Business Insider - ترجمة بلدي نيوز
فيما تقوم الطائرات الروسية بتدمير القسم الأعظم من حلب، يستعد مئات الآلاف من المدنيين في أكبر المدن السورية للتطويق والحصار والمجاعة والهمجية التي ستتبع حتماً من قبل نظام الأسد، لذا فإن الوقت قد حان لإعلان الإفلاس الأخلاقي للسياسة الأمريكية والغربية في سوريا.
في الواقع، لقد أُعلن الإفلاس الأمريكي والغربي منذ وقت طويل في سورية، منذ خمس سنوات من التصريحات الفارغة بأن الرئيس السوري يجب أن يرحل، من التسليح الغير كافي للمعارضة السورية من قبل الإدارة الامريكية، وبالسماح للأسد بتجاوز الخط الأحمر لاستخدامه الأسلحة الكيماوية وغيرها، وعدم كفاية مشاركة الولايات المتحدة في تحمل عبء اللاجئين السوريين مع أوروبا، بسبب عواقب التقاعس الغربي.
في هذه الأثناء، توفي أكثر من ربع مليون سوري، ونزح 7 ملايين داخلياً، ولجأ ما يقرب من 5 ملايين إلى دول الجوار، ومليونين من هؤلاء اللاجئين هم من الأطفال.
هذا المسار التنازلي يؤدي إلى أمور لا تصدق، مثل أن يقوم الديكتاتور السوري ومؤيديه الروس والإيرانيين بتطويق مدينة حلب دون أي رحمة، وتقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي باسم النضال ضد تنظيم الدولة، وتبتعد عن الطريق لتترك روسيا والأسد يدمران خصومهما من المعارضة مهما كان الثمن البشري لذلك.
لقد حان الوقت لأولئك الذين يهتمون بالمكانة الأخلاقية للولايات المتحدة أن يقولوا "هذه السياسة مشينة"، فإذا سمحت الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي شركائهم الجدد "الروس والإيرانيين" بتطويق وتجويع الشعب في حلب، فذلك تواطؤ في جرائم حرب، وسيتم العثور على حطام النزاهة الأمريكية وسط أنقاض حلب، فالقصف العشوائي للمدنيين يعد انتهاكاً لاتفاقيات جنيف.
وهل استخدام الحصار هو لتجويع المدنيين، لا أعتقد أننا نحتاج إلى الانتظار حتى يتم تضييق الخناق على المدينة لإثبات نوايا الأسد وفلاديمير بوتين! فالبراميل المتفجرة ما زالت تسقط على المخابز والمستشفيات في المدن السورية والأماكن المأهولة بالمدنيين، وما الجوع إلا أداة من أدوات الحرب التي استخدمها الأسد بشكل كبير لارتكاب المزيد من الفظائع والمجازر بحق المدنيين.
إن حلب حالة طارئة، ولذلك فهي تتطلب اتخاذ تدابير طارئة، ولكن، ألم يعد لدينا القدرة على التصرف في الحالات الطارئة؟ بل إن حلب هي فرصة ايضاً، وربما الأخيرة لإنقاذ سوريا.
فحلب هي سراييفو الجديدة، ومذبحة سربرنيتشا في البوسنة والهرسك، وينبغي أن يكون مصيرها مرتبطاً بالصراع السوري بأكمله، كما كان مصير سراييفو وسربرنيتشا مرتبطاً بالصراع في البوسنة: لقد حان الوقت للولايات المتحدة وللغرب بأن يقولوا بصوت واحد "كفى"، فبعد الحملة الجوية التي استجاب بها الغرب أخيراً إلى الفظائع في البوسنة - وتعهد الولايات المتحدة، تم اتفاقات دايتون وانتهت الحرب في البوسنة.
إن الحكمة التقليدية تقول أنه لا يمكن فعل شيء في سورية، ولكن هذه الحكمة خطأ، فهناك مسار يمكن اتخاذه لإنهاء الموت في حلب، مسار واقعي سيعطي القيمة والشرف لمثلنا العليا الأمريكية، وهي وسيلة لاستعادة مكانتنا الأخلاقية، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.
وبالعمل تحت مظلة حلف شمال الأطلسي، يمكن للولايات المتحدة استخدام قواعدها البحرية والجوية في المنطقة لإنشاء منطقة حظر طيران تمتد من حلب إلى الحدود التركية، وأن تجعل من الواضح أن قصف المدنيين واللاجئين لن يستمر من قبل أي طرف، بما في ذلك الروس، كما يمكن أن تستخدم منطقة حظر الطيران للحفاظ على ممر مفتوح مع تركيا واستخدامه لإمداد مدينة حلب والنازحين داخلياً في المنطقة بالمساعدات الإنسانية.
إذا كان الروس والسوريين يسعون إلى منع الحماية الإنسانية وإيقاف إمداد حلب، فيجب أن يواجهوا عواقب عسكرية، فالجيش الأمريكي هو بالفعل على تواصل مع الجيش الروسي على مدار الساعة لتنسيق حركة الطائرات المحلقة في الأجواء السورية، ولذلك يمكن للإدارة الأمريكية أن تتواصل بشكل دائم مع القيادة الروسية لضمان توفير الحماية الإنسانية من دون أن يكون هناك ضرورة لأن يتحول ذلك إلى مواجهة بين القوى العظمى.
ولكن وجود خطر لا يمكن اعتباره عذراً لعدم القيام بشيء، فالروس والسوريون سيفهمون على الفور النتائج المترتبة عن إجراءات الولايات المتحدة وحلف الناتو: سيتعلمون اللغة الوحيدة التي يفهمونها وهو أن كسب الحرب السورية ضمن شروطهم هو أمر مثير للاشمئزاز.
يجب على أميركا والغرب استخدام القوة لحماية المدنيين السوريين، وإنشاء تكوين جديد للسلطة، لا تكون فيه السماء مملوكة من قبل الطاغية السوري والطاغية الروسي، وأن تمهد الطريق لمفاوضات جدية تضع حد لذبح السوريين.
هذا ما يجب أن تكون عليه قيادة الولايات المتحدة في القرن الـ21: الجمع بين القوة والدبلوماسية، والالتزام الأخلاقي والجرأة الاستراتيجية، حول هدف إنساني عاجل من شأنه أن يحظى بتأييد العالم.
إن عصر التنازل عن سورية يجب أن ينتهي الآن، فلنهب جميعاً لنجدة حلب، وإذا لم نفعل كل ما في وسعنا لوضع حد لمعاناة الشعب السوري، فسيكون هذا الرجس الأكثر ضرراً في عصرنا، وحلب ستغدو وصمة عار على ضميرنا إلى الأبد.