التقت صحيفة آيريش تايمز بخمس أسر سورية تقيم ما بين البقاع وشرقي لبنان، مروراً بالعاصمة بيروت، وتحدثت إلى أكثر من عشرين شخصاً آخرين عبر مكالمات هاتفية أو مراسلات على تطبيق واتساب، وجميعهم فروا من حرب ليقعوا ضحية حرب أخرى، ولذلك يحس هؤلاء بأنهم محاصرون ومنسيون، ويقلقهم أمر مطار بيروت، بما أنه المطار الوحيد الذي تقلع منه الطائرات سفراً في رحلات دولية، وذلك لأنه سيتعرض خلال فترة قصيرة إما للقصف أو للإغلاق بشكل تام. وبكى بعض هؤلاء اللاجئين وهو يشرح ورطته المتمثلة بتأمين حجوزات لسفر المواطنين الأيرلنديين من لبنان، من دون أي اعتراف بحق اللاجئ السوري بالحياة بعد أن تحولت أيامه إلى حالة انتظار إثر وقوع الاختيار عليه في عملية إعادة التوطين في أيرلندا. يتابع هذا الرجل الذي تحدث في البداية قوله: "أصبح الوضع النفسي لأولادنا غاية في السوء بسبب أصوات التفجيرات والقصف وخرق الطائرات الحربية لحاجز الصوت كل يوم" وأعرب عن أنهم على استعداد للعيش في مخيم بأيرلندا، فقط حتى يحمي أطفاله هو وأمثاله من الحرب. منذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، ارتكب الأسد مجازر جماعية بحق شعبه، كان من بينها تلك التي ارتكبت في سجونه التي أخفى فيها وبشكل قسري ما يقرب من مئة ألف مواطن سوري، وذكر بعض اللاجئين الذين أجريت معهم مقابلات بأنهم يعتقدون أنهم سيتعرضون للخطر والتهديد من قبل جماعات مقاتلة أخرى في حال عودتهم إلى سوريا، كما وصف الجميع تجربة المقابلة التي أجراها معه الوفد الأيرلندي في تشرين الثاني من عام 2022 بأن هذا الوفد أبدى لطفاً وأدباً شديداً، إذ ذكرت شابة سورية وهي تضحك بأن الشرطة الأيرلندية لا تشبه الشرطة السورية التي كبرت وهي تخشى منها في كل شيء. يختلف وضع من خضعوا لتلك المقابلات من السوريين من حيث تواصلهم مع الأمم المتحدة والحكومة الأيرلندية بعد المقابلة، إذ ذكر بعضهم بأنه لا يرغب بالضغط على أي جهة، ولهذا بقي ينتظر مكالمة هاتفية من أي جهة أيرلندية، وذكروا بأن الأمم المتحدة والمسؤولين الأيرلنديين تواصلوا معهم من خلال رقم خاص، ما يعني أنه بات من المستحيل بالنسبة لهم معاودة الاتصال بهؤلاء الأشخاص. وعن ذلك تقول هدى حياة التي قُبل طلبها للسفر إلى أيرلندا برفقة زوجها وابنتيها اليافعتين وابنها البالغ من العمر 21 عاماً: "في ظل الأزمة القائمة حالياً في لبنان، بات علينا جميعاً مضاعفة جهودنا لتوفير الأمان للعائلات السورية التي تعرضت للنزوح مرة أخرى، إذ بالنسبة لي يبدو الوضع كوضع شخص يغرق لكنه يتعلق بقطعة من الخشب، إذ لربما تعرض المطار للإغلاق بسبب غارة وعندها لن نتمكن من الرحيل، ولهذا نتحقق دوماً من أن المطار مايزال مفتوحاً وبأن الخطوط الجوية ماتزال تعمل بما يتيح لنا فرصة السفر من هذا البلد". يذكر أن هذه الأسرة الكردية السورية سبق وأن فرت من مدينة حلب السورية، ولجأت إلى بلدة معركة بقضاء صور والتي تبعد عن الحدود اللبنانية مسافة 30 كيلومتراً.
وعن هذه الظروف تحدثنا غادة الحراكي التي تقيم مع ابنتيها أمل وشيماء في محطة للوقود بسهل البقاع الذي استهدفته الغارات الجوية الإسرائيلية مرات عديدة فتبكي وهي تقول: "إننا نحب السلام، ونحب أن ننأى بأنفسنا عن المشكلات... وبودي أن أرحل عن لبنان". أما م هـ. وك س. فتقولان بالنيابة عن أطفالهما موجهتين حديثهما إلى المسؤولين في أيرلندا: "في حال قبلتمونا فإننا سنقبل بالعيش داخل خيمة.. لأن كل ما نريده هو أن نرحل بعيداً عن هذه الحرب". وبالنسبة لطفلها الصغير، تقول ك س. : "كلما سمع ابني صوت الطيران الحربي والقصف والمسيرات يقول لي: "لماذا لا تريد حكومة أيرلندا أن تأخذنا؟" وعندما يرى طائرة يقول: "لعل الطائرة قادمة لتأخذنا إلى أيرلندا"، بيد أن حلم الأم مختلف عن حلم ابنها، وهذا ما دفعها للقول: "منذ طفولتي لم أحظ بغرفة نوم خاصة بي، إذ كنت أنام في غرفة الجلوس برفقة شقيقي، وكانت عمتي وجدتي تقيمان معنا.. ولهذا لدي حلم صغير، لكنه يعني لي الكثير وهو أن يكون لي غرفة نوم أحافظ فيها على خصوصيتي".
تلفزيون سوريا