بلدي نيوز
أجابت الكاتبة آغات هاكون في تقرير لها نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية،على سؤال يتعلق بالسبب الذي يجعل الأشخاص يرغبون في أن تنتابهم مشاعر الخوف والقلق أمام شاشة السينما، حيث قدمت إجابات محللة نفسية ومختص في السينما.
ويعتبر الخوف شعورا طبيعيا، كما أنه ينتابنا في حياتنا اليومية انطلاقا من غريزة البقاء على قيد الحياة، عندما نكون عرضة للخطر وبهدف جعلنا في حالة يقظة.
وتوضح المحللة النفسية لورا جيلين أن هذا الشعور يجعلنا متأكدين من أن نظامنا التحذيري يعمل بشكل جيد، وحين ينتابنا هذا الشعور تُفرز أجسامنا هرمونات -مثل الأندورفين والأدرينالين- تساعدنا على التغلب على الخوف.
ومع ذلك، تختلف درجة تأثرنا حين يتعلق الأمر بأفلام الرعب، ففي الوقت الذي يخاف فيه البعض بسهولة تامة لدرجة تفضيلهم عدم مشاهدة هذه الأفلام، قد يُدمن البعض الآخر عليها بسبب المتعة التي يشعرون بها نتيجة التغلب على الخوف.
ووفقا لدومينيك سيبيير، المتخصص في سينما هوليود الكلاسيكية، والأستاذ الفخري في جامعة غرب باريس نانتير لاديفونس، فإن متابعتك لمشاهد تمثيلية للموت أثناء جلوسك على كرسي في قاعة سينما أو على أريكة منزلك، تسمح لك بالاستئناس بالموت والانتصار عليه، نظرا لأن "مواجهة الموت بشكل متكرر (في أفلام الرعب) يقتل الموت في حد ذاته".
وتقول لورا جيلين، إن من المؤكد أن لا أحد يرغب في مواجهة هذه المخاوف إذا كان يعيش يوميا على وقع حرب أو هجمات، ويُعد الشعور بمخاوف غير حقيقية أيضا وسيلة ناجعة لنسيان الحقيقية منها.
فعلى امتداد ساعة ونصف، تبتعد بنا مشاهدة فيلم رعب عن الواقع وعن المشاكل التي يمكن أن نواجهها في حياتنا الحقيقية، علاوة على أنها تسمح لنا بتعريض أنفسنا لموقف خطير، دون أن نُخاطر بأي شيء واقعيا، ويُعلق دومينيك سيبيير على ذلك بالقول: "في نهاية الفيلم، نعلم جميعنا أن الوحوش المخيفة ستلقى عقابها".
وتعتبر جيلين، أن مشاهدة فيلم رعب تعد وسيلة للشعور بأنك على قيد الحياة، وتجعل الأحاسيس الجياشة تتملكك وتمنحك فرصة الثقة بنفسك، وتعد هذه الحالة مغرية، خاصة بالنسبة للمراهقين الذين يشاهدون أفلام الرعب مع أحد أصدقائهم أو ضمن مجموعات.
وتشرح جيلين، ذلك بأن مواجهة الخوف في إطار مجموعة تسمح بزيادة الإثارة ومشاركة المشاعر القوية مع الآخر، ذلك أن المرور بنفس التجربة يُعد وسيلة لتحفيز التماسك الاجتماعي.
وتوضح الكاتبة أن كبار المخرجين ينجحون في التلاعب بعواطفنا، ذلك لأنهم يتقنون فنون المفاجأة والتشويق، وهما وسيلتان لإثارة الخوف.
ويُبين دومينيك سيبيير أن "المفاجأة تضعنا وجها لوجه مع الوحش حين نراه"، أما التشويق فيُقنعنا بوجود أمر مرعب في مكان ما ولكننا لا نراه، لذلك نحن نخترع ونبني خوفنا. وقد أشارت لورا جيلين إلى أن "أكثر ما يخيفنا هو ما نتخيله".
وتساهم آثار التناقض على مستوى الأصوات -الذي يعكس أهمية الموسيقى ولحظات الصمت- فضلا عن تجسد الشر، في تكوّن هذا الشعور بالخوف. وفي العديد من الأفلام، عادة ما يكون مصدر الرعب عبارة عن صندوق موسيقى أو شيء صغير الحجم.
المصدر: الجزيرة نت