تشكل حادثة اغتيال "أم زينب العراقية" نقطة تحول في المشهد الأمني للميليشيات الإيرانية في دير الزور، إذ تعد هذه الشخصية من القيادات الأكثر نفوذاً ضمن الكتيبة النسائية التي تتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني. رقية كاظم السوداني، المعروفة بلقب "أم زينب"، وُلدت في النجف عام 1987، وقد لعبت دوراً محورياً في تنفيذ العديد من المهام الأمنية والعسكرية لصالح إيران، خاصة في سوريا والعراق.
من خلال قيادتها لكتيبة الزهراء النسائية وإدارة المركز النسائي في دير الزور، كانت أم زينب مسؤولة عن مهام متنوعة تتضمن التجسس وجمع المعلومات والاغتيالات، إلى جانب ترويج المخدرات. تشير هذه المهام إلى الأهمية الاستراتيجية التي كانت تحظى بها في تحقيق الأهداف الإيرانية في المنطقة.
ورغم قوة نفوذها، تم العثور على أم زينب مقتولة بطلقة في الرأس في منزلها بمنطقة الجورة في 5 أغسطس 2024. الحادثة تسببت في استنفار أمني كبير من قبل الحرس الثوري الإيراني، الذي سعى لجمع أدلة من كاميرات المراقبة في محيط منزلها لتحديد هوية الفاعل، لكن حتى الآن لا تزال هوية القاتل مجهولة.
الأهمية الاستراتيجية للكتيبة النسائية التابعة للحرس الثوري ظهرت جلياً في أعقاب حادثة الاغتيال، خاصة أن الكتيبة كانت قد تعرضت لهجمات سابقة، منها عملية قتل مهندس إيراني وحرق وثائق سرية في منزل يتبع لها. هذه الهجمات المتتالية تشير إلى وجود جهة قادرة على اختراق الإجراءات الأمنية التي تفرضها الميليشيات الإيرانية، ما يزيد من التحديات الأمنية التي تواجهها هذه القوات.
وفي ظل هذه التطورات، تعيش الكتيبة النسائية حالة من الفوضى، خاصة بعد اختفاء "ليليان سعيد تتان"، إحدى القياديات البارزات، في ظروف غامضة بعد تكليفها بمهمة من قبل أم زينب. الاختفاء زاد من القلق والارتباك بين صفوف المنتسبات للكتيبة، مما أدى إلى تعليق أنشطتها مؤقتاً.
يبدو أن هذه العمليات تشكل تحدياً كبيراً للوجود الإيراني في دير الزور، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل الكتيبة النسائية وقدرتها على مواصلة تنفيذ أجندة إيران في ظل هذه التهديدات المتصاعدة.