بلدي نيوز - سويسرا (لبنى أبو خير)
فاز المخرج السوري "طلال ديركي" بجائزة السينما العالميّة الوثائقيّة في مهرجان "سندانس" السينمائي الأميركي، عن فيلمه "من الآباء والأبناء"، الذي تدور أحداثه في مدينة إدلب، ويحكي الفيلم عن رب أسرة يلتحق بأحد الفصائل المتشددة (النصرة)، ويدعو أبناءه إلى التمسك بنفس العقيدة.
وأحرز المخرج "ديركي" عام 2014 نفس الجائزة عن فيلمه "العودة إلى حمص"، وبهذا يكون فاز فيلم سوريّ آخر بجائزة "سندانس" للسينما ، ما يمهد الطريق أمام نوع جديد في السينما الوثائقية بعد ترشّح فيلم "آخر الرجال في حلب" لمخرجه "فراس فياض" لجائزة الأوسكار، ونيل فيلم "طعم الإسمنت" للمخرج "زياد كلثوم" جوائز وترشيحات عديدة في أوروبا وخارجها.
طعم الإسمنت- لـ "زياد كلثوم"
أفلامه: طعم الإسمنت- الرقيب الخالد- أيها القلب.
المشاركات: عدة أفلام سينمائية وأعمال دراميّة سوريّة.
الجوائز: Best Muhr non-Fiction Feature Award
(جائزة المهر الخاصة).
الترشيحات: European Film Academy Documentary Award - Prix Arte
(جائزة أكاديمية الأفلام الأوروبية الوثائقية).
يحكي الفيلم عن وضع العمّال السوريين في بيروت بربط مباشر مع الدمار في سوريّة، في ثنائية البناء والهدم، ففي حين يتذوّق السوريون طعم بيوتهم في سوريا ويرونها مهدّمة في نشرات الأخبار، يعمّرون بيوت أخرى في مدينة بيروت التي تلفظهم كلّ يوم، ضمن شروط قانونيّة عنصريّة، وظروف عيش غير لائقة وغير صحيّة، ليستمر السوريون في البناء أين ما ذهبوا، في حين لتهم الدمار مدنهم.
وبين العرض والتنافس في أكبر المهرجانات الأوروبيّة، تصدّر "طعم الإسمنت" دور عرض وعناوين صحف كثيرة منها يهتم بالشأن السياسي ومنها ما هو مهتم بالشأن الفني، فهل أثرّت الأعمال الفنيّة في توجيه الرأي العام تجاه القضيّة السوريّة؟ أو الإضاءة على المأساة السوريّة بحقيقتها؟
في لقاء مع مخرج الفيلم "زياد كلثوم" الذي قام وفيلمه بجولة واسعة في عدة مدن سويسريّة، شملت تقريبا كافة الكانتونات، منها مدينة زيوريخ، قال في حديثه لبلدي نيوز: "إنّ تأثير السينما أو أي عمل فني في الرأي العام محدود وقليل، وهذا ليس له علاقة بالقيمة الفنيّة للفيلم، فبعد الحرب العالميّة الثانيّة تمّ إنتاج كم كبير من الأفلام، ولم يتعلّم الناس تفادي الأخطاء التي ارتكبها أشخاص أو حكومات سابقة، ومازال هنالك حروب نعاصرها في بلدان عديدة".
في السياق صنع المخرج نظام صوت شبيه بأصوات البناء وآلاته، وأصوات القصف بنفس درجة العنف والضجيج، كما أضاف لقطات طويلة للعمّال خلال حياتهم اليوميّة في سكنهم العمّالي، والذي هو بذاته مكان البناء، فيقول أحد شخصيّات الفيلم: "بيروت مدينة منكون الصبح فوقها.. بس بالليل هي فوقنا" ولا سيما بعد أن فرضت الحكومة اللبنانيّة منع تجوّل السوريين بعد الساعة السابعة، منذ سنتين تقريباً.
