تفاعلات معركة دمشق ونتائجها.. انفراط عقد القتلة - It's Over 9000!

تفاعلات معركة دمشق ونتائجها.. انفراط عقد القتلة

بلدي نيوز – (تركي مصطفى)
تناقش هذه الورقة المعركة الدائرة في الأحياء الشرقية والشمالية من العاصمة دمشق بين فصائل الثورة السورية المسلحة من جهة, وبين قوات نظام الأسد والميليشيات الشيعية الطائفية من جهة أخرى.
ونمهد باستعراض تحليلي موجز لأهمية العاصمة في بعدها العسكري المتصل بنتائج المعركة وأهدافها.
ونتناول بالتحليل جوانب هذه المعركة, خططا وتفاعلات ونتائج, كما نقف على آفاقها المحتملة اعتمادا على توجه عجلة المعارك ومحركاتها التي ستقلب موازين القوى المتصارعة وتعطي فرصة للمعارضة السورية لالتقاط أنفاسها في جولة جنيف الخامسة.
مدخل
منذ انطلاقة معركة دمشق يوم 19 من شهر آذار الجاري, دخلت مدينة دمشق ومحيطها خط المواجهة الملتهب بين فصائل الثورة من جانب, وقوات نظام الأسد والميليشيات الشيعية الطائفية من جانب آخر, ولا تزال المعارك في تمدد مستمر على خريطة العاصمة في جهاتها  الشمالية والشرقية والجنوبية.
أمام استمرار المعارك طرأت تغيرات شتى على خارطة السيطرة, ونمط القتال وخططه وإمكانياته ومواقف الأطراف في التحالفات والتكتلات, وظلت معركة دمشق مثار جدل حول تعثر فصائل الثورة المسلحة الذي أفضى إلى تهجير ممنهج ودمار مدن وبلدات على رؤوس أهلها, وجاءت معركة دمشق (يا عباد الله اثبتوا) وما شكلت من مفاجأة عسكرية أعطت قوة دفع لعجلة الحرب, وحفزت الجبهات الأخرى للتحرك كمعركة ريف حماة ودرعا والمناوشات الجارية في ريف حلب الجنوبي حيث من المفترض أن تجني ثمارها المعارضة السياسية في جنيف.
أهمية العاصمة دمشق ومعركتها
يمكن وصف معركة دمشق بأنها الجانب الأكثر حساسية وتأثيرا في مسار الثورة باعتبارها العاصمة السياسية (سفارات وقنصليات, ومطار دولي), وتتركز فيها مواقع وغرف عمليات الميليشيات الإيرانية الشيعية التي تحتل مفاصل العاصمة, وتعمل على التغيير الديمغرافي بتوطين عائلات شيعية بعد تهجير السكان الأصليين للعاصمة ومحيطها.
ومن العاصمة يمر خط إمداد إيران إلى ميليشيا "حزب الله" اللبناني من مطار دمشق الدولي عبر منطقة القلمون الغربي وصولا إلى ضاحية بيروت الجنوبية, وفي الأحياء الجنوبية للعاصمة توجد بعض فصائل الثورة في أحياء مخيم اليرموك والقدم والحجر الأسود وببيلا  الخاضعة لحصار خانق منذ ثلاث سنوات.
ويتبع ذلك قيمة استراتيجية وجيواستراتيجية للعاصمة الأقدم في العالم من خلال تنوع تضاريسها بين السهلية والهضبية التي يخترقها نهر بردى مما أعطى غوطة دمشق ميزة اقتصادية كانت عاملا استراتيجيا في صمود أهلها على مدار سني الثورة.
وتكمن أهمية العاصمة في كونها أهم نقطة وصل وفصل جغرافي بين جنوب وشمال سوريا وهو ما يضعها في خريطة من يسعى لتحقيق نصر عسكري وسياسي.
المشهد الميداني القائم
