بلدي نيوز – (علاء نور الدين)
فتح انشقاق فصيل "لواء التحرير" عن ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أمس الخميس، باب التكهنات حول مصير ومستقبل الفصائل العسكرية (العربية) المنضوية تحت راية الميليشيا التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري.
وكانت اندلعت اشتباكات بين "لواء التحرير" والميليشيات الكردية في قرية "كنيطرة" شرق بلدة سلوك بريف الرقة الشمالي والمتاخمة للحدود السورية التركية، إثر ظهور "ابو محمد كفر زيتا"، قائد (لواء التحرير) في شريط مصور، اتهم خلاله (PYD) بمصادرة القرارات في "قسد"، وإقصاء بقية الفصائل، وأكد أن "الوحدات الكردية تضغط على هذه الفصائل بحرمانها من الأكل والشرب"، وطالب الولايات المتحدة بالضغط عليها والالتزام بتعهداتها.
وما إن أفصح القيادي عن الخلاف مع الميليشيات الكردية، حتى بادرت الأخيرة بالهجوم على الفصيل، لتندلع اشتباكات بين الطرفين، أودت بحياة عشرة عناصر من الجانبين، وفقاً لمصادر ميدانية من المنطقة.
وأكدت مصادر عسكرية من الفصيل المنشق، أن سبب الخلاف البعيد بين الطرفين، هو رفض "لواء التحرير" محاربة الجيش الحر في منبج وجرابلس، بالإضافة لرفضه تهجير المكون العربي على يد الميليشيات الكردية في المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد".
تحالف هش
ويرى مرتقبون إنه "لم يعد هناك ثقة لدى الأوساط الثورية بهذه التشكيلات العسكرية الساعية الى الحصول على الدعم من أي جهة، دون الوقوف عند طبيعة الأجندة التي ستعمل عليها، حيث شكلت تحالفا مع الوحدات الكردية على الرغم من أنهما كانا خصمين لدودين في رأس العين مع بداية دخول الفصائل المقاتلة إليها".
يقول "أبو عمر الحسكاوي – وهو عضو اتحاد شباب الحسكة لبلدي نيوز "الجميع يعلم أن الوحدات الكردية هي قوات سورية الديمقراطية والعكس صحيح، وباقي التشكيلات التي انضمت إليها إنما هي رتوش تجميلية أمام الرأي العام لإظهار هذه القوات كممثل لكافة أطياف الشعب السوري، وهي خطوة خبيثة من القوى المتحالفة ضد تطلعات الشعب السوري، لتشتيت قوة السوريين واختزال ثورتهم بقوات متعددة الولاءات والاهداف"، وفق قوله.
ويرى "الحسكاوي" أن القوى المتحالفة لمحاربة تنظيم الدولة والتي وجدت في الوحدات الكردية الحليف الأوحد، حرمت الجيش الحر من الدعم ومنعت وصوله إليه من أي طرف كان، وتسعى لشق الصفوف بهدف هيمنة الوحدات الكردية على القرار في شمال سوريا، وهو ما يبرر انشقاق فصيل جيش التحرير حاليا، وما ينبئ كذلك بعمليات انشقاق ومواجهات قريبة بين الفصائل ذات الغالبية العربية والوحدات الكردية.
انعدام الخيارات
وفي الوقت الذي يشكك فيه مراقبون بانشقاقات مماثلة للفصائل المنخرطة في ميليشيا "قسد"، جراء ضعفها وتحكم الميليشيات الكردية بمنافذ القرار وتحكم الداعم الواحد بها جمعاء، يؤكد آخرون أن عملية "درع الفرات" أعادت الأمل في دعم الجيش الحر، وشكلت أرضاً خصبة لاستعادة دوره في الشمال السوري، وخصوصاً بعدما تلقته العملية من تأييد دولي بمن فيهم داعمي "قسد".
وبهذا الصدد، يقول الناشط الإعلامي "أحمد ابو الخير"، وهو أحد ابناء المنطقة، إن الفصائل العربية ضمن "قسد" انخرطت أساساً في صفوفها لانعدام الخيارات أمامها، ما أجبرها على هذا التحالف "المهين"، على حد وصفه.
نار تحت رماد
ويؤكد "أبو الخير" لبلدي نيوز، أن التهميش من قبل الميليشيات الكردية لهذه الفصائل والتحكم بها، سيكون له ارتدادات في المستقبل على تحالفها مع "قسد"، وخصوصاً بعد التقدم الذي تحرزه فصائل الجيش الحر في منطقة جرابلس، وما بثه من أمل جديد بإعادة الدور الحقيقي للحر في المنطقة وفرضه كلاعب رئيس في الصراع.
"أبو الخير"، أشار إلى أن ممارسات الميليشيات الكردية في المنطقة (ريف الحسكة الغربي وريف الرقة الشمالي)، كان من أبرز الاسباب لهذا الانشقاق، وهذا على مستوى العسكرة، عدا عن ما يمكن أن تشهده المنطقة من حراك شعبي ضد "قسد"، مضيفاً أنه "يجب ألا ننسى الانتفاضة الكردية الأخيرة ضد ممارسات (PYD) في المنطقة وما تركته من جمر مستعر تحت الرماد وما يمكن أن تؤول إليه المنطقة في المستقبل".
يشار إلى أن ريف الرقة الشمالي، شهد العام الفائت أحداثا مشابهة، حيث حاول "جيش العشائر"، و"لواء ثوار الرقة" الانشقاق عن "قسد"، على خلفية مواجهات مع الميليشيات الكردية، أدت لمقتل عنصر من "جيش العشائر".