بعد مشاهدة الفيلم تعتلي الدهشة بوجوه من يشاهد، وكأنّهم رأوا شيئاً عكس المتخيّل، أو على الأقل عكس وجهات النظر التي تغزو بتزويرها الفضاء الافتراضي، وهذا ما حاول شرحه المخرج بعد العرض خلال النقاش للجمهور قائلاً:" نحن كسوريين تذوقنا طعم بيوتنا.." بعد أن شرح تجربته الشخصيّة مع الهروب من جيش النظام، ومعايشته للمجازر التي ارتكبها النظام في حمص كمجزرة تلبيسة، وإقامته في لبنان لمدّة طويلة.
سجل الفيلم أكثر من 18 مشاركة في أوروبا، ونلاحظ بشكل عام غياب الفيلم السوري عن المهرجانات العربيّة نوعاً ما، والسبب غالباً لصالح إنتاجات "المؤسسة العامّة للسينما" التابعة لنظام الأسد، والتي تنتج بدورها أفلام عن الحرب في سوريا، لكن من وجهة نظر النظام.
وسألنا المخرج "كلثوم" عن رأيه بهذا الموضوع، فقال: "حدث ما يشبه ذلك في مهرجان قرطاج السينمائي هذا العام، وذلك أنّ المهرجان أولى الأهميّة لفيلم "مطر حمص" للمخرج السوري (جود سعيد)، ولا يصح وجود أفلام تلمّع صورة الأسد في قتل الشعب السوري، ونذكر انسحاب المخرج السوري (سامر عجوري) العام الفائت من المهرجان عن فيلمه (الولد والبحر)"، ويضيف "كلثوم": "كنت من السبّاقين في الإضاءة لهذه الفكرة، والمحاربة لعرض هكذا أفلام، لا سيما أن بلد مثل تونس هي من أوّل بلدان الربيع العربي والتي أطاحت بحكم بن علي، فمن غير المعقول استضافة فيلم يلمّع صورة نظام استبدادي مثل نظام الأسد!".
بعد عرض الفيلم مباشرة وفي حديث مع جمهور سويسري، والسؤال عن مدى تأثير السينما أو الفن السوري في توجيه التفكير الأوروبي تجاه ما يجري في سوريا يقول المخرج المسرحي "إيريك التورفر": "تأثرت كثيرا بفيلم (طعم الإسمنت)، وأظهر الفيلم بطريقة شعرية قوية جداً الظروف الصعبة التي تتعيّن على عمال البناء السوريين العمل بها في بيروت أثناء الحرب في سوريا، كنت أرى تسلسل الحرب الواضح في الوجوه الصامتة، حيث هؤلاء الرجال هم مع أفكارهم فيما سيحدث بعد".
وأضاف: "عندما نرى في أوروبا هذا الألم الذي لا يوصف في مثل هذه الطريقة، ننظر أيضا بطريقة مختلفة إلى السوريين الذين هم الآن في أوروبا، نحن ننظر إليهم كأشخاص، كان عليهم إنقاذ حياتهم، واضطروا إلى مغادرة منازلهم وأصدقائهم وأسرهم، نحن لا ننظر إليهم كأشخاص جاؤوا مهددين أو مُحتلين".
هذا ولم يتوقّف عرض الفيلم بعد، بل ما زال يتابع جولته في أكثر من بلد أولّها المكسيك.
آخر الرجال في حلب
لـ "فراس فيّاض".
أعماله: آخر الرجال في حلب
الترشيحات:
2018 Academy Award for Best Documentary Feature
2018 جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي
2018 Independent Spirit Award for Best Documentary Feature
2018 جائزة الروح المستقلة لأفضل فيلم وثائقي
Robert Award for Best Documentary Feature 2018
جائزة روبرت لأفضل فيلم وثائقي 2018
Bodil Award for Best Documentary 2018
جائزة بوديل لأفضل فيلم وثائقي 2018
2017 Muhr Feature Award for Best Director
2017 جائزة المهر لأفضل مخرج
2017 Special Jury Prize Muhr Feature Award
2017 جائزة لجنة التحكيم الخاصة جائزة ميزة المهر
الجوائز:Ondas Award for International Television7- جائزة أونداس للتلفزيون الدولي
استضافت سويسرا فيلم "آخر الرجال في حلب" الأُسبوع الماضي في جبال الألب في مدينة "دافوس" Davos، على هامش مؤتمر الاقتصاد العالمي (WEF)، ليكون مدرج ضمن قضية الحرب والسلام، إضافة إلى عدة قضايا أخرى كانت مدرجة للنقاش مثل الاحتباس الحراري، والديمقراطية.
