هل يقوم نظام الأسد بالتغيير من استراتيجيته؟ - It's Over 9000!

هل يقوم نظام الأسد بالتغيير من استراتيجيته؟

atlanticcouncil – ترجمة بلدي نيوز
تشير العديد من الأحداث الأخيرة في سوريا بأن بشار الأسد وحلفاؤه قد قاموا بتغيير استراتيجيتهم العسكرية بالتركيز على استعادة السيطرة على المزيد من الأراضي من تنظيم "داعش"، بالتنسيق مع عمليات القصف على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في غرب سوريا، حيث يأمل نظام الأسد من خلال التركيز على استعادة السيطرة على الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، باستعادة الشرعية الدولية، وإجبار الولايات المتحدة (وغيرها من الدول التي تدعم المعارضة) في وضع غير مستقر: بتقديم الدعم المباشر أو غير المباشر للنظام في حربه ضد تنظيم "داعش"، مما يقوض الدعوات المتكررة للنظام إلى التنحي، والحد من الإدانات لاستهداف النظام العشوائي للمدنيين.
وتشير ثلاثة أحداث إلى هذا التغيير في استراتيجية الأسد، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في 7 حزيران بأن قوات النظام قد بدأت حملة للاستيلاء على مدينة الطبقة كجزء من الحملة التي بدأت يوم 2 يونيو لاستعادة مدينة الرقة، العاصمة المعلنة لتنظيم "داعش"، وتعتبر مدينة الطبقة ذات أهمية استراتيجية لأنها تقع على مفترق طرق تربط بين ثلاث محافظات: الرقة وحلب وحماة، والاستيلاء على الطبقة يقوم بوضع قوات النظام على بعد 40 كيلومتراً فقط من مدينة الرقة، والسماح له بقطع خطوط الإمدادات عن التنظيم، وعزل قوات التنظيم في شمالي حلب، حتى الآن، تجنب النظام إلى حد كبير محاربة تنظيم "داعش" المتطرف، إذ أنه فضل بدلاً من ذلك استراتيجية أن يدعهم ليقوموا بخدمة مصالحه، بل قام أيضاً بالتنسيق معهم، إن خطاب الأسد في 7 يونيو، والذي وعد فيه باستعادة "كل شبر" من الأراضي سوريا، يشير أيضاً إلى هذه الزيادة في التحول نحو الانخراط في المعركة ضد "التنظيم"، وفي أعقاب انهيار وقف الأعمال العدائية، قامت روسيا باستئناف القصف على نطاق واسع على مدينة حلب، وإراحة قوات الأسد لإشراك وحداته ضد تنظيم "داعش" في أماكن أخرى.
لقد بدأ نهج النظام بترك التنظيم حراً طليقاً للاستفادة منه، بالتغيير عندما قامت قوات النظام، والتي يسيطر عليها مقاتلون أجانب (بما في ذلك حزب الله والميليشيات الإيرانية والروسية) بقرار استعادة مدينة تدمر من مقاتلي تنظيم "داعش" في شهر مارس من هذا العام، وخلال ذلك الوقت، قام القصف الروسي لمواقع سيطرة المعارضة، والتي تقع في الغالب في مدينة حلب بمساعدة النظام على فرض حصار شبه كامل للمدينة، حيث تم تطويقها من ثلاث جهات وقصف الطريق الرئيسي الذي تسيطر عليه المعارضة في شرق حلب، وبإلزام قوى المعارضة بوجود جغرافي ضيق النطاق، يبدو الأسد راضياً بأنه نجح في النهاية باحتواء تهديد الثوار.
إن ملاحقة تنظيم "داعش" الآن هي محاولة من النظام لإعادة بناء شرعيته، حيث يود أن يظهر بأن أولوياته تتماشى مع الجهود الدولية لمكافحة التطرف، ويفرض على الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد التنظيم، بتقديم الدعم الضمني للنظام السوري، إن الضربات الجوية لقوات التحالف الدولية ضد موارد تنظيم "داعش" العسكرية وخطوط أنابيب النفط، ومقاتلي التنظيم في سوريا، قامت بإضعاف التنظيم بما فيه الكفاية أمام قوى سوريا الديمقراطية، والتي يسيطر عليها الأكراد، لتقوم باستعادة بعض الأراضي من قوات التنظيم في شمالي سوريا، ولكن ذلك سمح أيضاً لقوات النظام وحلفائه بالتحرك ضد التنظيم.