تظهر المعركة الدائرة في دمشق تنسيقا عسكريا عالي المستوى قدمته فصائل الثورة ضد قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية الشيعية تمثل في الخطط التكتيكية المنظمة التي أبهرت نتائجها المراقبين بكسر القوس الدفاعي الاستراتيجي الذي أنشأه نظام الأسد والممتد على طول خط الجبهة من أطراف حي جوبر وصولا إلى الأوتوستراد الدولي بالقرب من القابون بعدما شنت فصائل الثورة هجوما نحو قوس قوات الأسد, فاستطاعت التقدم على عدة محاور في كراجات العباسيين والمعامل والمصانع الفاصلة بين حيي جوبر والقابون في محاولة لإبعاد خطر قوات الأسد عن الأحياء الشمالية للعاصمة واستعادة مناطق أخرى في المرحلة الأولى من المعركة, فاستهدف أبنية تتمركز فيها قوات الأسد ومليشياته في عمق منطقة العباسيين وعلى أطراف شارع فارس الخوري, وهو عبارة عن رقعة جغرافية تمتد من كراجات العباسيين إلى ساحة العباسيين، وتتفرع عنه شوارع وأزقة تنتهي بالقرب من مجمع العباسيين. والسيطرة على شارع فارس الخوري بالكامل تتطلب السيطرة على كامل المنطقة.
وأعلن "فيلق الرحمن" يوم الثلاثاء الماضي بداية المرحلة الثانية من معركة "يا عباد الله اثبتوا"، من خلال استهداف مواقع وتحصينات قوات الأسد بسيارة مفخخة، تلاها تقدم عناصره باتجاه المنطقة الصناعية وشركة الغزل والنسيج وحاجز سيرونكس، بعدما كانت فصائل الثورة قد انزاحت عنها الاثنين. هذا التقدم في أحياء دمشق الشرقية، يأتي تحت القصف العنيف، إذ نفذت طائرات  نظام الأسد عشرات الغارات الجوية، فيما أعلنت الفصائل إصابة طائرة من طراز "ميغ" أثناء تنفيذها غارة على حي جوبر الدمشقي.
ورغم سيطرة المعارضة نارياً على شارع فارس الخوري وكراجات العباسيين، حاولت قوات الأسد تحصين خطوط دفاعاتها واستقدمت تعزيزات من ميليشيا "حزب الله" اللبناني من وادي بردى ومناطق دمشق المختلفة مع ارتفاع وتيرة القصف على مناطق الاشتباك بشكل كبير.
وتشهد مدينة دمشق خلال سير المعارك استنفاراً أمنياً غير مسبوق، وتدقيقاً على الحواجز، وانتشاراً عسكرياً كبيراً لقوات الأسد والمليشيات الإيرانية وسط معلومات عن تسلل استشهاديين إلى دمشق حيث أخلت قوات الأسد مبنى الشؤون العقارية بعد الاشتباه بوجود قنبلة فيه، وأجرت عمليات تفتيش مكثف في أحياء دمشق.
وبدأت المعركة بعمليتين استشهاديتين بتفجير عربتين مفخختين استهدفتا مواقع قوات نظام الأسد في أطراف حي جوبر، تبعها هجوم لانغماسيين ومقاتلين من الفصائل الثلاث "أحرار الشام وهيئة تحرير الشام وفيلق الرحمن".
ولا بد حين  رصد سير معركة دمشق وتفاعلاتها المهمة من معرفة طرفي القتال .
أولا: فصائل الثورة المسلحة
- الجيش الحر: يدخل غمار هذه المعركة بفصيل أساسي هو "فيلق الرحمن" يملك سلاحا خفيفا ومتوسطا وثقيلا اغتنمه أثناء المواجهات مع نظام الأسد, وتدعمه مجموعات عسكرية مستقلة من الجيش الحر ذات مهام قتالية ولوجستية.
-  هيئة تحرير الشام: تشكيل قتالي جديد تأسس بعد اندماج العديد من الفصائل العسكرية قبل نحو شهرين بقيادة هاشم الشيخ أبو جابر، مستقل ينسق بينه وبين الفصائل الأخرى أثناء خوض المعارك المشتركة, يتألف من مجموعة مقاتلين اكتسبوا قدرات قتالية عالية المستوى .
ثانيا: قوات نظام الأسد وميليشيا الشبيحة والميليشيات الشيعية

