سلاح التهجير.. هل يجعل سوريا بلا سوريين؟ - It's Over 9000!

سلاح التهجير.. هل يجعل سوريا بلا سوريين؟

 بلدي نيوز – ياسر الأطرش

عمد نظام الأسد منذ بدايات الثورة إلى محاولة إحداث تغيير ديموغرافي في مناطق معينة من الأرض السورية، لأسباب كثيرة منها إحداث فتنة وإضفاء صبغة "طائفية دينية" على الثورة، وليس آخرها تقسيم البلد إلى كنتونات ذات أغلبيات طائفية أو عرقية.

ولم يتأخر دخول الحلفاء على الخط نفسه، ومع تباين المصالح، إلا أن إيران وحزب الله من جهة، وروسيا من جهة أخرى، رسخوا سياسة التغيير الديموغرافي وخاضوا معارك كان هدفها الأول هو التهجير قبل المكاسب العسكرية التي كانت غطاء لعملياتهم.

عملية ممنهجة

 التهجير في سورية عملية ممنهجة ومنظمة وتجري بتخطيط عميق منذ بداية الثورة، وثمة مؤشرات كثيرة على هذا الأمر، بداية عبر انسحاب قوات النظام من مناطق في دمشق وحمص وأريافهما، ليتبين لاحقاً أنه لم تكن هناك ضرورات تدعو للانسحاب ولا حتى مخاطر تفرضه، إنما الهدف كان تبرير إخراج المؤسسات والخدمات منها، ثم تبرير استهدافها وتهجير سكانها، وقد تم تعميم هذا النموذج في مرحلة لاحقة على مناطق كثيرة، وخاصة القلمون، وفي المناطق التي لم يستطع نظام الأسد تطبيق هذا التكتيك، اتّبع تكتيك المجازر والإرعاب والقصف المكثف كما حصل في أرياف حلب الشرقية والشمالية ودير الزور ودرعا.

 ويرى الباحث غازي دحمان أن "إيران تلعب دورا مهما في سياسة التهجير، حيث تستخدم أذرعها أقصى أنواع العنف والمجازر ضد السكان بقصد إجبارهم على إفراغ مناطقهم، كالمجازر التي ارتكبتها الميليشيات العراقية في النبك ودير عطية، ومجازر حزب الله في القصير ويبرود ورنكوس، وتعمل إيران على إفراغ المنطقة الممتدة من مثلث الموت في درعا "دير العدس، كفرناسج، الحارة" مروراً بريف القنيطرة الشمالي لتربطها بريف دمشق الغربي والقلمون الغربي وصولا إلى تل كلخ بريف حمص".

ويؤكد الباحث دحمان أنه "قد تم تهجير أكثر من مليوني نسمة من هذه المنطقة التي تطمع إيران بإحلال شيعة من أفغانستان وباكستان فيها، وذلك بالنظر لاستراتيجية هذه المنطقة التي تعتبر واجهة مع الجولان ومتصلة بالبقاع الشرقي حيث وجود حزب الله، كما أنها تحتوي على مرتفعات تشرف على كامل سورية، بالإضافة إلى غناها المائي وتربتها الخصبة، كما تشكل غلافا لدمشق يضمن حمايتها من الاختراق".

وبالطبع فإن دمشق لم تسلم من محاولات التهجير والسيطرة الإيرانية، فتواترت الأنباء من مصادر متقاطعة عن احتلال وشراء بالقوة لمناطق بأكملها في العاصمة ومحيطها، ومن لم يرضخ يكن مصيره الحرق كما حصل مؤخراً في واحد من أشهر أسواق دمشق، حيث تشير الدلائل إلى قيام الميلشيات الإيرانية بإحراق السوق لأن أصحاب المحال رفضوا بيعها.

 لروسيا أسباب مختلفة!

