى العامة في منتدى "مارشال" الألماني في بروكسل، في نهاية الأسبوع الماضي، قال الرئيس الاستوني "توماس هندريك إلفيس" أن هؤلاء المهاجرين غالباً ما يخفون وضعهم باعتبارهم مقيمين دائمين في روسيا، وأضاف "لقد رأيت عدة آلاف قادمين من فنلندا عبر الحدود الروسية الفنلندية، هناك شيء مريب جداً يحدث".
وتشجع روسيا هؤلاء المهاجرين، وفقاً لإلفيس ومسؤولين أوروبيين آخرين في المنتدى، لأن من شأن ذلك إرهاق الحكومات الأوروبية وتأجيج المشاعر المعادية للمسلمين التي يستفيد منها أحزاب اليمين المتطرف التي تدعمها روسيا.
واكتسبت الأحزاب الموالية لروسيا نفوذاً في سلوفاكيا، اليونان، المجر، فرنسا وأماكن أخرى، وهي تميل إلى دعم إضعاف مؤسسات الاتحاد الأوروبي ويفضلون علاقات أوثق مع روسيا، بما في ذلك رفع العقوبات عنها.
وقد استهدفت حملة روسيا من الضربات الجوية على سوريا، المناطق المدنية إلى حد كبير، وأدت إلى موجات المهاجرين المسلمين إلى أوروبا عبر اليونان، وكان القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا، الجنرال فيليب بريدلاف قد حذر في وقت سابق من هذا الشهر، من أن روسيا تستخدم هجرة اللاجئين كسلاح لتطغى على البنية الأوروبية وتكسر من عزيمة الاتحاد الأوروبي.
وأضاف إلفيس أن حمى المشاعر المعادية للمهاجرين والمسلمين تساعد على رفع العدم الشعبوي للحزب اليميني المتطرف، تقريباً في كل بلد أوروبي اليوم، وإن استطاع الكثير منهم الوصول للسلطة فإن الاتفاقات الدولية التي تقيمها الولايات المتحدة ستتفكك.
وقد استغل القادة الأوروبيون المتطرفون الذين يشاركون بعض أهداف روسيا من الزخم المضاد للاجئين، سوزانا سزليني، وهي عضو في البرلمان والحزب المعارض في المجر، أشارت إلى أن دولتها دليل على ذلك، حيث كان فوز رئيس الوزراء المجري " فيكتور أوربان" بالانتخابات بسبب دعمه للسياسات المناهضة للديمقراطية والمعادية للاتحاد الاوروبي.
وأضافت: "ليس هناك لاجئ واحد في المجر، و شعبية رئيس الوزراء تقوم على أساس الحملة المضادة للاجئين، والتي هي في ازدياد"، وأردفت "ولقد استخدم الروس ذلك لصرف انتباه أوروبا، وأعتقد أنها وسيلة ناجحة".
من جهته ، قال فلاديمير تشيجوف، ممثل روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي أن مزاعم إلفيس حول عدد المهاجرين المسلمين القادمين من روسيا إلى أوروبا.. مبالغ فيه، وأن النظرية العامة التي تقول أن روسيا تقوم بتأجيج الهجرة لتحيك الاضطرابات السياسية في اوروبا، هي نتاج عقل لا يفكر.
وفي كانون الثاني، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف علناً الحكومة الألمانية بالتستر على الاغتصاب الجماعي لفتاة من أصول روسية ، تبلغ من العمر 13 عاماً، على يد اللاجئين المسلمين في برلين.
وقال ممثلو الادعاء في برلين أن مثل هذا الاغتصاب لم يحدث أبداً، وذكر لأول مرة على وسائل الإعلام الروسية وبعد ذلك قام الألمان الناطقين بالروسية والنشطاء اليمنيين، بالتظاهر في العديد من شوارع المدن الألمانية، واعتبرت تصريحات لافروف في أوروبا (كصب الوقود على النار عمداً).
وأضاف إلفيس: "إنهم يستخدمون مأساة اللاجئين والمهاجرين في أوروبا، وهذا يلخص الوضع في أوروبا في الوقت الحالي".
وقالت السيناتور الأمريكية جين شاهين: "حتى لو كانت روسيا لا تجبر سكانها المسلمين عبر الحدود، فإن هدف موسكو هو خلق عدم الاستقرار في أوروبا كوسيلة لخلق ميزة نسبية".
وأضاف: "وسواء كان ذلك متعمداً أم لا، فإن روسيا لا تزال تحقق نفس النتيجة"، وأردفت السيناتور عن الحزب الديمقراطي لولاية نيوهامبشاير: "أعتقد أن روسيا ستقوم بما وسعها لإثارة النعرات والسخط أينما استطاعت في أوروبا".
وأوروبا لديها بالفعل عدد من المشاكل، بما في ذلك تطرف الشباب المسلم، وتهديد الإرهاب، وتدفق اللاجئين والضغوط الاقتصادية على الدول الأعضاء، ورغم أن روسيا لم تبدأ أي من هذه المشاكل، ولكنها تبذل ما وسعها لتجعلها أسوأ.
ومع زعزعة استقرار أوروبا، تحاول روسيا دحر نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي بنته أوروبا والولايات المتحدة على مدى عقود، و نهاية اللعبة ستكون سحب العديد من الدول الأوروبية إلى دائرة النفوذ الروسي... بعيداً عن الغرب.