بلدي نيوز – (منى علي)
كشف مرصد الجنوب في محافظة درعا، والذي ينشط في عمليات رصد حركة طيران النظام وحليفه الروسي، عن سماع أصوات لطيارين مصريين يتلقون التعليمات لتنفيذ غارات على مناطق من محافظة درعا، بعد رصد تبادل الأوامر بين الطائرات المقاتلة ومركز القيادة.
وقال "أحمد أبو علي" مدير مرصد الجنوب لبلدي نيوز "تم رصد العديد من التسجيلات التي تثبت مشاركة ضباط مصريين في الغارات الجوية التي نفذها سلاح الجو السوري والروسي على مدن وبلدات درعا، عن طريق رصد الحديث باللهجة المصرية من خلال العديد من المحادثات بين الطيارين ومركز قيادة الملاحة الجوية التابع لقوات النظام في مطار السين بريف حمص".
يأتي هذا التطور بعد يوم واحد من "دعم" سياسي مفاجئ، تكرر للمرة الثانية، بامتناع مصر عن التصويت على القرار الأممي الرامي إلى إدانة نظام الأسد وتنظيم "الدولة" لاستخدامهما أسلحة كيميائية وارتكاب جرائم حرب في سوريا، ومع أن "الفيتو" الروسي-الصيني المزدوج هو الذي عرقل القرار، إلا أن امتناع مصر، ووصف مندوبها في مجلس الأمن مشروع القرار بالجزافي والذي لا يمتلك أدلة، جاء ليؤكد عدم حيادية مصر مطلقاً تجاه ما يحدث في سوريا، وانحيازها الواضح إلى جانب نظام الأسد، أما الضلع الثالث، أو ثالثة الأثافي، فيمثلها رعاية مصر لمنصة "القاهرة" المعارضة، التي يتزعمها فعلياً "جهاد مقدسي" الناطق السابق باسم خارجية نظام الأسد، والذي فرضته موسكو على مفاوضات جنيف، ليكون أقرب إلى وجهة نظرها ويعمل مع منصة موسكو على تسويق "مكافحة الإرهاب" وتمييع أساسيات مرجعيات جنيف1 والقرار الأممي 2254.
فلماذا تكثف مصر من تدخلاتها السياسية والعسكرية في الشأن السوري؟
الكاتب الصحفي السوري، عبد الرحمن مطر، يرى أن "مصر اليوم، تعد واحدة من الدول الإقليمية التي تقف بوضوح إلى جانب النظام الأسدي، وتؤيد سياساته الإجرامية ضد الشعب السوري. ويرتبط كلا النظامين بعلاقات تتمايز بشكل مضطرد، ويتم التنسيق في إطارها على مستوى رئاسي لكليهما، وخاصة منذ تولي عبد الفتاح السيسي الرئاسة المصرية، وقد لعبت موسكو دوراً محورياً في تطوير هذه العلاقة لتغدو مصر شريكاً لنظام الأسد في العمليات العسكرية، تحت ذريعة محاربة الإرهاب، إضافة إلى التنسيق والتعاون الأمني الذي بقي مستمراً منذ نظام حسني مبارك، شأن مصر في ذلك، شأن معظم الدول المعنية أو المتدخلة في القضية السورية، التي ما تزال تحتفظ بعلاقات أمنية متينة مع النظام الأسدي".
وعن التدخل العسكري المحتمل في قصف أهداف في درعا وريف دمشق، قال "مطر": "ليس مستغرباً اليوم، أن تشارك القوى الجوية المصرية في قصف المدنيين وارتكاب المجازر في سوريا، فقد سبق لمصر أن زودت (الجيش السوري) بأسلحة صاروخية وقذائف مدفعية، تمكن السوريون من الحصول على أدلة مادية لذلك. كما قامت مصر في وقت سابق بإرسال طيارين ومستشارين عسكريين، واليوم هي تشارك بشكل فعال في العمليات الجوية، بطلب روسي وتنسيق مع إيران خاصة بعد تطور العلاقات المصرية الإيرانية، وتوافق البلدين على الوضع في سوريا".
ويشير "مطر" إلى "الطرف الغائب الحاضر في هذه التطورات"، وهي إسرائيل، ويؤكد أنه كما هو معروف اليوم هناك تعاون استراتيجي بين موسكو وتل أبيب، خاصة بالشأن السوري، منذ أن بدأت روسيا عمليات القصف الجوي على قوى المعارضة والمناطق المدنية في سبتمبر2015، قبل أن يتطور إلى حالة احتلال لمعظم المطارات والمواقع العسكرية السورية.
ويرى الكاتب السوري أن مصر "برئاسة السيسي، -كانت ولا تزال- جزءاً من هذه الاستراتيجية، وجميع العمليات التي تجري في الجنوب السوري: الجولان وحوران، تتم بالتنسيق ما بين موسكو وتل أبيب".
ولا يغفل "مطر" التقارب الإيراني–المصري، الذي "لعب دوراً بارزا، في توجيه القاهرة لمحاولة لعب دور سياسي لحل المسألة السورية، قبل أن تتدخل موسكو عسكرياً ويؤول الملف السوري إليها بتفويض من إدارة الرئيس الأمريكي السابق".
إن امتناع القاهرة عن التصويت على قرار إدانة (النظام السوري)، يجعل من مصر شريكاً لروسيا في منع الاتهام ومن ثم محاسبة مجرمي الحرب، ويُسقط عن القاهرة أي حيادية تمكنها من مساندة تسوية سياسية عادلة في سوريا، تقود إلى وقف القتل، وفق الصحفي والمحلل "مطر"، الذي يختم تصريحه لبلدي نيوز بالقول: "الموقف المصري المشين، ودعم النظام الأسدي بالذخائر الحربية المستخدمة في قتل المدنيين، وأخيراً مشاركتها المباشرة في قصف السوريين، يجعل من النظام المصري شريكاً في جرائم الحرب ضد السوريين، وسوف تتخلى عنه القوى الداعمة لتدخله، عاجلاً أم آجلاً في ظل تنامي وتعاظم المشكلات الأمنية والسياسية والاقتصادية المتردية في مصر".
مصر، التي برأت الرئيس المخلوع، حسني مبارك، أمس وبشكل نهائي من تهمة قتل المتظاهرين، والتي قال رئيسها لنائب رئيس الوزراء الروسي إن بوتين يحظى بشعبية واسعة في مصر وأن المصريين يرفعون صوره! والتي تعمل على تنصيب الجنرال "حفتر" حاكما عسكريا في ليبيا، لا يبدو بعد كل هذا أنها يمكن أن تتصرف بشكل مغاير في سوريا، إذ لا يمكن للعسكر أن ينحازوا لإرادة الشعب.. هذا ما يقوله التاريخ.. والحاضر.