بلدي نيوز –(زهرة محمد)
يسعى الأسد لإعطاء انطباع أن دمشق "مدينة آمنة" وتسير فيها الحياة بهدوء مقارنة بباقي المدن التي "دمرها المسلحون" حسب ادعائه كحمص وريف دمشق وحلب ودير الزور وإدلب، والمناطق الساخنة الأخرى.
فالناظر من بعيد إلى مناطق سيطرة النظام يلاحظ الفرق الفوري بينها وبين المناطق المحررة، بانعدام القصف والحركة الظاهرية للسكان، لكن الكثير من الحقائق المرعبة تتكشف بعد أن يتوقف الشخص عن المشاهدة من بعيد، ويغطس عميقاً في تفاصيل الحياة والمجتمع في المناطق التي "يحكمها " الأسد.
هندسة اجتماعية !
عرفت دمشق بالرخاء الاجتماعي منذ زمان بعيد، وعرفت تاريخياً بقوة الطبقة المتوسطة، التي عمل الأسد الأب على سحقها خلال سنوات حكمه، ما تسبب بتلاشيها .
لتدفع حرب الأسد الابن لظهور طبقات جديدة للمجتمع في مناطق النظام، وأولها طبقة من الأغنياء وأغلبهم من الموظفين الكبار في مؤسسات النظام من مدنيين أو ضباط كبار، أو قادة الميليشيات والمجموعات التي شكلها النظام، والمتعاونين والمرتبطين معه من التجار والصناعيين، والذين لم يتضرروا مما حدث خلال الحرب، بل على العكس فأغلب هذه الطبقة استفادت وحصلت على مكاسب جديدة، جراء التشبيح والدعم من قبل النظام، وتمويل المؤسسات التابعة للنظام أو المرتبطة معه مثل شركات الاتصالات التابعة لرامي مخلوف، والتي زاد ربحها خلال الحرب، التي ما يزال عملها قائماً حتى الآن، إضافة للكثير من المرتبطين بالنظام بشكل مصيري، والذين يملكون النفوذ والشركات والأموال، ويستخدمونها لخدمة النظام، والذي يكافئهم بالتغاضي عن كل ما يرتكبونه من جرائم متعددة.
متسلقون!
يضاف لطبقة "كبار المنتفعين" طبقة جديدة برزت إلى الواجهة، مع تزايد أعدادها وانتشارها السريع في سوريا، والتي تتكون من الأشخاص الذين استطاعوا تكوين ثروة بالاستفادة من الحرب، وما فيها من عمليات تهريب وتعفيش وابتزاز، ومتاجرة بالمعتقلين والأعضاء والمخدرات، والخطف والتشليح والاتاوات على الحواجز، وكل الموبقات التي تدر المال، والتي سهل لهم النظام وأفرعه الأمنية سبلها بهدف كسب ولائهم، وضمن مخططه لإعادة هيكلة المجتمع والاقتصاد، وتركيز الثروة ضمن الطائفة العلوية في سوريا.
و تشمل هذه الطبقة عناصر الميليشيات والشبيحة، وبعض عناصر الجيش وعناصر الأمن والمخبرين، والوسطاء الذين يؤمنون التواصل مع ضباط الأمن، والمهربين والكثير من الأشخاص الذين يؤدون الأدوار الثانوية في النظام، والذين يرتبطون بشكل أو بأخر مع الأمن.
يعتبر بروز أو "تضخم" هاتين الطبقتين خلال الحرب السورية، بمثابة دليل على عمليات إعادة الهندسة الاجتماعية التي ينفذها النظام، والتي تعتبر امتداداً لعمليات الهندسة الديموغرافية والاقتصادية التي يطبقها على المناطق التي يحكمها تنفيذا لمشاريع إيران أولاً وأخيراً.