 وتمارس روسيا عمليات التطهير الديموغرافي بشكل مقصود، وإن بعيدا عن الأضواء، وفق الباحث غازي دحمان، الذي يقول لبلدي نيوز إن ذلك يحصل "عبر استهدافها للمناطق التي تشكل غلاف منطقة أكبر تجمع للأقليات في الساحل السوري وجبال العلويين، وتثبت مراجعة الاستهدافات العسكرية الروسية في الشهور الستة الماضية تركيزها على أرياف حمص الشمالية وحماة الغربية والجنوبية، وبالفعل شهدت هذه المنطقة هجرة واسعة في هذه الفترة".

ويضيف دحمان أنه "يتم التجهيز لتهجير أعداد أكبر عبر سياسة الحصار على بقية المدن والبلدات في هذه المناطق وتحويل الحياة فيها إلى جحيم لا يطاق".

 إلا أن الأسباب الروسية لا تتوقف وتنحصر في الداخل السوري، بل تتعداه قريباً وبعيداً في حرب غير معلنة على تركيا والاتحاد الأوربي، العدوّين الضمنيّين لبويتن.

وتحاول موسكو ممارسة ضغط سياسي على الاتحاد الأوروبي عبر مواصلة سياسة التهجير المتعمد للآلاف من السوريين الهاربين من قصف الطائرات الروسية العنيف على حلب وأريافها، ومن ثم النفاذ عبر تركيا إلى أوروبا.

ووفق محللين، يحاول الروس الإفلات من عقوبات اقتصادية واسعة فرضها الأوروبيون على بلادهم إثر إعلان روسيا ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها، عبر الهروب إلى الأمام في تعميق أزمة المهاجرين التي باتت تهدد مكتسبات الاتحاد الأوروبي خاصة اتفاقية حرية الحركة بين الدول الأعضاء.

وشكل اللاجئون السوريون الكتلة الأكبر لأكثر من مليون مهاجر وصلوا إلى أوروبا خلال العام الماضي في أضخم موجة هجرة تشهدها أوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فيما تلوح في الأفق بوادر موجة جديدة تشكلت مع تصاعد القصف الروسي على مدينة حلب.

 كما أن تركيا تخشى وصول مليون نازح جديد إذا استمرت الحملة العسكرية المدعومة من روسيا على مناطق سيطرة المعارضة بحلب، بحسب وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو.

وهو الأمر الذي لا تبدو تركيا مستعدة له تماماً، أو قادرة على الإيفاء بالتزاماته، فهي تحتضن قرابة 2.7 مليون سوري، تصاعدت الاحتجاجات ضدوجودهم في واحدة من أهم المدن الجنوبية التي تستقبلهم، وهي الجارة الحدودية لحلب، فمعظم الفارين من المدينة سيصلون إلى "كلّس" التركية عبر بوابة "باب السلامة" المغلقة رسمياً منذ أكثر من عام.

لذا نجد تركيا تجدد الحديث مع حلفائها عن ضرورة إنشاء مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود، وهو ما تصر الولايات المتحدة على رفضه بحجة عدم إمكانية قيامه عملياً.

ويقول محللون إن الإصرار التركي على المناطق الآمنة في الداخل السوري، سببه الرئيس هو مجابهة مشروع تهجير السوريين والتغيير الديموغرافي المزمع، فهي تعي تماماً الغايات الروسية – الإيرانية في شمال وشرق البلاد، ولن تسمح – ما أمكنها- بتكرار سيناريوهات القلمون وحمص.

مقالات ذات صلة

حسين سلامي"لم يعد لإيران أي وجود عسكري حالياً في سوريا"

سيناتور أمريكي لفصائل المعارضة "فليكن الله معهم، ولسوريا الحرية"

إسماعيل بقائي "نؤكد أهمية الجهود المشتركة في ضمان أمن واستقرار المنطقة"

إجراءات جديدة تتخذها العناصر الإيرانية تتعلق بالاتصالات في البو كمال

الفرقة الرابعة الموالية لإيران تستولي على مناطق في بادية دير الزور وتدمر

الكتيبة النسائية التابعة لإيران في دير الزور وشبح الاغتيالات

//