بلدي نيوز- (منى علي)
على عكس إيران، التي ترى في شخص الدكتاتور الطائفي بشار الأسد، ضمانة لتمرير مشروعها الطائفي في سوريا وما وراءها، تبدو روسيا (القوة المحتلة الأقوى في سوريا) وكأنها تسعى لاستثمار ورقة الأسد أفضل استثمار، فتطرحه في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا ودول الخليج، طالبة برأسه أعلى سعر ممكن، من مكاسب في أوكرانيا على حساب أوروبا، إلى تفاهمات تجارية وسياسية في الشرق الأوسط تضمن مصالحها الاقتصادية والسياسية.
ولتعزيز قيمة سلعتها، لا بد من إظهار التمسك برأس الأسد إلى أبعد حد، لرفع سعر الصفقة ليس إلا، وما كلام الناطقة باسم الخارجية الروسية لوزير الخارجية البريطاني أمس إلا في خدمة هذا السياق، فقد قالت "زاخاروفا" إن كلام "جونوسون" وزير خارجية بريطانيا عن ضرورة تنحي الأسد، "هو كلام عتيق"، وأن ذلك قد أصبح من الماضي، إلا أن وزيرها سيرغي لافروف، في نفس التوقيت أو قبله حتى، كان يعقد صفقة في موسكو ستطيح بالأسد حتما، فقد نقلت رويترز عن سياسي وباحث روسي كبير أن اتفاقا قد جرى يقضي بإزاحة الأسد بعد فترة حكم انتقالية، وهو ما ذهبت إليه الصحف الغربية التي أكدت أن مصير الأسد قد حُسم وفق تفاهم روسي تركي، إلا أن روسيا ستفاوض للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب.
الباحثة والكاتبة السياسية السورية المقيمة في إسبانيا، نوال السباعي، رأت أن "الحملة الكبيرة التي تشنها روسيا لإعادة تسويق الأسد، لم تخدع غير بعض المهزومين نفسيا منا نحن السوريين، أما في الغرب ووفق مراقبتي الدائبة لوسائل الإعلام في إسبانيا مثلا، ما زال الموقف الرسمي والشعبي هو اعتبار (الأسد) مجرم حرب لابد من محاكمته ومحاسبته".
وبخصوص حماية روسيا للأسد طيلة الفترة السابقة، عبرت الكاتبة "السباعي" عن اعتقادها بأن: "المسألة بالنسبة لروسيا ليست أكثر من رد الجميل للعصابة الأسدية العميلة على قدرتها الإجرامية الفائقة على لجم الشعب السوري أربعين عاما، بينما كانت روسيا تستعمره شبحيا، تنهب خيراته، وتقيم مستعمراتها المتقدمة على الشواطىء السورية، وتستخدم إيران الطائفية كحليف استراتيجي مرحلي، وكحصان طروادة الذي استطاعت من خلال تأجيج المشاعر الطائفية وجر الشعب السوري لحمل السلاح دفاعا عن أبنائه وأعراضه".
وحول الجهود التركية الجبارة في حل القضية السورية والإطاحة بنظام الدكتاتور الأسد، أضافت الباحثة السورية في حديثها لبلدي نيوز: "الحركة التركية السياسية- الديبلوماسية المدهشة في الالتفاف على المجتمع الاستعماري الدولي الذي كان ينوي تفجير تركيا من داخلها، والتي باءت حتى الساعة بالفشل بسبب هذه اليقظة، وهذه الحنكة السياسية المذهلة في اللحظات الحاسمة من الحرب، والتي تحالف فيها الأتراك مع الروس.. مما جعل الروس يتفاوضون معهم باعتبارهم المخولين الوحيدين في التحدث باسم السوريين".
واستطردت: "العجز السوري العام والتشرذم والاختلاف الذي أصيبوا به، جعل العالم يفضل العودة ثمانين عاما إلى الوراء ليعود فيتعامل مع الأتراك على أنهم هم المخولون بالحديث باسم العرب العاجزين اليوم في هذه الحرب العالمية التي تدار بأرضنا بالوكالة".
وبحسب "فايننشال تايمز" فقد قام الجنرال "إيجور سيرجون" مدير الاستخبارات العسكرية الروسية بزيارة لبشار الأسد لإبلاغه رسالة من "بوتين"، مفادها "عليك التنحي جانباً"، وسواء كانت الزيارة قد حصلت أم لا، فإن "تسريبها" وترويجها في وسائل إعلام عالمية، يفي بالغرض، ويؤدي مهمة الزيارة ويوصل فحواها.