CNN - (ترجمة بلدي نيوز)
جنيف، سويسرا (CNN)- قبيل استئناف محادثات السلام بين وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، كانت هنالك مشاعر تنذر بالشؤم، إذ لم تكن هنالك أي علامات أو توقعات تشير بأن الغرب سيتدخل أو سيقوم بإرسال المزيد من المساعدة للسوريين.
ما أتعلمه هنا فقط هو كيف يشعر الشعب السوري بغالبيته والذي يعارض نظام بشار الأسد بالخذلان، ومدى الضغط الدولي الممارس عليه لدفعه للانصياع للسلام معه.
مهما كانت الشمس تشرق ببهاء على المياه الصافية كالبلور للبحيرة الأسطورية في المدينة، فإن برودة "الواقع السياسي" المعلق في الهواء وسبل تيهه المظلمة تحجب المناقشات القادمة.
أخبرتني مفاوضة المعارضة بسمة قضماني بأن مناشداتهم على مدى الأشهر الأخيرة إلى كلّ من الولايات المتحدة والأمم المتحدة بطلب المساعدة ولّت سدىً دونما الحصول على أي إجابة، إذ قالت: "نحن نطلب بينما لا نسمع أي شيء، جلّ ما نسمعه هو الصمت التّام"، كما أضافت قائلة: "يبدو الأمر وكأنهم يخبروننا بأن عليكم معرفة الأفضل لكم، يجب عليكم معرفة كيفية إنقاذ شعبكم، لأننا " وتقصد هنا بالحلفاء الغربيين والولايات المتحدة" لن نقوم بمساعدتكم".
في الشهر الماضي، داريّا وهي أحد الضواحي العديدة التي كان يسيطر عليها الثوار في أطراف دمشق، والتي وقعت لأكثر من أربع سنوات ونصف تحت الحصار، استسلمت لمطالب النظام في الخضوع.
في يوم الثلاثاء أخبرتني قضماني بأن ضاحية أخرى -المعضمية، والتي كانت موطناً لأكثر من 45،000 مواطن، أصبحت بصدد ذات المصير المؤلم، حيث تلقّت إنذاراً من النظام لتسليم 6000 من الذكور الذين بلغوا سنّ الخدمة العسكرية، وإنهاء مقاومتهم، في حين أن البديل الذين يخشونه، كان مواجهة القوة الكاملة لطائرات الأسد الحربية وقنابله البرميلية.
- الصراحة والفشل.
بالفعل فإن الواقع السياسيّ في جنيف، يبدو بأنه أصبح يحكم الآن، تلك الرسالة التي أدركتها المعارضة والتي على ما يبدو كانت تلك الرسالة التي أراد لهم حلفائهم الغربيون السابقون أن يفهموها.
أخبرني مصدر غربي قريب من المحادثات بأنه من الرهيب حقاً أن يكون على هذه الضواحي المعارضة الاستسلام بعد تلك المعاناة والحرمان والمشقّة التي عانوها لفترة طويلة، مضيفاً بأنهم لا يقومون بفعل ذلك لأنهم يريدون ذلك، ولكن ولأنهم دون وجود الأمل في أن المساعدة على الطريق، لا يستطيعون مواجهة الحصار لفترة أطول من ذلك، كما أضاف المصدر بأن ما أصبحت المعارضة تسمعه من حلفائها هو "أن عليهم تقرير كيفية وضع حدّ لمعاناة شعبهم" ولكن عليهم القيام بذلك وهم مدركون بأنه ليس هنالك من قوة دولية ستكون في مساعدتكم، "إنها المصارحة التي لم أسمع بمثلها من قبل".
وكما يبدو بجزء منه، فإن الضغط على الثوار يرفع من حدة الأزمة، لأنه وكلما مرّت فترة أطول من المحادثات في المضيّ قدماً والحفاظ على المماطلة فيها، "كما حدث في هذا العام، والسنوات السابقة"، أصبح الأمر أكثر وضوحاً بأن الولايات المتحدة لديها تأثير محدود جداً على روسيا، وحتى بشكل أقلّ على الأسد، وفي حين سيسعى جون كيري للحصول على أفضل الشروط لوقف إطلاق النار، وتسليم المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الأسرى، فإنه بنفسه سيكون أحد سجناء الواقع السياسي في كل من جنيف وسوريا، في حين أن محاوره سيرغي لافروف، أو على الأقل رئيس لافروف -بوتين، سيكون من يحمل أغلب بطاقات اللّعب.
بينما إن أفضل ما يبدو أن كيري يمكنه تقديمه للمعارضة سيكون الوصول إلى شروط السلام الدائمة بسرعة.
بعد إرغام داريّا على الاستسلام، يان إيجلاند -المبعوث الإنساني للأمم المتحدة، تحدث بانفعال عن العواقب الوخيمة التي ستكون إذا ما لم يكن هنالك هدنة في وقت قريب، حيث قال: "إن فرق العمل الإنسانية خذلت أهل داريا، لقد قمنا جميعاً بخذلان أهل داريا، أشعر بأني خذلتهم بنفسي، ومن المحزن حقاً التفكير بحجم المعاناة التي مرّوا بها خلال سنوات الحصار، وهنالك الآن مخاوف ملحّة وطارئة على المجتمعات في الوعر، والمعضّميّة ومضايا، إنهم جميعاً يخشون على مستقبلهم، ونحن بحاجة ماسّة إلى كسر الحصار عنهم".
إن الواقع السياسي في جنيف يبدو بأنه بات يشير إلى أن روسيا هي التي تملك المفتاح، والسؤال الآن هل سيتمكّن كيري من حملهم على استخدامه لرفع ذلك الحصار، ووضع حد لمعاناة المدنييّن السوريين، وفتح الباب أمام إمكانية إجراء محادثات سلام واقعية؟
لقد كانت الإجابة "لا" حتى الآن، وبالنسبة للروس فإن الواقع السياسي يتجاوز المسألة السورية ليصل إلى أوكرانيا، إنهم يريدون رفع العقوبات التي فُرضت عليهم، وبشأن هذا الملف فإن الولايات المتحدة هي من تملك المفتاح.