بلدي نيوز – (منى علي)
ترافقت عودة "المعارض" السابق، نواف البشير، الزعيم العشائري البارز في الجزيرة السورية، إلى دمشق، وإعلان "توبته" وندمه وانضمامه إلى محور المقاومة ووضع نفسه تحت سلطة وإمرة سيده بشار الأسد، ترافقت مع ردود فعل من المعارضة وأركان نظام الأسد، فبينما توافق المعارضون والثوار على تخوينه، تفاوتت ردود الفعل في الشارع المؤيد بين مرحب بعودته وبين مطالب بإعدامه نظراً لـ"خيانته"، إلا أن سلوك النظام مع أمثال البشير، في حالات سابقة مشابهة، يوحي باتباع أسلوب الاستيعاب والتجيير لما يخدم النظام في قادم المراحل، خاصة السياسية منها، حيث يحتاج النظام –أكثر من أي وقت مضى- لمعارضة تحت سقفه ليحاورها في المفاوضات المُصنَّعة من قبل حلفائه أو حتى الوسيط الدولي، وهذا ما حدث فعلاً مع حالة "المعارضة" السابقة، ميس كريدي، التي عادت إلى "حضن الوطن" في العام 2014 وراحت تمارس معارضتها تحت سقفه من خلال "هيئة العمل الوطني"، حيث باتت روسيا تطرحها كمعارضة تصلح للجلوس في الطرف المقابل للنظام على طاولة المفاوضات!..
إلا أن شهر العسل لن يدوم طويلا، وفق متابعين ومحللين، فالمعارضون العائدون سيتم استنزافهم واستخدامهم، ثم سيلقون مصيراً محتوماً بأسلوب مخابراتي يبرئ النظام من دمهم، فيما يرى آخرون أن لهم دوراً "تمثيلياً" في مرحلة ما بعد المفاوضات حيث لن يجد النظام وحلفاؤه "معارضين" أفضل منهم للمشاركة في "حكومة انتقالية"!..
الكاتب السياسي والمحلل، مضر حماد الأسعد، قال في تحليل عودة هؤلاء: "إذا عقدنا مقارنة بين الذين انشقوا عن نظام الأسد وبين الذين انشقوا عن الثورة، سنجد أن النسبة لصالح الثورة هي كبيرة جداً لأن الذين عادوا إلى النظام لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، وهؤلاء ليس لهم أي تأثير في أجسام الثورة السورية في الائتلاف أو الحكومة السورية المؤقتة أو المجلس العسكري، بينما الذين انشقوا عن النظام آلاف من الضباط وصف الضباط والعناصر والمسؤولين الكبار، وأكثر من عشرة ملايين مواطن سوري، وهذا يدل على أن النظام قد خسر حاضنته الشعبية والعسكرية، فاستنجد بـ(حزب الله) وإيران وروسيا وحزب العمال الكردستاني مع 63 فصيل إرهابي مرتزق من إيران والعراق وأفغانستان ولبنان وتونس ومصر واليمن والبحرين"..
وأضاف الكاتب "الأسعد" في حديثه لبلدي نيوز: "بعد كل ذلك أصبح النظام يفتش عن الانتصارات الإعلامية (وهو يعلن بأنها خلبية) لذلك سعى بكل جهوده من أجل تحسين صورته من خلال عودة بعض الشخصيات التي أراد من خلالها توجيه رسالة للداخل والخارج على أن النظام هو صاحب النفوذ الأقوى في سوريا، وهذا بعيد عن الواقع وهو نصر إعلامي فقط، خاصة أن حوالي 60% من مساحة سوريا هي خارجة عن سلطة النظام، وبما أن الثورة السورية هي ثورة شعبية وليست ثورة نخب أو إيديولوجيات أو تنظيمات إسلامية، فالذين يعودون إلى ما يسمى (حضن الوطن) لن يكون لهم أي تأثير على مسيرة الثورة السورية أو تراجعها".
وعن المصير المحتمل للعائدين، قال الأسعد: "من خلال معرفتنا بالنظام السوري فهو لا يتقيد بالمواثيق والمعاهدات ولا في أي شيء، لذلك فشهر العسل لن يدوم، فهم بعد الحفلات الإعلامية والتطبيل والتزمير سيرميهم ويركنهم بعيدا، وبعضهم تم وضعهم قيد الاعتقال وذاقوا كل صنوف التعذيب".
النظام الذي لم يتورع عن قتل مليون من الشعب وتهجير أكثر من 10 ملايين آخرين، وفرض أقسى أنواع الاعتقال والحصار على الأطفال والنساء، وتدمير أكثر من نصف مدن البلاد، لن يكون حريصاً على حفنة من المتلونين واللاهثين وراء أمجاد شخصية، ولعل في المدنيين الذين جربوا "المصالحة" خير مثال على ما ستؤول إليه أوضاع "التائبين" عن الحرية والكرامة، ففي الضفة الأخرى لن يجدوا حتى عبودية بمقاييس إنسانية!.