بلدي نيوز – حمص (أسامة أبو زيد)
تم ظهر اليوم الاثنين توقيع اتفاق بين لجنة تفاوض حي الوعر وقوات النظام برعاية روسية، وقد أفضى هذا الاتفاق إلى خروج من يريد من حي الوعر إلى جرابلس أو ريف إدلب أو حتى ريف حمص الشمالي وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء داخل الحي، بعد عودة سيطرة قوات النظام عليه.
خيارات أحلاها مرّ
قام الطرف الروسي "الضامن" للاتفاق خلال جلسات التفاوض الطويلة بوضع السكين على رقبة المفاوضين واضعين نصب أعينهم خيارين: إما الخروج أو التسوية أو القتل إذا ما تم الرفض.
التسوية التي تعني أن يعود الشخص مواطناً سورياً لدى نظام الأسد تطبق بحقه القوانين والأحكام من ناحية الاعتقال أو السوق للجندية أو الاحتياط، خصوصاً مع وجود أعداد كبيرة من الشبان داخل حي الوعر.
أما الخروج أو كتسمية أوضح "التهجير القسري" فهل هو تنفيذ رغبة للمحاصرين الجياع، أم أنه إبعاد عن الأرض والبيت والديار التي نشأ معظم الشبان فيها وحملوا السلاح دفاعاً عنها وعن أهلهم الذين سيخرجون معهم بعد فقدان الثقة بهذا النظام المجرم وممارسته ضدهم سياسة التجويع على مدى 3 سنوات، وقتلهم بشكل يومي واستهدافه لهم وترك جبهات القتال، وأخيراً حرمانهم من أبسط مقومات الحياة الغذائية والطبية التي قد ينالها الإنسان في أي بقعة من الأرض وحرمانهم من الطعام والشراب والعلاج والدواء وإغلاق الطريق في وجه الأطباء.
طرق وعرة
"عبد الله" شاب من سكان الحي متخلف عن الجيش أفاد لـ "بلدي نيوز" أنه ينوي الخروج من الحي مع باقي الفصائل العسكرية التي حارب في صفوفها لأكثر من عامين، وعدم رغبته في القتال إلى صف قوات النظام التي تستهدف أهله في باقي المناطق السورية.
أما "بلال" الذي انشق عن جيش النظام في عام 2012 ينوي الخروج أيضاً لعدم رغبته في العودة إلى ذلك الجيش، بعد ما شاهده بأم عينه من بطش قوات النظام بالمدنيين في الكثير من المناطق السورية، وقد عبر بقوله لـ "لبلدي نيوز": "أنا لم أنشق عن جيش نظام الأسد المجرم حتى أعود له مرة ثانية".
"محمد السباعي" ناشط في مركز حمص الإعلامي تحدث لـ "بلدي نيوز"عن غصة في قلبه لصعوبة مواجهة مصير غامض ينتظره وفراق صعب لآخر قلاع الثورة في مدينة حمص التي تربى وترعرع بها.
يرى "السباعي" هذا الاتفاق أنه "عملية تهجير قسري ساهمت بها كل دول العالم في ظل هذا الصمت المسيطر عليهم، حتى دول أصدقاء سوريا تركوا روسيا وإيران مع هذا النظام يقدمون له الغالي والنفيس ونحن لم يقدم لنا تصريح أو تنديد بتهجيرنا القسري وإخرجنا من أرضنا".
"أم محمد" صاحبة الستين عاماً عبرت لـ "بلدي نيوز" بقولها: "أنا لن أترك أرضي وبيتي ولن يواريني إلا هذا التراب.. اذهبوا أنتم (مشيرةً لأبنائها) أيها الأحرار وحافظوا على مبادئكم وعودوا لنا رجالاً فاتحين لتحررونا من بطش هذا الظالم، نحن ننتظركم مهما طال الزمن.. ظلمهم لنا لن يطول".
أما "أبو يزن" أحد المدنيين داخل حي الوعر فقرر الخروج وأهله الذين سيهجرون معه في رحلة المجهول بعيداً عن أرضهم بعيداً عن أهلهم بعيداً عن وطنهم وأخيراً تحدث قائلاً "نظام الأسد وكل من معه معروفون بالغدر، ولن نستطيع العيش معهم بعد كل ما فعلوه بنا وبأطفالنا من قتل وتدمير وتجويع".
يبقى أهالي حي الوعر بحمص في حالة ضياع ووداع، فالأم سيهجرها أبناؤها والأسرة ستترك منزلها والطفل سيبتعد عن حيه ومدرسته، وسيصبح المحتل صاحب الأرض والبيت بعد الدمار.. ليُسدل –مؤقتا- الستار على الفصل الأخير من قصة "عاصمة الثورة".