فأتى قادة العالم من رؤساء ورجال أعمال من بينهم الرئيس الأميركي "دونالد ترمب" في أول زيارة لرئيس أميركي لسويسرا بعد 18عام.
يحكي الفيلم عن عمل فرق الدفاع المدني في مدينة حلب، وبما أنّه الفيلم الوحيد الذي تمّ استضافته في 23 الشهر الجاري على هامش المؤتمر، كان لنا حديث مع المخرج "فراس فيّاض" وسألنا عن مدى إمكانية تمويل أفلام من المعروف فيها صعوبة ظروف التصوير ولا سيما في مدينة كحلب، فقال: "إنّه من غير السهل الحصول على تمويل أوروبي، كما هو الحال في التمويل العربي، فقوبل المشروع بالرفض أكثر من مرّة، حتّى استطعنا الحصول على الدعم الكافي فيما بعد، وخصوصا في فيلم يهمني به إظهار العلاقات الإنسانيّة كالأبوّة والصداقة والإخلاص للعمل مهما كان نوعه ومهما كانت الظروف، من غير المهم الآن ادّعاء المقولات الكبيرة كالنضال والمقاومة والديمقراطيّة، بقدر أن نبني علاقات إنسانيّة مع أبطال الفيلم، ويكون لهم تأثيرهم في عقول الناس".
وبالفعل نرى معاناة الدفاع المدني كبشر وشباب -أكثر من أنّهم أبطال-، في البحث في إمكانيات عيش لا بأس بها، في ظروف أشبه بالمستحيلة تحت إمرة القصف الروسي، وفي خضم سيل التهم الموجّهة في التشكيك بالمهمة الإنسانيّة الذي يحملها الدفاع المدني، من أسلمتِهم واتّهامهم بالولاء لتنظيم الدولة "داعش"، إلا أن الفيلم يثبت عكس ذلك تماما، ليوثّق بدوره عدة غارات جويّة للطيران الروسي بحق المدنيين، ليكون وجود الدفاع المدني هو الدرع الوحيد لإنقاذ ما تبقّى من حلب.
سجّل الفيلم عدة مشاركات في الكثير من البلدان ولفترات طويلة، فيُعرض بشكل يومي تقريبا منذ سنة حتّى اليوم في بلد ما، وبعد نجاحه هل سيفلح "آخر الرجال في حلب" بتغيير أو تحريك وجهة نظر عالميّة تجاه ما يجري في سوريا؟ يجيب "فراس فيّاض": "غالبا في حالات مثل وضع مدينة حلب كأكبر مأساة بشريّة، أعتقد أنّها تغيّر ويصبح العالم على الأقل يوجّه نظره إلى ما يجري بشكل حقيقي، ولذلك استعنت بتصوير الفيلم بمصوري التقارير الإخباريّة اليوميّة، لتكون الصورة أكثر حقيقيّة".
يجيب أيضاً المخرج "طلال ديركي" عن هذا السؤال فيقول لبلدي نيوز: "الفن السوري كفن لا يؤثر بشكل مباشر بقدر ما يستطيع إيصال فكرة ما، فعندما يكون الفن داخل معطيات الجو والبيئة السوريّة يستطيع أن يوصل التجربة السوريّة بأبعادها الإنسانيّة، وهنا يشكّل الفيلم انطباع يعلق بأذهان الناس، فالفيلم السوري الوثائقي أعطى صورة حساسة ودقيقة البيئة في سوريا بعيداً عن الوضع الراهن، ليشكّل فيما انجذاب عند الجمهور الأوروبي بشكل كبير جداّ، فبالنسبة لكثير من الأوروبيين الذين لا يعرفون عن الوضع السوري إلا من خلال مشاهدتهم للفن، ولا سيما الأعمال الفنيّة نقلت التجربة الحيّة، التي ولدّت تعاطفا كبيرا، ويُقاس ذلك على الوضع الإيراني فبلد مثل إيران فيها ما يقارب 90 مليون نسمة لا يعرف الأوروبيون والأميركيون عنها إلا من خلال الفنون والأفلام".