بلدي نيوز –(زهرة محمد)
عمل نظام الأسد خلال حربه على الشعب السوري على ضرب المكونات السورية بعضها ببعض، حيث استخدم النظام مفهوم فرق تسد، بهدف تفكيك الشعب والقضاء على المكونات المعارضة تدريجياً.
فبعد أن رسخ النظام وضعه في مدينة دمشق، وقضى (حسب ظنه) على المعارضة والثوار في المدينة، فقد بدأ بدعم إيراني حملةً (للتطهير الطائفي) ضمن مدينة دمشق نفسها، تشمل تحويل دمشق إلى مدينة شيعية، عبر عدة خطوات ستستغرق فترة من الزمن قد تمتد لسنوات حسب مخططه.
حيث تأخذ الحملة عدة جوانب، الجانب الأول تهجير مدن وبلدات طوق دمشق، الأمر الذي بدأ في داريا ولن يتوقف عندها، وسيشمل حسب مخطط النظام العديد من المدن والمناطق في محيط دمشق .
حيث سيعمل النظام وإيران على تعبئة الفراغ الناشئ عن هذه العملية، بعناصر من الميليشيات الشيعية سواء الايرانية أو العراقية أو الأفغانية، والتي ستستوطن مع عائلاتها هذه المناطق.
الشق الثاني، عمليات نشر التشيع المبرمجة والتي تستهدف السنة في المناطق داخل العاصمة، والتي تعتمد على السيطرة على التعليم واستهداف الأطفال والفقراء، الذين أصبحوا يشكلون غالبية سكان العاصمة دمشق، والذين أفقرهم النظام عمداً خلال سنوات الحرب وقبلها.
مسيحيو دمشق
العقبة الأساسية في وجه مشروع إيران في دمشق، هو أن دمشق ليست مدينة وحيدة العرقية أو الاثنية، حيث يوجد فيها أعداد معتبرة من المسيحيين، سواء الأرثوذكس أو الكاثوليك أو الانجيليين، ووجودهم فيها يشكل مشكلة حقيقية لإيران، لانهم يسكنون في عدد من المناطق المفتاحية لإتمام السيطرة على دمشق، وبخاصة القديمة منها، والتي تعتبر قلب دمشق وجوهرتها.
الحل هو الهرب !
بسبب الضغط الكبير الذي تتعرض له العائلات المسيحية في دمشق من نظام الأسد عبر أذرعه المختلفة، فقد توجهت العديد من العائلات المسيحية التي تقطن أحياء دمشق القديمة، إلى الكنائس لتسجيلها وإبداء رغبتها في بيع منازلها وممتلكاتهم، في خطوة تمهيدية للهجرة عن دمشق.
تعليقا على الوضع الذي تسبب به النظام، صرح كاهن كاتدرائية سيدة النياح للروم الملكيين الكاثوليك، (مكاريوس قلومة) لتلفزيون (تيلي لوميار ونورسات).، بقوله: "نحن نعلم أن هناك تهجير مسيحي ممنهج، إن كان بشراء الأراضي أو البيوت أو الممتلكات، ما أدى إلى هجرة العديد من الناس إلى دول أكثر أماناً، لكننا لن نقبل بأن تتهجر البقية الباقية بفعل عوامل السكر والفساد".
حيث تترافق عمليات التضييق المتعمد بعمليات إغراء، بشراء البيوت بأسعار كبيرة، حيث يبدو أن السفارة الإيرانية هي الممول والراعي لعمليات الشراء هذه، خصوصاً مع تنامي الوجود الشيعي في المناطق التي بدأ مسيحيو دمشق بالهجرة منها.
حامي الأقليات !
يبدو أن وصف حامي الأقليات الذي تبجح به النظام خلال الحرب وقبلها، على وشك أن يخلع منه، وخصوصاً بعد تحول مسيحيي دمشق إلى أحد المكونات (غير المرغوب فيها) في دمشق، خصوصاً أنهم لا يمكن أن يدجنوا ويصبحوا من أتباع الولي الفقيه، ما يعني أنهم سيكونون (مصدر قلق )لاحقاً، خصوصاً مع سعي إيران لتطبيق نظامها بشكل كامل في دمشق، وتحويلها إلى مدينة تابعة بشكل كامل للولي الفقيه.
ما دفع النظام لإطلاق حملة من الأعمال العدائية المباشرة وغير المباشرة، التي تستهدف المسيحيين في دمشق بشكل أساسي، مستخدماً شبيحته وميليشياته المتعددة (و تحديداً الميليشيات الاقتصادية المكونة من أبناء الضباط وعناصر الأمن)، حيث تعمد النظام نشر العديد من المظاهر المسيئة في المناطق التي يتركزون فيها، من الكازينوهات والمراقص والنوادي الليلية، التي تستهدف بشكل أساسي تدمير المنطقة من كل النواحي.
فما يعرف في دمشق (بالطّريق المستقيم)، وسط المدينة والذي يحتوي العديد من الشواهد الأثرية المسيحية والإسلامية، وتتوضع فيه بطريركيات ثلاث للروم الأرثوذكس، للروم الملكيين الكاثوليك، للسريان الأرثوذكس وكنائس أخرى؛ هذا الطريق زرعه النظام بالنوادي الليلية، وعمل على نشر كافة الرذائل فيه عبر شبيحته ومؤيديه.
جرائم وسرقات
أسلوب النظام في تهجير مسيحيي دمشق لم يتوقف على نشر النوادي والرذيلة في مناطقهم، بل تجاوزها إلى الأعمال العدائية المباشرة التي (تسجلها الجهات المختصة ضد مجهول)، من سرقات للبيوت والمحال وحالات اعتداء بالضرب والتهديد والاعتداء اللفظي، التي تصدر من طرف الشبيحة المدنيين، الذين يستخدمهم النظام لتجنب تحميله المسؤولية عن هذه التصرفات، والتي وصلت مؤخراً لحد السرقة والقتل كما حصل في أحد محلات الذهب أمام برلمان الأسد، والذي دخل القتلة وقتلوا صاحب المحل بطريقة بشعة، وسرقوا المصوغات من المحل وخرجوا بدون أن تعترضهم عشرات الحواجز التابعة للأمن والشبيحة في المنطقة.
كذلك يعاني سكان المنطقة من إطلاق الرصاص العشوائي المتكرر خلال ساعات الليل، والذي يستخدمه الشبيحة وعناصر ميليشيا الدفاع الوطني والمليشيات العراقية، كأبو الفضل العباس لإخافة المدنيين وإرعابهم، كما أن المشاجرات مع متعاطي المخدرات والسكارى أصبحت حوادث يومية، وفي كثير من الأحيان تستخدم هذه الأمور كذريعة للتهجم على سكان الأحياء، والتضييق عليها والتحرش بالنساء والفتيات، ما تسبب بفرض حالة أشبه ما تكون (بحضر التجوال الذاتي)، مع بداية عمل الكازينوهات في هذه المناطق عند مغيب الشمس.