وول ستريت جنرال – (ترجمة بلدي نيوز)
في الأيام الأخيرة، حقق النظام وحلفائه الأجانب انتصاراً كبيراً... وتعرضوا لهزيمة مذلة في مكان آخر، فبنتائج مختلفة تماماً وفي معركتين محوريتين هما حلب وتدمر-كانت أولويات النظام والجهات الراعية الروسية والإيرانية- بقتال الثوار السنة المعتدلين وغض النظر عن المتطرفين من الدولة الإسلامية في تدمر.
فبعد كل شيء، لم يكن هناك دولة إسلامية في حلب، حيث استولت القوات السورية هذا الأسبوع على معظم المناطق التي يسيطر عليها الثوار بعد حصار وحشي دام لمدة ستة أشهر. وفي الوقت نفسه، سلمت القوات السورية المدينة التاريخية "تدمر" إلى هجوم التنظيم الإسلامي دون الكثير من القتال!
وهذا إن كان ليسلط الضوء على شيء فهو أن الفقدان السريع لمدينة تدمر وضح ميزة أساسية أخرى من الصراع: استمرار تعرض بشار الأسد ومؤيديه إلى نكسات، مع مواردهم المرهقة بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب، وأظهر مصير تدمر مرة أخرى أن انتصارات النظام آنية ومن الصعب الحفاظ عليها، ويمكن خسارتها بين عشية وضحاها.
كل هذا يعني أنه، على الرغم من احتفالات النظام النصر في حلب، حيث المدنيين والثوار ينتظرون الإجلاء اليوم من المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة -يحذر مسؤولين عرب، بأن الأسد لا يزال بعيداً تماماً عن استعادة السيطرة على سوريا، ولن يكون هناك من انتصار عسكري واضح لهذا النظام في حرب أسفرت عن نزوح أكثر من نصف سكان البلاد وقتل حوالي 400،000 شخص، يقول أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري السابق في مقابلة في أبو ظبي: "إنها ليست نهاية اللعبة على الإطلاق، فالأسد لن يخرج منتصراً وعلى نظامه تقديم التنازلات".
وأضاف: "قد ينتهي فصل الحروب بين الجيوش العسكرية والدبابات والمدفعية ضد المدفعية ولكن ما لم يصل النظام إلى حل تفاوضي مع المعارضة، سوف تنتشر حرب العصابات في كل مكان، إن الأزمة لن تنتهي.... وأي شخص عاقل لا بد أن يصل إلى استنتاج مفاده أن الأسد يجب أن يتنحى عن المشهد السياسي".
جميع الثوار السوريين يوافقون على ذلك:
يقول منذر آقبيق، وهو عضو بارز في أحد فصائل المعارضة الأكثر اعتدالاً، تيار الغد، الذي يقاتل الدولة الإسلامية في شرق سوريا جنباً إلى جنب مع الميليشيات الكردية: "كيف سيتمكن الأسد من حكم البلاد مرة أخرى؟ ينبغي أن تستمر الثورة، وسوف تستمر".
وفي مناقشة الحرب السورية، اقترح رئيس الولايات المتحدة المنتخب "دونالد ترامب" أن تعمل واشنطن مع روسيا وحتى نظام الأسد في معركة مشتركة ضد الدولة الإسلامية، ولكن لا النظام ولا روسيا مهتمين بقتال التنظيم الإسلامي، فالحملة الوحيدة التي قاما بها ضد التنظيم وشهدت تضخيماً كبيراً في الإعلام هي استعادة تدمر في مارس، المدينة التاريخية التي احتلها المتطرفون وعاثوا بها فساداً منذ عشرة شهور سابقة، وفي روسيا، كان لتحرير تدمر شأناً كبيراً، فقد نقلت سيمفونية ماريانسكي سان بطرسبرج في حفل متلفز على مدرج يعود إلى الحقبة الرومانية في تدمر.
ولكن خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع، تنظيم الدولة الإسلامية، والذي يعرف أيضاً باسم "داعش"، استعاد بكل سهولة تدمر، بل استولى على مخزون كبير من الأسلحة الثقيلة والذخائر، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي وقواعد جوية، ودعت الولايات المتحدة يوم الأربعاء موسكو والنظام السوري لطرد الدولة الإسلامية من المدينة، وقالت واشنطن أنها قد تشن غارات جوية هناك إذا لم يحدث ذلك.
ولكن الخسائر في تدمر قبل كل شيء هي مسألة تخصيص الموارد، فحلب، أكبر مدينة في البلاد قبل بدء الحرب، هي الجائزة الأكثر قيمة لنظام الأسد، والذي يركز جهوده على استعادة المراكز السكانية الرئيسية في وسط وغرب سوريا, ومع ذلك، كانت تدمر حتى الآن واحدة من أهم رموز القوة العسكرية للحكومة السورية والجيش الروسي.
ويقول بعض المسؤولين العرب بأن خسائر الجيش السوري، وزيادة تكلفة الحرب السورية عليه وعلى داعميه الروس والإيرانيين، خصوصاً بعد نكسة تدمر، بات يظهر ضعفاً أساسياً في النظام السوري وحلفائه، هذا الضعف، بدوره، يوفر بصيص من الأمل في أن أي تصعيد آخر للحرب ضد المعارضة يمكن منعه".
يقول فؤاد السنيورة، رئيس الوزراء السابق لبنان ورئيس كتلة المستقبل السني في البرلمان اللبناني: "الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يساعد في وضع حد للحرب هو أن تصبح قدرة روسيا وإيران والنظام نفسه لمواصلة الحرب محدودة لأسباب اقتصادية".