بلدي نيوز –(زهرة محمد)
لجأ الكثير من السوريين إلى المغرب مع بداية حرب النظام على الشعب السوري، والذين يمضي بعضهم عامه الخامس في المغرب، التي تعتبر أحد بلدان الشتات السوري التي لا يعْرف الكثير عن أوضاعهم فيها .
ظن الكثير ممن وصلوا إلى المغرب أن معاناتهم انتهت وأنهم سوف يحصلون على ما فقدوه في وطنهم الأم، أو على الأقل لن يكونوا وحيدين في مهجرهم.
مهاجرون!
ولكن هذا لم يحصل للكثيرين، فقد اكتشف أغلبهم أن المملكة المغربية لا تعرف بلجوئهم، وأن كلمة (لاجئ) غير متاحة، والتعبير المستخدم معهم هو مصطلح (مهاجر)، والذي يستخدم مع أي شخص جاء للعمل والاستقرار في المغرب، الأمر الذي تسبب بحرمانهم من الكثير من الأمور التي هي حق للاجئين بموجب القانون الدولي، والقوانين المتعلقة باللاجئين والحماية المؤقتة وغيرها، من جملة القوانين التي يندرج السوريون فعلياً تحتها .
تسوية أوضاع !
على الرغم من إصدار المغرب لما سمي بقانون "تسوية الأوضاع للمهاجرين" لكنه لم يشمل جميع السوريين، الذين لم يصنفوا كلاجئين، بل صنفوا "كمهاجرين "، الأمر الذي انعكس سلباً عليهم، كذلك لم يشمل القانون الأشخاص الذين دخلوا بعد عام 2014، (فرضت المغرب فيزا للدخول على السوريين والليبيين عام 2015)، حيث بلغت أعداد السوريين المقيمين بشكل نظامي في المغرب حوالي 1800 شخص فقط، أما السوريون الذين شملهم قانون تسوية الأوضاع الذي أعلن في المغرب، فتقدر بعض المصادر عددهم بحوالي 6000 شخص، أما أعداد ملفات (طالبي اللجوء قيد الدراسة) فلا تتجاوز عشر ذلك العدد! .
تجاهل أممي
لا تتوقف معاناة الكثير من العائلات المهمشة إنسانياً عند هذا الحد، فقد حصل بعضهم على بطاقة من (مفوضية اللاجئين )، مع وعود براقة بمساعدتهم، ما لبثت أن ذهبت أدراج الرياح.
فهناك محدودية في المساعدات سواء بعدد الأشخاص الذين يحصلون عليها، وبكميتها ومستواها، حيث يوجد عدة منظمات تتعامل معها المفوضية، إلا أن الدعم كان لعدد محدود جداً من السوريين، ولا يكفي حتى لسد الرمق .
( أبو محمد ) يعيش مع أسرته في مدينة طنجة، ولديه سبعة أطفال وزوجته مصابة بالسكري، وكان قد خضع لعملية جراحي (قلب مفتوح) ويحتاج للدواء بشكل دوري، إلا أنه حين توجه للحصول على دوائه من الصيدلية المكلفة اشترطت الذهاب لطبيب الصحة ( المستوصف) كي تعطيه الوصفة الطبية .
وعود ..وعود
يكمل أبو محمد قائلاً: "توجهت لشركة تمويل المشاريع الصغرى، وبالفعل قد مولوا مشروعي بدراجة نارية صغيرة، وبعض الأغراض اللازمة كي أبيع بعض الحلويات التي نصنعها في المنزل، غير أن المشروع انتهى قبل أن يبدأ، لأن التمويل كان لا يغطي خمس احتياجات عائلتي عدا عن إيجار المنزل، والفواتير الشهرية والتي تبلغ قيمتها 250 دولار في الشهر، لقد طلبنا منحة إضافية كي أشتري بعض المواد الضرورية للمشروع، إلا أن اللجنة كانت تأتـي وتعد دون أي شيء ملموس، ولولا جمعية أهلية تساعدنا أنا وأسرتي قليلاً لكنا متنا جوعاً".
لدى (جمال الدمشقي) معاناة من نوع آخر، حيث أنه يعاني من انقراص فقرات (ديسك) سببه حمله الدائم لابنته المريضة، والبالغة من العمر 13 عاماً، ورغم أن وضعه المادي في سوريا قبل الحرب كان جيداً، بسبب عمله في مجال الاكساء من كهرباء وماء وحتى البلاط، إلا أن هذا كله تغير بعد لجوئه إلى المغرب، وعدم قدرته على الحصول على العلاج بسبب غلاء تكاليفه.
ليتحول ( جمال) إلى عاطل عن العمل، بعد أن عجز عن العمل لمدة عام، بينما كانت زوجته هي من تعمل وتعيل العائلة.
يقول جمال :" ابنتي لديها مصاريف كثيرة وتحتاج أدوية وعلاجاً، وجمعية تأهيل للمعاقين، ورغم وعد المفوضية بأنها ستهتم بأمرها ولكن كان كل ذلك فقط من أجل أن نسجل ليس إلا، حيث أن الراتب الشهري الذي ترسله 120 دولار فقط، ومصروف ابنتي وحدها أكثر من هذا بكثير، ناهيك عن عدم منحنا الحق بالعمل لعدم حصولنا على الإقامة، ومن الصعب الحصول على عمل يناسب وضعي الصحي، وحتى الشركات الخاصة فهي لا تحبذ تشغيل السوريين، لقد قدمت عن طريق المفوضية على طلب إعادة توطين منذ تسع شهور، ولكن لم يأتِ الرد حتى الآن، وأنا أعيش الآن على هذا الأمل".
الهرب إلى الفردوس
بسبب وضعهم الصعب في المغرب، يلجأ أغلب السوريون الذي قدموا إلى المغرب إلى محاولة الوصول إلى أوروبا.
خاصة بسبب عدم قدرتهم من الحصول على عمل كريم أو الحقوق الأساسية للاجئين، ما يدفعهم للهرب إلى أوروبا، وتعتبر (مليليه) هي الطريق التي يتوجه لها كل سوري يحلم باللجوء إلى الشمال، ليعبر الآلاف من السوريين عبر هذا المعبر، عدا عن معبر (سبتة) الشمالي، والتي تعتبر أيضا معبراً إلى إسبانيا.