روسيا تبحث عن أيّ مخرج من "الأزمة السورية" - It's Over 9000!

روسيا تبحث عن أيّ مخرج من "الأزمة السورية"

سترافور – (ترجمة بلدي نيوز)

مع استيلائهم على مدينة حلب في أواخر كانون الأول، تكون القوات الموالية لبشار الأسد قد حققت أكبر انتصار في الحرب التي استمرت لستة أعوام في البلاد،  فمن الواضح الآن أن الأسد قد نجا من تهديد خطير لحكمه على أجزاء رئيسية من البلاد، وقد لعب الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي من إيران وروسيا دوراً كبيراً في فوزه .

ولكن على الرغم من قضيتهما المشتركة في سوريا والموارد الكبيرة التي استخدمتها كل من موسكو وطهران في الحرب، إلا أنهما لا تتفقان في عدة قضايا تتعلق بالنزاع.

فأبرز الاختلافات بين البلدين هي أسباب التزامهما بموالاة نظام بشار الأسد، ورغم أن روسيا قد أظهرت تعهدها بالمحافظة على دعمها لحكومة الأسد إلا أن التزامها في النزاع ببساطة لا يرقى لمستوى طهران، فمن خلال تدخلها في سوريا، روسيا تسعى لزيادة مكانتها في الشرق الأوسط، وإظهار مكانتها العالمية، والحد من خطر التطرف وتحقيق النفوذ في المفاوضات مع الغرب.

إيران، من ناحية أخرى، ترى أن الحرب السورية واجهة لمعركة وجودية عقائدية حاسمة تتصل مباشرة بالأمن الجيوسياسي. ومقارنة مع إيران، الملتزمة بتحقيق انتصار عسكري كامل بغض النظر عن التكلفة، روسيا من جهة أخرى أقل رغبة في الاستمرار في صراع مفتوح في سوريا وتفضل الانسحاب عندما تصل حملتها إلى نقطة عالية من النجاح .

والحرب في سوريا لم تنته بعد، حتى بعد فوز القوات الموالية لبشار الأسد في معركة حلب في كانون الأول، حيث خسر مدينة تدمر لصالح تنظيم "الدولة" – وهي هزيمة كبيرة، ولذلك كلما احتدم القتال في سوريا فإن مخططي الدفاع الروسي باتوا يدركون أن الحل العسكري يتطلب سنوات من التدخل الإضافي، لكن سنوات من الحرب في سوريا سيؤدي إلى تراجع التصور الحالي للفعالية العسكرية الروسية ويمكن أن يورط موسكو فعلاً في مستنقع الشرق الأوسط في وضع لا يختلف عن حال الولايات المتحدة في العراق، ولذلك تبحث روسيا عن أي مخرج من الأزمة السورية!

قدم واحدة خارج سوريا

بالنسبة لروسيا ولتخليص نفسها بنجاح من سوريا، يجب أن يكون هناك حل سياسي تفاوضي للصراع- وهذه العملية تتطلب مشاركة قوات الثوار ومؤيديهم الأجانب، ولا سيما تركيا، وتحقيقا لهذه الغاية، عززت موسكو بثبات حوارها مع أنقرة بشأن سوريا، حتى قبل الاتفاق الأخير على وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.

وكشفت معركة حلب الجهود الروسية والتركية المكثفة- للتوصل إلى حل وسط ينتج في نهاية المطاف اتفاق يخرج الثوار من المدينة في مقابل ممر آمن من جانب الموالين للأسد.

ومع ذلك لم يكن الاتفاق بين روسيا وتركيا واضحاً تماماً، وذلك بسبب المعارضة الإيرانية للخطة في حلب حيث قامت مليشيات تقودها إيران بمنع خروج المحاصرين، وقبلت طهران خروجهم فقط عندما أضيفت القرى الشيعية المحاصرة (الفوعة وكفريا) إلى الخطة، وعلاوة على ذلك، في 20 ديسمبر انتقدت طهران علناً قرار مجلس الأمن الدولي – الروسي في حلب والذي أقر في اليوم السابق.

