بلدي نيوز – (منى علي)
لفترة طويلة، تصدرت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الأخبار، لجهة تأكيده أن بشار الأسد سيرحل إما بحل سياسي أو عسكري، وهو ما أكده مئات المرات في كل المناسبات والمحافل، قبل أن تصبح تلك التصريحات مؤخرا شيئا من الماضي، بعد فرض روسيا وإيران معادلة جديدة على الأرض بالحديد والنار والمجازر، مع غياب عسكري لأي طرف آخر غير حلفاء الأسد.
وبعد حلب، صار واضحاً أن "أصدقاء" الثورة السورية وأنصارها العرب والإقليميين، قد جُردوا من أي فعل عسكري محتمل، أو أنهم كانوا مجردين بالأصل، فالصواريخ المضادة للطيران، والتي كان معولا عليها في قلب المعادلة، بقيت حبراً على ورق الجرائد، وأمنية مؤلمة سيتذكرها السوريون ويقفون عندها مطولا عندما يراجعون تاريخ ثورتهم.
إغاثة حلب المحتلة!
كان لافتاً إطلاق حملات إغاثة ضخمة بعد سقوط حلب في براثن الاحتلال الإيراني الروسي، فبعدما اكتفت الدول "الحليفة" للثوار بالتفرج على حلب وهي تستباح وتُحتل من قبل الميليشيات الإيرانية والمتعددة الجنسيات، أطلقت هذه الدول حملات إغاثة ضخمة، خصوصا دول "قطر وتركيا والسعودية"، حيث جمعت قطر قرابة 300 مليون ريال في حملة "حلب لبيه"، وقدمت تركيا وما زالت مساعدات إنسانية ضخمة في المجال الصحي والإغاثي، بينما أطلقت السعودية يوم أمس الاثنين حملة لإغاثة نازحي حلب، بدأها الملك والدولة بالتبرع بنحو 130 مليون ريال.
حملات للتكفير عن العجز!
كثير من المحللين والمراقبين رأوا في هذه الحملات وبهذه الضخامة وهذا التوقيت، تكفيراً عن العجز والانكسار إزاء الكارثة السورية، فيما ذهب آخرون للقول إنها مراوغة من قبل الأنظمة لامتصاص نقمة الناقمين من الشعوب المتضامنة مع السوريين.
الكاتب السياسي السوري "خالد حاج بكري"، علق باختصار وتكثيف، قائلا لبلدي نيوز: "العرب عاجزون.. وهم يغسلون عجزهم وخوفهم بحملات الإغاثة، كراسيهم هي كل مشكلاتهم، ولكنني أرى أن القبول العاجز سيد الموقف".
الحملات أثارت الكثير من الأسئلة الموجعة والمشروعة والضرورية، ففي حين تحتل إيران الأرض السورية، وتعمل على إحداث تغيير ديمغرافي من حلب إلى دمشق مرورا بحمص، ما الذي قدمه أو يمكن أن يقدمه العرب والمسلمون للسوريين المطرودين من مدنهم وبيوتهم وتاريخهم؟.. هل يكمن الحل أو التعويض في بناء المزيد من المخيمات هنا وهناك، ومن ثم استبدال الخيمة بكرافان ومن ثم ربما منزل طيني؟.. بلا انتماء ولا جغرافيا ولا مستقبل، وهل يمكن أن تنطوي هذه الخطوة "الإنسانية" على مخاطر مستقبلية تثبت الواقع وتقر به؟.. إذ أن المنتصر في الحرب هو وحده من يحدد آليات المستقبل وشكله، وهو من يتحكم في المسار السياسي، أما "الإغاثة" فهي شأن مؤقت ينكمش ويتلاشى مع مرور الوقت واستمراء الهزيمة، فهل يكون لـ"حلفاء" الثورة من العرب والمسلمين دور حاسم في أي مفاوضات تحدد شكل سوريا المستقبلية، أم أن "أصدقاء الثورة" العرب يخططون لحملة إغاثة درعا التي يواجهها الآن خطر الاحتلال؟!..