بلدي نيوز – (متابعات)
قالت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، إن سياسة الولايات المتحدة في سوريا لم تعد تركز على إزاحة بشار الأسد عن السلطة، في اختلاف عن رؤية القوى الأوربية التي تصر على رحيل الأسد، وقد أثار هذا التحول استهجانا قويا من قبل عضوين اثنين على الأقل من الجمهوريين بمجلس الشيوخ.
بالمقابل، اعتبرت المعارضة السورية ذلك بأنه رسائل متناقضة من البيت الأبيض، بينما لفت السفير الأمريكي السابق في دمشق، إلى أنه لا جديد في الموقف الأمريكي من بشار الأسد، معتبرا أن دونالد ترامب يسير على نهج سلفه باراك أوباما.
وقالت السفيرة نيكي هيلي أمام مجموعة صغيرة من الصحفيين، أمس الخميس، "أنت تنتقي معاركك وتختارها، وعندما ننظر إلى هذا نجد الأمر يتعلق بتغيير الأولويات. وأولويتنا لم تعد الجلوس والتركيز على إزاحة الأسد عن السلطة"، حسب وكالة رويترز.
واعترفت المندوبة الأمريكية أن "الأسد" عائق أمام السلام في سوريا، قائلة "هل نعتقد أنه عائق؟ نعم، هل سنجلس هناك ونركز على إزاحته؟ لا"، ومضت قائلة "ما سنركز عليه هو ممارسة الضغوط هناك حتى يمكننا البدء في إحداث تغيير في سوريا".
بدوره، وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في أنقرة، إن وضع الأسد على المدى الأبعد "سيقرره الشعب السوري".
وركزت إدارة أوباما في سنواتها الأخيرة على التوصل لاتفاق مع روسيا يؤدي في النهاية إلى رحيل الأسد، وإن كان تركيزها قد تحول لاحقا إلى قتال تنظيم "الدولة".
وقالت "هيلي" التي تولت من قبل منصب حاكمة ولاية ساوث كارولاينا "ليس لزاما علينا أن نركز على الأسد بنفس طريقة الإدارة السابقة... أولويتنا هي أن ننظر فعليا إلى كيفية إنجاز الأمور ومن نحتاج للعمل معه لإحداث اختلاف حقيقي لشعب سوريا".
واتهمت "هيلي" الأربعاء الماضي، روسيا وإيران و"نظام الأسد" بارتكاب جرائم حرب، وقالت أيضا إن الولايات المتحدة تؤيد محادثات السلام السورية التي ترعاها الأمم المتحدة، وإن سوريا لا يمكن أن تبقى "ملاذا آمنا للإرهابيين" وإن من الضروري "أن نخرج إيران ومن يحاربون بالوكالة عنها من البلاد".
واستنكرا عضوي مجلس الشيوخ الجمهوريين جون مكين، ولينزي جراهام، بشدة هذا التحول في الموقف الأمريكي.
وقال "مكين" الذي يرأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ إن تصريحات تيلرسون "تغفل الواقع المأساوي المتمثل في عجز الشعب السوري عن تقرير مصير الأسد، أو مستقبل بلده بينما هو يتعرض لمجازر" على أيدي قوات النظام والقوات الجوية الروسية والفصائل المدعومة من إيران.
وأضاف "أرجو أن يوضح الرئيس ترامب أن أمريكا لن تسير في هذا الطريق الانهزامي المدمر للذات"، مضيفا أن حلفاء الولايات المتحدة قد يخشون انعقاد صفقة مع الأسد وروسيا "بوعد أجوف بالتعاون في التصدي للإرهاب".
وقال "جراهام"، وهو أحد صقور السياسة الخارجية مثل مكين وعضو في لجنة القوات المسلحة، إن التخلي عن إزاحة الأسد كهدف سيكون "خطأ جسيما" وخبرا صادما للمعارضة السورية وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وتابع إن ترك الأسد في السلطة سيكون بالإضافة إلى ذلك "جائزة كبرى لروسيا وإيران".
من جانبها، قالت فرح الأتاسي عضو الهيئة العليا للمفاوضات بالمعارضة السورية، إن وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض يبعثان برسائل متناقضة بشأن سوريا، وإن عليهما البدء بالاضطلاع بدور القيادة وعدم التركيز على قتال تنظيم الدولة الإسلامية وحسب.
بدروها، فرنسا وبريطانيا، أكدتا في وقت سابق أمس، موقفهما إزاء رأس النظام بشار الأسد.
وقال مندوب فرنسا في الأمم المتحدة فرانسوا دولاتر للصحفيين "الأسد لن يكون له مستقبل في هذا البلد".
أما روبرت فورد الذي استقال عام 2014 كسفير للولايات المتحدة في سوريا بسبب اختلاف الرؤى فقد قال إن سياسة الحكومة الأمريكية منذ أواخر 2014 تتمثل في التركيز بصورة أكبر على قتال الدولة الإسلامية بالإضافة إلى القاعدة "حتى وإن لم تقر قط بأن تركيزها في سوريا قد تحول".
وأضاف فورد الذي يعمل الآن بمعهد الشرق الأوسط وجامعة ييل "تصريحات السفيرة "هيلي" إنما تؤكد أن إدارة ترامب تحذو نفس الحذو."
ومنذ بدء الثورة السورية ضد بشار الأسد في 2011، أكدت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على ضرورة رحيل الأسد.
لكن في أواسط 2014 ومع زيادة الدعم الأمريكي للمعارضة المعتدلة التي تقاتل نظام الأسد أقر مسؤولون أمريكيون بشكل غير رسمي بأن الأسد لن يرحل قريبا واعترفوا بصعوبة إزاحته.
وبحلول أيلول/ سبتمبر 2015 قال جون كيري الذي كان وزيرا للخارجية الأمريكية وقتها إنه يتعين رحيل الأسد، لكن توقيت ذلك يجب أن يتقرر من خلال المفاوضات.