وتذكر المصاعب المحيطة بإخلاء حلب، بما حدث في أيلول 2016 عندما تعثرت جهود وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا، بسبب القوات التي تعمل تحت القيادة المباشرة لفيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني والتي رفضت الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية، وقد أعرب الحرس الثوري أيضاً عن معارضته مشاركة المملكة العربية السعودية وقطر في الجولة القادمة من محادثات السلام على الرغم من جهود روسيا لإدراجها.

عناصر تخريبية

وعلى الرغم من نفوذها الكبير على دمشق، تحبط موسكو من محاولاتها الفاشلة بفرض اتجاه للصراع السوري بسبب نفوذها الثانوي في البلاد أمام طهران- وهذا ليس من المستغرب كون إيران تساهم أكثر بكثير بالمجهود الحربي، فموسكو يقتصر دعمها في المقام الأول على عالم الدبلوماسية والقوة الجوية، بينما تساهم طهران بالقوة البشرية مع عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات، بما في ذلك وحدات النخبة من مقاتلي "حزب الله" المدعوم من إيران. وعلاوة على ذلك، تقدم إيران مساعدات مالية وفيرة للمساعدة على الحفاظ على الاقتصاد السوري واقفاً على قدميه.

وروسيا تدرك هذه القضايا وتتحرك بالفعل لتصحيحها، ففي أواخر تشرين الثاني عام 2016، أعلنت القوات المسلحة السورية إنشاء تشكيل عسكري جديد - الفيلق الخامس – يتم تجميعه بمساعدة من حلفاء سوريا، والذي من شأنه دفع رواتب شهرية كبيرة للمقاتلين تصل إلى 580 $. ورغم عدم تأكيد ذلك حتى الآن، تشير المؤشرات الأولية إلى أن روسيا ستقدم معظم الدعم للفيلق، بما في ذلك الأسلحة والتدريب. ومع إضافة عنصر القوات البشرية على الأرض تكون موسكو قد قدمت موازنة حاسمة ضد الميليشيات المدعومة من إيران والتي تفرض نفوذاً كبيراً في دمشق.

وعلى الرغم من أن المنافسة بين روسيا وإيران في سوريا قاسية، من المهم أن لا نبالغ في ذلك- فحروب التحالف فوضوية بطبيعتها، وطهران وموسكو على حد سواء لا تزالا ملتزمتين بقضية مشتركة، وتدعيم القوات الموالية ضد أعدائهم. ولإدراكهم أن الاقتتال قد يقوض المهمة المشتركة بينهما، تعمل روسيا وإيران أيضاً على ضمان أكبر قدر من التنسيق على أرض المعركة، وفي الواقع، أعلنا في 20 ديسمبر بإنشاء مقر مشترك في سوريا لتنسيق دعمهما للقوات الموالية لحكومة الأسد.

 ومع ذلك، لا تزال الخلافات بينهما عاملاً مهماً في سوريا، ورغم أنها قد لا ترقى إلى مستوى الاقتتال الداخلي التي غالباً ما شهدتها معسكرات الثوار، ولكنها ما تزال تؤثر على الموالين، وفي بعض الأحيان، تصاعدت الخلافات في اتهامات صريحة للخيانة، كما كان الحال عند انتصار الثوار على القوات التي تقودها إيران في معركة خان طومان. وكلما بحثت موسكو عن استراتيجية للخروج من الحرب السورية، فإن الاختلاف بينها وبين إيران سيصبح أكثر وضوحاً..

مقالات ذات صلة

الحكومة الإيطالية تقنع الاتحاد الأوربي بتعيين مبعوث له في سوريا

محافظ اللاذقية: بعض الحرائق التي حدثت مفتعلة

النظام يحدد موعد انتخابات لتعويض الأعضاء المفصولين من مجلس الشعب

خسائر لقوات "قسد" بقصف تركي على الحسكة

شمال غرب سوريا.. قصف النظام يجبر نحو 6 آلاف مدني على النزوح باتجاه الحدود

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي