بلدي نيوز - (خاص)
"وإذا كانت النفوس كبار، تعبت في مرادها الأجسام"، نعى السوريون بلبل ثورتهم وحارسها الشاب عبد الباسط الساروت، بعد إصابته بالمعارك الدائرة ضد قوات النظام في ريف حماة.
ينحدرُ عبد الباسط من عائلة هاجرت من الجولان، واستقرّت في حي البياضة بحمص، ووُلد فيها في الأول من كانون الثاني/يناير عام 1992، وتلقّى تعليمهُ في حمص، أحب كرة القدم فانضم إلى نادي الكرامة ثم انتقل لحراسه منتخب سوريا للشباب قبل قيام الثورة السورية.
ومعَ بداية الثورة ضد النظام السوري في آذار/مارس من عام 2011؛ برزَ اسمُ الساروت في قيادته للمظاهرات في مدينته حمص عبر أناشيده وهتافاته التي كان يؤلفها بنفسه وسرعان ما تحولت إلى ترانيم للثورة السورية.
بدايات الثورة
تعرّضَ الساروت في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول 2011 لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة، وأُصيب في ساقه بعدة طلقات، بدأت الثورة تتحوّل إلى صراع مسلحٍ بعد الحصار الذي فرض على عدد من البلدات والمدن وبعد استهداف قوات النظام بالأسلحة الثقيلة، والدبابات منازل المدنيين بدعوى وجود عناصر إرهابية ومسلحين؛ أسس الساروت كتيبة "شهداء البياضة" لحماية المدينة والمدنيين.
واصل الساروت ثورته ضد النظام الذي بدأ بالتراجع بعد انشقاق الكثير من ضباطه، وتم تشكيل الجيش الحر ونجح في السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي السورية التي كانت تسيطر عليها قوات النظام، لكن سرعان ما تمت خسارة هذه الأراضي بسبب دعم المليشيات الإيرانية وسلاح الجو الروسي للنظام.
وفي عام 2013 برزت بعض "الفصائل الجهادية" التي قاتلت النظام السوري، وهاجمت فصائل من المعارضة أيضا،
في هذه الأثناء كان الساروت ومن معه محاصرين داخل مدينة حمص، الذي ظهر في تسجيل يُؤكدّ عدم مبايعته لتنظيم "داعش" الذي اتهم بالتقرب منه، أو أي فصيل أو جبهة، وأكد أن هدفه الأساسي هو إسقاط نظام الأسد فقط، ومع ذلك فهوَ لم يُخفِ رغبته في التعاون مع تلكَ التنظيمات في تلكَ المرحلة.
جيش العزة
خرج الساروت مع مقاتليه في كتيبة شهداء البياضة إلى الدحديرة، واشتبكوا مع عناصر من جبهة النصرة بعدما رفضوا تسليم أنفسهم لها ليصدر أمر باعتقاله الذي اضطرّه حينها للذهاب إلى تركيا والعودة في وقت لاحق.
وتسلم الساروت قيادة كتيبة في جيش العزة المتمركز في الشمال السوري بعد عودته من تركيا، وشارك في عدد من المعارك كان آخرها المعارك ضد النظام وباقي الميليشيات الموالية له شمالي حماة.
واليوم السبت، نعا الفنانون السوريون الساروت بكلمات مِؤثرة؛ فكتب الفنان فارس الحلو، "قلبي يبكي الساروت الجميل، ذلك الذي أنجبته الثورة البريئة، فطاله الأذى من القريب والبعيد، الرحمة والسلام لروحك".
محطات
يقول الصحفي السوري محمد سباعي، لبلدي نيوز؛ "9 سنوات مضت من عمر الثورة السورية ضحينا بآلاف الشهداء من خلالها وشباب بعمر الورود بحثاً عن حريتنا وكرامتنا".
وأضاف، "لا أكاد أصدق خبر استشهاد صديق الثورة عبد الباسط الساروت، هذا الشاب الذي خرج عن صمته عندما رأينا الدماء تتساقط وتنتشر في درعا في أول أيام الثورة السورية".
