بلدي نيوز – (منى علي)
تضمنت الخطة الفرنسية التي سيطرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص الحل في سوريا، والتي سربت مصادر خاصة لبلدي نيوز بعض بنودها، بنداً يؤكد على وحدة الأراضي السورية ومركزيتها، وهو ما سبق وأكدت عليه الدول الفاعلة في الملف السوري دولياً وإقليمياً وعلى رأسها (الولايات المتحدة، روسيا، إيران..).
الدول عينها، التي لا تترك مناسبة إلا وتؤكد على ضرورة بقاء الوطن السوري موحداً، هي التي تتقاسم النفوذ على الأرض السورية، لا سياسياً وحسب، وإنما عسكرياً، فروسيا باتت تسيطر عسكرياً على الساحل السوري بأكمله، وأجزاء من حمص وحلب، كما لها وجود قوي في تدمر والبادية الشامية.
أما إيران، فقد باتت القوة الأكثر سيطرة على مناطق النظام في سوريا، إذ تحكم قبضتها على دمشق وريفها، وتحضر بقوة في حمص وأرياف حماة وحلب وحتى على الحدود مع "إسرائيل"، في حين أنها تستميت للسيطرة على طريق في البادية الشامية يضمن مرورها بسلاسة من طهران إلى ضاحية بيروت الجنوبية عبر بغداد وبادية الشام، وتخوض من أجل هذا الهدف حرباً غير معلنة مع الولايات المتحدة، التي أقدمت – بعد إحجام- على الدخول مباشرة في الصراع على سوريا عبر بناء قواعد لها في البادية السورية، وعززت وجودها البري، كما أنشأت قواعد عسكرية من ضمنها مهابط طيران في الشمال السوري الذي تسيطر عليه حليفتها قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
ومع وجود قوات تركية في ريف حلب الشمالي، دخلت لمساندة الجيش الحر في حربه ضد تنظيم "الدولة" لاستعادة تلك المناطق، صارت سوريا تضم أربع قوى أجنبية على أرضها، منها ما رسم مناطق سيطرته وأرسى وجوده فيها علناً، مثل روسيا وإيران، ومنها ما هو قابل للتغيير وفق معطيات سياسية مثل الوجود الأمريكي والتركي. فكيف يمكن - والحالة هذه- الحديث عن خطط لضمان وحدة الأراضي السورية ومركزية الدولة؟
الصحفي السوري فراس ديبة قال إنه لا يمكن الحديث عن أن النتائج تكون مرتبطة بالتصريحات الصادرة عن الزعماء، مستشهداً بتجارب سابقة "مفضوحة" من تصريحات مشابهة صرح بها الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون إبان "غزو العراق"، حيث كانوا جميعا ينادون بضرورة بقاء العراق موحدا، وبالتالي لا يمكن الوثوق بالمنظومات والأدوات ذاتها بأنها ستكون حريصة فعلا على وحدة التراب السوري.
وأكد الصحفي "ديبة" في حديثه لبلدي نيوز أن "ما يتم الحديث عنه هو للاستهلاك الإعلامي والمزاودات السياسية، في ظل وجود عدة جيوش على الأرض السورية (روسية إيرانية أمريكية ميلشياوية..)، أضف إلى ذلك فلول داعش".
واستشهد "ديبة" بتجربة الحاكم الأمريكي للعراق إبان الغزو، بريمر، الذي كان يسوق لفيدرالية مشابهة للفيدرالية الأمريكية، ليخلص إلى أن "الحديث عن مركزية الدولة هو عبث عندما نتحدث عن السياسة الأمريكية".
واستعرض الصحفي السوري الوجود الراهن للقواعد الأجنبية على الأرض السورية وتقاسم النفوذ بين روسيا وإيران وأمريكا وتركيا. لافتا إلا أنه يتم ترسيم حدود حتى بين القرى السورية، مستشهدا بريف حماة الشمالي المقسوم بين فصائل الثوار وإيران.
وعلى الصعيد الداخلي، رأى "ديبة" أنه "من الصعب جداً في حال حسم القضية السورية التعايش بين فئات الشعب السوري، فهناك أزمة ثقة بسبب الدماء التي ما زالت تراق، وهناك رغبة بالثأر لدى أطياف المجتمع، لذلك قد تكون الفيدرالية هي المخرج والحل للحفاظ على سوريا كدولة".
وإذا ما صح قول معارض سوري بأن السوريين جميعا، نظاماً ومعارضة، قد فقدوا أي حضور في القضية السورية، فإن قرار التقسيم والتقاسم يخضع لمصالح وتسويات الدول الفاعلة، وما على الأطراف إلا التوقيع في "جنيف" على وثيقة "تقرير المصير".