بلدي نيوز – (خالد وليد)
بعد استيلائهم على حلب بدعم إيراني كامل، وبعد أن زجت إيران بأكثر من 35 ألف عنصر من الميليشيات الشيعية، بدأ الروس بالترويج لسيطرتهم المنفردة على حلب، وبخاصة بعد نشرهم لعناصر الشرطة العسكرية الروسية في المدينة، على الرغم من الانتشار الكبير للميليشيات الشيعية في المدينة وعمليات التمشيط الواسعة التي تنفذها.
الأمر الذي أثار الكثير من اللبس حول أهدافهم أو نواياهم، فمن جهة يوجد تسريبات وأنباء عن اتفاقات لإخراج الميليشيات الشيعية من حلب، وانباء عن "مبادرة أو اتفاق" ثاني في الزبداني، على إخراج ميليشيا حزب الله من المنطقة، الأمر الذي يعني بشكل أساسي حد نفوذ إيران في سوريا، وهو أمر غير مفهوم لحد هذه اللحظة، ولا يعرف تماماً إن كان نتيجة لاتفاقات أو مقدمة لنزاع بين الطرفين، فإيران كانت رأس الحربة في معركة حلب، والطيران الروسي مع قوات النظام لم يكونا كافيين لدخولها، ما قد يعني أن هنالك شكل من أشكال اتفاقيات إعادة تقاسم المناطق تحدث في سوريا بين الروس والايرانيين، وربما مجرد مرحلة جديدة من التنافس بينهما، خصوصاً أن الطرفين لم يكونا حليفين جيدين خلال تاريخهما، وعملية الضغط الذي حدث خلال اتفاقية تهجير المدنيين من حلب وعرقلة الايرانيين لها قد تكون مقدمة لأعمال أكبر، وطفو الخلاف بينهما على السطح، خصوصاً بعد وهم الانتصار ومرحلة تقاسم المكاسب.
سواء كان هنالك عملية إعادة تقسيم للنفوذ أو عملية نزاع على النفوذ بين المحتلين، لكن الأمر المؤكد أن الأسد سيكون أول ضحاياه، وقد يستفيد الثوار منه، ويستطيعون التقدم وحتى إعادة السيطرة على الكثير من المناطق في سوريا، إذا أحسنوا استغلال الموقف وتقديره جيداً.
فمثلا أعلنت روسيا أنها لن تعتمد على الميليشيات الشيعية في معركة استعادة تدمر، الأمر الذي يبدو أنه ناتج عن رفض إيران لإرسال قوات إلى المنطقة، في مسعى لابتزاز الروس (بعد معرفتها بنواياهم) والذين يعلمون بدورهم، أن النظام لا يستطيع بدون الميليشيات الشيعية أن يفعل أي شيء، حتى لو مهد له الطيران الأمريكي والروسي معا قبل المعركة.
فمع تقدم التنظيم باتجاه التيفور وتطويقه يبدو أن المطار قد يسقط هذه المرة، ما يعني المزيد من الاحراج لروسيا، التي زجت بقواتها في المعركة وتبجحت إعلاميا كثيرا، في حين نلاحظ أن الإيرانيين لم يتعرضوا لإحراج حقيقي، فهم لم يكونوا موجودين إعلاميا في واجهة الأحداث في تدمر خلال المراحل التي سبقت استعادتها من قبل التنظيم، وما أشيع عن عملية تسليم إيران المدينة للتنظيم لا تخرج عن استثمار الموقف من قبل إيران، فيبدو أن السبب الحقيقي لسحب إيران لميليشياتها من مدينة تدمر هي معرفتها لضخامة الهجوم وهدفه الحقيقي، ورغبتها بالقول لروسيا أنها لا تستطيع عمل أي شيء بدونها، وبخاصة إذا وصل التنظيم لمدينة حمص، وأخذ مطار التيفور، الأمر الذي يمكن اعتباره ابتزازا لروسيا من قبل إيران.
خلاصة القول جملة الأحداث في سوريا الآن، توحي بأن الروس والايرانيين يعتقدون أنهم حققوا النصر، وهم في مرحلة "قطاف" المكاسب، لكن هذه الحالة قد تسرع من بروز الخلافات بينهم وتحولهم من حليفين في سوريا إلى خصمين قد يصل الأمر بهما للصدام المباشر في سوريا.