إن الجهود الدولية المستمرة لاقتلاع تنظيم "داعش" والجهود البلاغية فقط، لعرقلة حربه ضد المعارضة السورية، تقوم فقط بتعزيز مطالب الأسد بأنه سيتمكن من استعادة كل شبر من سوريا، فالسباق الآن لاقتلاع تنظيم "داعش" من الرقة أصبح عاملاً حاسمًا في المعركة من أجل الشرعية: وإن كان النظام يستطيع تحمل مسؤولية طرد تنظيم "داعش" من عاصمته المعلنة، فإنه سيستفيد من ذلك معلناً نفسه كبطل دولي في مكافحة الإرهاب.
ويبدو أن روسيا وإيران مستعدين لتقديم الدعم الكامل لهذه الاستراتيجية، حيث تقوم روسيا بعرقلة عملية التفاوض قدر الإمكان، لأنها تساعد النظام على تشكيل الواقع العسكري في سوريا، باستعادة الأراضي الخارجة عن سيطرته، وتعزيز قبضته على الأراضي الحالية، ومحاربة تنظيم "داعش"، وسيقوم ذلك كله بوضع النظام في موقف أفضل للمساومة والتفاوض، بينما تضمن تلك الاستراتيجية للأسد أن تكون المعارضة الوطنية في موقف أقل قوة حينها.
إن الفوائد السياسية والاقتصادية لإعادة السيطرة على الأراضي المفقودة، وخصوصاً إذا كان يمكن استعادة حقول النفط وآبار الغاز، والأراضي الزراعية، ستقوم بتعزيز ادعاء الأسد بأنه وحده يمكنه أن يقود مرحلة إعادة الإعمار في سورية، وبسبب الكثير من الأسباب نفسها، ستقوم إيران بدعم جهود النظام في مكافحة تنظيم "داعش"، بالإضافة لسبب آخر، فإن تم طرد تنظيم "داعش" أيضا من العراق، فإن إيران من شأنها استعادة الطريق البري لشحن الإمدادات إلى وكيلها الحصري في لبنان، حزب الله.
إن النظام الآن، يقع تحت ضغط كبير لاستعادة السيطرة على الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" وذلك قبل أن يخسر تلك الفرصة من قبل القوى المتنافسة (سواء أكانت "قسد" أو قوات المعارضة السورية)، ففي الهدوء القصير لأعمال العنف التي تلت وقف 26 فبراير للأعمال العدائية، اكتسبت قوى المعارضة الأرض ضد تنظيم "داعش" في ريف حلب، والتي أظهرت ولمرة أخرى التزامها في محاربة التنظيم، متفوقة على لامبالاة النظام المفضلة، وإن استطاعت قوى المعارضة من استعادة الأراضي من تنظيم "داعش"، فإن ذلك سيضع النظام في موقف حرج حقاً.
ولا تزال بعض المسائل العالقة بشأن هذه المسألة، فإلى أي مدى يكون النظام قادراً يا ترى على الذهاب في مواجهة تنظيم "داعش"؟ إن خطاب الأسد عن استعادة كل شبر سوريا، هو أزمة حقيقية بالنظر لنقص القدرات العسكرية للسيطرة على البلد بأكمله، ولا سيما باعتماده على الدعم الخارجي والمقاتلين الأجانب، إن عملية تدمر ليست سوى معركة واحدة رمزية لقوات النظام تحت تصرّف تلك القوى الخارجية نفسها التي على الأرجح ستقود المهمة في مدينة الطبقة الآن، ويبدو من غير المحتمل أن تقوم القوات الروسية وحزب الله والمليشيات الإيرانية بدعم نظام الأسد إلى أجل غير مسمى، وعلى الجانب الآخر، هل سيقوم تنظيم "داعش" بتنسيق انسحابه من مناطق معينة والسماح لدخول النظام كما فعل سابقاً في تدمر؟
إن أحدث خطابات الأسد والتوغل العسكري الأخير، يشير إلى وجود تحول استراتيجي يعطي الأولوية الآن لتنظيم "داعش"، إذ لم تعد المعارضة السورية أكبر تهديد حالي للنظام، وبوجود روسيا وإيران وحزب الله، وفريق مختلط من المليشيات الأجنبية التي تقوم بتقديم الدعم، يشعر النظام بأنه استطاع إلى حد ما تحييد تهديد المعارضة، ويمكنه أن يحول اهتمامه نحو استعادة الأراضي المفقودة، إن الهدف النهائي لهذه الحرب في وجهة نظر النظام، ليس فقط مجرد سحق المعارضة، ولكن أيضاً لاستعادة الشرعية الدولية التي تضمن أن الأسد يمكنه تجاهل دعوات التنحي التي تكررت في السابق، وأن لا تظهر مستقبلاً أي جهود مدعومة دوليا للإطاحة بنظامه.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//