وأردف، "لم يكن لدينا حل وحيد إلى نصرتها، وعندما انتفضت مدينة حمص كان عبد الباسط الساروت من أوائل الأبطال الذين انتفضوا بوجه الظلم والقهر خلال حكم آل الأسد لسوريا".
يقول سباعي؛ "عرف عبد الباسط بأناشيد الثورة السورية التي انتشرت كالنار في الهشيم، ومن أبرزها (يا يما بثوب جديد زفيني جيتك شهيد)، كان قائداً للتظاهرات ومنشداً لها في أغلب الأحياء في مدينة حمص وشاركته الممثلة السورية، فدوى سليمان، التي عرفت بمواقفها المناهضة للنظام، حيث دخلت إلى حمص وشاركت بالمظاهرات في حي البياضة وأحياء أخرى ضمن المدينة، في الوقت الذي كنا نقتل فيه ضمن المظاهرات، وعندما شكل الجيش الحر الكتائب لحماية المتظاهرين اضطر عبد الباسط الساروت إلى العمل المسلح وجهز كتيبة عسكرية باسم "شهداء حي البياضة" وكان قائدها، فقد عبد الباسط الساروت والده وأربعة أشقاء في حمص، اثنان منهم قضوا في مجزرة المطاحن المعروفة بحمص ولم يهدأ عبد الباسط وقويت عزيمته لمتابعة درب إخوانه إلى أن حوصر في مدينة حمص وكان من ضمن الأبطال الذين صمدوا حتى النهاية التي أوصلتهم على الريف الشمالي لحمص بعد اتفاقية مع النظام واستمر عبد الباسط في ريف حمص بنشاطه الثوري والعسكري في ريف حمص إلى أن خرج إلى مدينة إدلب بالشمال السوري واستمر في العمل مع جيش العزة وكان قيادياً فيه حتى تعرض للإصابة على جبهات ريف حماه الشمالي والتي كانت هي خاتمة حياته".
وختم السباعي؛ "أنا لا أبكي عبد الباسط فقط، ولكن أبكي على صدقه وحبه للثورة وثوارها، لم يخرج من سوريا رغم كل الفرص التي أتيحت له لأنه مؤمن بقضية الشعب، وإن قتل عبد الباسط فكلنا عبد الباسط حتى تحقيق نصر ثورتنا والثأر لشهدائنا الأبطال".
أما صديقه اﻷستاذ جهاد العيس، ﻻعب منتخب سوريا للناشئين، يقول لبلدي نيوز؛ "الساروت هو الإنسان الطيب الخلوق الملتزم بدين الله من صغره، ترعرع بنادي الكرامة من صغره حتى مرحلة الشباب، وكان الحارس الاول لنادي شباب الكرامة والحارس الأول لمنتخب شباب سوريا أول 2010 و2011".
وأضاف؛ "أول جلسة جمعتنا بفندق صحارى على طريق بيروت، جلسنا بنفس الغرفة 15 يوماً بمعسكر مشترك لمنتخب سوريا للناشئين والشباب، كان ملتزماً أدبياً ودينياً".
واستطرد؛ "كانت روحه المرحة تجمع جميع اللاعبين بغرفته لتسمع نكات الساروت".
ثم عرج على تفاصيل أخرى قائلاً بلهجته العامية؛ "تعرض للظلم بالمنتخب، كان أفضل حارس بسوريا جابو حارسين عندن واسطة، وصار الحارس الثالث للمنتخب، الله يرحمه رفض الظلم، انسحب من المنتخب وما رضي يكمل".
وأضاف، "كان أول من التحق بركب الثورة، وآخر الخارجين من مدينة حمص، اجتمعت به مرة واحدة منذ سنتين تقريباً بتركيا وقلت له إبقى هنا، ورد عليّ بهذه الكلمات؛ (أنا في سوريا حتى سقوط النظام بإذن الله)".
ويعقب العيسى قائلاً؛"سبحان الله كان له ما أراد، كان الساروت حارسا وفيا للثورة وقائدا مقداما في ساحات الوغى".