بلدي نيوز - (عبدالكريم الحلبي)
تصادف هذه الأيام الذكرى السنوية الثانية لاحتلال قوات النظام وميليشياته الإيرانية على مدينة حلب، حيث خرجت آخر قافلة مِن مهجّري مدينة حلب إلى الريف الغربي في ليلة الـ 22 مِن شهر كانون الأول عام 2016، وأعلن نظام الأسد سيطرته على كامل المدينة، بعد حملة عسكرية شرسة شنّها براً - بدعم جوي روسي - على الأحياء الشرقية، بدأت فعلياً يوم الـ 25 مِن شهر تشرين الثاني عام 2016 في حي مساكن هنانو.
احتلال حلب
سيطرت قوات النظام على كامل المدينة، عقب إطلاق حملة برية وجوية شرسة من قبل النظام وحليفه الروسي، استهدفت جميع أحياء المدينة، حيث كانت الغارات تتركز على المناطق المأهولة في السكان والمنازل والأسواق والمدارس والمستشفيات فضلاً عن استهدافه مراكز الدفاع المدني، والذي كان له الدور الأسمى في المدينة.
وقبيل انطلاق المعركة بأشهر قليلة أطبقت قوات النظام حصارها على أحياء حلب الشرقية وأغلقت طريق "الكاستلو" الذي كان يمثل شريان مدينة حلب نحو ريفها الغربي في تاريخ 27/7/2016، والذي خلف انقطاع كافة سبل الحياة من كهرباء ومياه وطعام وشراب وأدوية وكافة المستلزمات اليومية.
وخلال الحملة الأخيرة على المدينة، أودى قصف النظام وروسيا بحياة أكثر من 700 مدني وجرح آلاف آخرين (بحسب منظمات حقوقية) حيث بلغ عدد السكان في القسم الشرقي المحتصر لمدينة حلب قرابة 400 ألف شخص.
معاناة التهجير
تقول السيدة "هلا خطيب" وهي مديرة مدرسة جبل الشيخ في مدينة حلب (سابقاً): "قبيل التهجير بأيام كنا نجهز للعام الدراسي في سنة 2016 وافتتاح المدرسة رغم الحصار المطبق، وافتتحنا باب التسجيل في الشهر التاسع من 2016، حيث تفاجئنا في أحد أيام شهر أيلول ذلك العام بسقوط ببرميلين متفجرين للنظام على المدرسة، مما تسبب بتدمير مبنى المدرسة وتسويته على الأرض".
وحول ألم التهجير، قال "الخطيب" وهي تغالب البكاء: "بالنسبة لمعاناة التهجير هي أمر يصعب وصفه ولا يمكن لأحد الشعور به إلا من ذاق مرارته، حيث كانت أول معاناة هي العجز أننا لا يمكننا فعل أي شيء. الذكريات تؤلمنا ونحاول قدر المكان أن ننساها، لكن الشيء الذي لا يمكن نسيانه هو هدفنا وحلمنا بالعودة إلى أرض بلدنا، وسنعود بإذن الله إلى ديارنا منتصرين".
أحداث حلب الأخيرة
في تاريخ 12 من كانون الأول 2016 تقدم النظام وحلفاءه على عدة أحياء حلب الشرقية، عقب قتال مكثّف استمر لعدة أيام، تحت غطاء جوي روسي لم يترك لمقاتلي المعارضة سوى جزء صغير من المدينة.
وفي 23 كانون الأول، صُدر إتفاق هدنة بين "المعارضة والنظام" لوقف إطلاق النار وإخلاء أحياء حلب الشرقية المحاصرة من المدنيين والمسلحين، حيث بدأ خروج المدنيين من حلب بتاريخ 15 كانون الأول بخروج أول دفعة من المدنيين بقافلات إلى حي الراشدين غرب حلب.
مهجرون يستذكرون
الناشط "محمد جقير" أحد المهجرين من مدينة حلب يستحضر تلك المرحلة المؤلمة، ويقول لبلدي نيوز: "في مثل هذه الأيام منذ عامين كانت من أصعب الأيام التي مرت على أبناء مدينة حلب عامة وعلى المعارضة خاصة، حيث تم إجلاء المدنيين قسرياً من أرضهم وبيوتهم باتفاق بين فصائل المعارضة وقوات النظام بعد ستة أشهر من حصار خانق وقصف بكافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً".
ويضيف جقير "كان قرار الرحيل صعباً على سكان حلب، لكن رفقاً على ما تبقى من أرواح بريئة".
وأضاف: "وثقتُ بعض الصور قبل خروجي بيوم من مدينة حلب، وأنا أكتب على جدرانها الطاهرة لتبقى ذكرى لي والحي الذي أقطن فيه".
وأشار جقير أنه كان في آخر القوافل التي خرجت من مدينة حلب بتاريخ 22/12/2016. مضيفاً "لقد تركنا حلب بقاع لقلوبنا خاوية على عروشها فارغة من أهلها ليعاد احتلالها من النظام، حيث كانت آخر أيامنا من أسوأ الأيام التي مرت بحياتنا، والآن أكملنا عامين على التهجير وما زلت مؤمنا بعدالة الله وآمل بعودتي إلى منزلي ومدينتي المحتلة".
وفي الصدد؛ تقول السيدة "أم أحمد" وهي احدى المهجرين قسرياً من مدينة حلب لشبكة بلدي نيوز: لقد تركت كل ما أملك في المدينة (زوجي وابني وابنتي) الذين استشهدوا في حي السكري ولم ينجى من عائلتي غيري دفنتهم بأحد الحدائق- ياليتني بقيت معهم - تركت قبورهم الطاهرة وجئت إلى هنا لأرى العذاب بعيناي".
وأضافت: "أتمنى أن أعود إلى حلب لأراهم وأقبل قبورهم، فاليوم تمر ذكرى استشهاد أسرتي وعامين على خروجي من حلب".
وما زال يعيش سكان حلب ذكرى خروجهم من مدينتهم كل عام، متأملين بقلوبهم بأنهم عائدون لمدينتهم ومنازلهم مهما طال الظلم والألم مرددين بشكل دائم "راجعين ياحلب" منتصرين على النظام وحلفاؤه.