تمثل هذه التشكيلات الطرف المواجه لفصائل المعارضة المسلحة, وهي :
- الميليشيات الإيرانية: مجموعة من المقاتلين الطائفيين زجت بهم إيران في الحرب السورية لمواجهة الشعب السوري الثائر مقابل مبالغ مالية وتجييش طائفي لقتال أهل السنة, يطلق على تشكيلاتها أسماء إيديولوجية مثل (حزب الله اللبناني, وكتائب أبي الفضل العباس العراقي ولواء فاطميون الأفغاني) إضافة لمجاميع الحرس الثوري الإيراني، وتمتلك إيران قاعدة عسكرية بالقرب من مطار دمشق الدولي.
- قوات نظام الأسد: تتكون من بقايا الجيش وتمتلك عدة قواعد عسكرية في العاصمة, أهمها مقرات الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري إضافة إلى الأجهزة الأمنية المتعددة.
تفاعلات معركة دمشق ونتائجها

-عسكرياً:
عملت فصائل الثورة المسلحة بالتنسيق والتعاون فيما بينها على زيادة رصيدها, فتمكنت منذ انطلاقة المعركة في 19 آذار الجاري من تحرير مناطق استراتيجية مهمة محققة نتائج كبيرة يمكن رصدها من خلال امتلاك فصائل الثورة المبادرة والمبادأة, وباتت قوات الأسد وميليشياته تعتمد بشكل رئيسي على سلاح الطيران, كما سيطرت ناريا على الطريق الدولي دمشق - حمص.
وبحسب مراقبين ستتسع المعركة يمينا وشمالا ما يعني دخول مناطق أخرى ضمن دوائر المعركة مثل طريق مطار دمشق الدولي, واقتراب الفصائل المسلحة من شارعي فارس الخوري والعدوي، حيث دمرت الفصائل دبابتين لنظام الأسد وبعض الآليات العسكرية على طريق العدوي، مما اضطر نظام الأسد لاستقدام أعداد كبيرة من الميليشيات الشيعية كحزب الله اللبناني وميليشيا "حركة النجباء" العراقية و"أبي الفضل العباس", وبالتالي نقل الثوار المعركة من الغوطة الشرقية وحيي برزة والقابون إلى قلب العاصمة دمشق.
علاوة على اشتداد المواجهة في معركة حماة التي تشهد معارك كبيرة, كما تفاعلت الفصائل الثورية في منطقة الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي مع معارك دمشق وحماة , لذلك يستميت نظام الأسد والميليشيات المساندة له درءا لمثل هذا المصير, حيث يعتبر التوغل داخل أحياء دمشق القديمة توسيعا للمنطقة المحررة, وإبعادا لشبح الإطباق على حيي برزة والقابون, لذلك فإن فصائل دمشق المسلحة تشن هجوما بشكل يومي على قواعد نظام الأسد العسكرية والميليشيات سواء في محيط منطقة العباسيين أو البانوراما والمنطقة الصناعية على أطراف القابون, وتعمل على التشبث بالأرض التي حررتها وتأمينها وتحصينها والتركيز على توسيع الميدان الجغرافي للمعركة التي تهدد فعليا نظام الأسد برمته, خاصة أن عددا من الاعتبارات المهمة تدفع الطرف الآخر للقتال باستماتة في محاولة استعادة ما خسره, في الوقت ا لذي يترك فيه الروس قوات الأسد والميليشيات الإيرانية في حالة استنزاف نتيجة الصراع الروسي الإيراني على النفوذ في دمشق.

سياسياً:
وفي تفاعلات المعركة في جانبها السياسي يفتقد الروس لرؤية دقيقة للمشهد السوري, مما قد تجبره نتائج المعركة  للعودة إلى الهدنة والتفاوض وطي ملف تهجير أحياء الغوطة الشرقية وعلى رأسها سكان حيي برزة والقابون ورسالة قوية للأسد باقتراب نهاية دوره بعد إظهار عجزه في إحكام سيطرته على مناطق في دمشق محاذية لقصر المهاجرين, وهذه المعركة والمعارك الجارية في حماة وغيرها أعطت ائتلاف قوى الثورة حزمة من الأوراق العسكرية تمنحه قوة سياسية ضاغطة في جولة محادثات جنيف الخامسة المزمع انعقادها اليوم 23 الجاري كتثبيت وقف إطلاق النار فعليا والتركيز على ملف انتقال السلطة السياسية, فالأسد العاجز عن الدفاع عن نفسه ليس بمقدوره أن يكون فاعلا في محاربة الإرهاب.  
وترافقت الجولة الرابعة في جنيف بإمعان نظام الأسد في سياسة التهجير وتفريغ المناطق المحررة في محيط دمشق من أهلها, ومع اقتراب استئناف جولة جنيف الخامسة شن هجوما على حيي برزة والقابون الدمشقيين لتوسيع حزامه الأمني, وإعطاء قوة لممثله بشار الجعفري في جنيف, ولكن المعركة التي أربكت حسابات الأسد وحلفائه ستدفع القوى الإقليمية والدولية للبحث جديا في حل سياسي فعليّ تكون نتيجته انتقال السلطة السياسية ورحيل نظام الأسد.

مقالات ذات صلة

بدرسون يصل دمشق لإعادة تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية

مطالبات بإعادة إحياء صناعة الأحذية في سوريا

سفير إيطاليا لدى النظام "أبدأ بحماس مهمتي في دمشق"

قاطنو العشوائيات في دمشق"روائح كريهة وانتشار للقوارض ومعاناة مستعصية"

محاولة هروب فـاشلة لمتـ.ـهم في "مجزرة التضا.من" خلال محاكمته في ألمانيا

غارات إسرائيلية جديدة على المزة بدمشق