بلدي نيوز (صالح الضحيك - حذيفة حلاوة)
في السنة السادسة للثورة السورية، ومع حلول عيد الفطر، لم تتخيل أم فادي بأن تفقد أكثر من نصف عائلتها بين العيدين، فقد قام طيران الاحتلال الروسي باستهداف منزلهم بإحدى الغارات الجوية أدت لاستشهاد ثلاثة من أحفادها، واثنين من أطفالها وزوجها، تقول أم فادي "أتى العيد وغابت أجسادهم.. وبقيت أرواحهم معنا تعيش بهذا البيت، غابت ضحكتهم وفرحة العيد معهم، ولم يبقَ لي غير الدموع أذرفها على فراقهم، في العيد الماضي كنت أعدهم بشراء الثياب الجديدة، وفي صباح العيد يعيدونني ويطالبونني بالعيدية، وألاعب أجسادهم الصغيرة لتعويضهم عن ما فقدوه خلال سنوات الحرب، أخاف عليهم من القصف الذي يستهدف مدينتنا، وأعد لهم ألذ الوجبات، وأحاول ما أستطيع أن أعوضهم عن ما هم فيه، لم أتخيل أبداً أن أفقدهم جميعاً دفعة واحدة، ولم أتخيل نفسي أن أستطيع العيش بدونهم للحظة".
وتضيف بأسى "في هذا العيد لم أتذكر من فرحة العيد شيئا، فقد ذهبت الفرحة معهم، لم يبقَ لي سوى زيارة قبورهم في مقبرة الشهداء، والدعاء لهم وعلى قاتلهم، وأحمد الله على كل شيء وأسأل الله النصر والفرج لسوريا في العيد القادم".
أم فادي ليست إلا واحدة من آلاف الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، وهي نموذج لكل أم سورية فقدت عائلتها، ما دام المجتمع الدولي صامتاً عن جرائم لم يتصورها عقل ولا أرخها تاريخ.
أما أم يوسف، فتقول لبلدي نيوز "نحن عائلة من سبعة أفراد، أنا وزوجي وخمسة شباب، من سكان حي المنشية في مدينة درعا، ذقنا ويلات العذاب منذ بدايات الثورة وحتى اليوم، ففي اقتحام الجيش لمدينة درعا خلال شهر نيسان من عام 2011 فرض على سكان المدينة حالة فرض للتجوال ومنع أي تنقل للمدنيين حتى للحالات الإسعافية أو الطوارئ، بعد عدة أيام من هذه الحالة أصاب زوجي جلطة دماغية نقل على إثرها إلى الأردن وتوفي بعدها، فخرجت أنا وابني الأكبر يوسف والأصغر مؤيد لحضور عزاء زوجي، و بقينا هناك حتى تحرير مدينة بصرى الشام، حيث استشهد ابني محمد خلال المعركة، فاضطررنا للعودة، بعدها بفترة شارك ابني الثالث وليد مع الفصائل بالمعارك ضد لواء "شهداء اليرموك" واستشهد على إثرها، وما هي إلا أشهر حتى شارك ابني الأصغر مؤيد الذي عاد معي من الأردن، في المعارك ضد لواء "شهداء اليرموك" ليقتل على إثرها، والآن زوجت ابني عمر وأعيش معه هو ويوسف".
وتتابع "أعيادنا اليوم ليست كما هي من قبل، فسابقا كان همنا هو زيارة الأقارب والاحتفال بلمة العائلة، أما اليوم فأنا أزور أحبابي وأفلاذ كبدي في قبورهم، وأشتاق إلى زيارة قبر زوجي الذي باعدت السبل بيننا وبينه، فأنا أمضي أيام العيد بزيارة القبور ليس لسبب إلا لأن أبنائي هم سكانها، فلا عيد لنا ولا فرحة إلا برحيل طاغية الشام والقصاص منه والانتقام من كل من أبكى أمهات سوريا".