باﻷرقام... تراجع دور "الدولة" لصالح أصحاب النفوذ في سوريا - It's Over 9000!

باﻷرقام... تراجع دور "الدولة" لصالح أصحاب النفوذ في سوريا


بلدي نيوز - (فراس عزالدين)

اعتبرت دراسات اقتصادية موالية، أن أرقام الموازنة العامة، تعبر عن تراجع دور الدولة وتعاظم نفوذ قوى أصحاب الأرباح.

واستندت دراسة لصيحفة "قاسيون" الموالية، إلى ما يخص توزيع الإنفاق بين الجاري والاستثماري في الموازنات السنوية، وذلك استنادا إلى الأرقام والبيانات الرسمية، وخاصة الواردة في المجموعة الإحصائية، الصادرة مؤخراً عن المكتب المركزي للإحصاء عن عام 2022. 

وتخص النفقات الجارية كل النفقات التي تتكرر بشكل دوري، وهي في الغالب لا تؤدي إلى زيادة في الناتج العام بشكل مباشر مثل (الرواتب والأجور، النفقات التحويلية، الديون، النفقات الإدارية)، في حين أن النفقات الاستثمارية غالباً ما يكون الهدف منها، هو زيادة الأصول الرأسمالية للدولة، وبالتالي تؤدي إلى زيادة في الناتج العام بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل (استثمارات زراعية أو صناعية، إعادة الإعمار، مشاريع خدمية، إلخ). 

وقالت الصحيفة في دراستها، من الواضح أن مسيرة النسبة والتناسب، بين النفقات الجارية والاستثمارية هي لصالح النفقات الجارية منذ عام 1980، حيث توزعت الموازنة العامة للدولة في ذاك العام مناصفةً بين الإنفاق الجاري والاستثماري، ثم أصبحت حصة الإنفاق الاستثماري بعد ذلك العام أقل من حصة الإنفاق الجاري، بنسب متفاوتة تباعاً.

انخفضت نسبة النفقات الاستثمارية خلال السنوات 1980-2000 بمعدل وسطي يقدر بحوالي (0.3%)، وبسنوات ما قبل الحرب، أي من عام 2000 وحتى عام 2010، لذا فإن المعدل الوسطي لانخفاض نسبة النفقات الاستثمارية يقدر بحوالي (0.7%)، مع تسجيل فارق نوعي واضح بانخفاض نسب الإنفاق الاستثماري في عامي 1990 و2005، وذلك ارتباطا بمنعطفات السياسات الاقتصادية المطبقة في تلك الأعوام.

وأضافت الدراسة "قانون الاستثمار رقم 10 صدر في عام 1990، مع تزايد الرهان على الاستثمار الخاص، وكعتبة توضح تزايد حجم ونفوذ قوى أصحاب الأرباح، مع تسجيل انزياح وتراجع لدور الدولة الاقتصادي الاجتماعي في حينه، وفي عام 2005 مع تبني النموذج الليبرالي انفتاحا وتحريرا، وتسارع تراجع وانحسار دور الدولة، مع رجحان لكفة مصالح أصحاب الأرباح على حساب مصالح بقية الشرائح الاجتماعية، ومصلحة الاقتصاد الوطني، كعتبة جديدة وكبيرة، توضح ما وصلت إليه قوى أصحاب الأرباح من نفوذ".

ثم استعرضت الدراسة أرقام الموازنات خلال سنين الحرب (حسب وصفها)، من عام 2012 حتى عام 2023، وخلصت إلى أنه وحتى الآن كانت حصة النفقات الاستثمارية تنخفض أكثر من العام السابق، على العكس مما هو مفترض.

وتابعت الصحيفة؛ "بعد أن كانت نسبة الإنفاق الاستثماري تشكل 46% من إجمالي الموازنة في عام 2011 بحسب بيانات المجموعة الإحصائية، أصبحت في الموازنة المعتمدة لعام 2023 تشكل ما لا يزيد عن 18%، وعليه فإن المعدل الوسطي لتغير هذه النسبة يقدر بحوالي 7% بالسالب سنويا، على العكس مما هو مفترض من دور للموازنة بما يخص معدلات التنمية والنمو المنشودة، وخاصة في ظل استمرار تداعيات الحرب والأزمة، هذا بحال كان هذا المنشود منها فعلا؟!".

وتذكر الدراسة أن "ما يسجل خلال هذه السنين أيضا هو تعاظم دور ونفوذ قوى القلة من كبار أصحاب الأرباح، الذين تمكنوا عمليا من السيطرة الكلية على مجمل الواقع الاقتصادي في البلاد، مستفيدين من تداعيات الحرب والأزمة، بما في ذلك ذرائع العقوبات والحصار، ومن جملة السياسات الليبرالية المنحازة لمصلحتهم على طول الخط!".

وكشفت الدراسة أن الإنفاق الاستثماري ينخفض سنة بعد سنة، بنسبة 10.5% وسطيا.

ونوهت الدراسة إلى أن مخصصات الإنفاق الاستثماري السنوي لا يتم صرفها كاملة بالضرورة، هذا إذا تم الصرف الجزئي منها للغاية المخصصة لها أصلاً، ولم يتم التعدي على بعضها نهبا وفسادا.

وكشفت الدراسة أن معدل انخفاض الناتج المحلي السنوي يبلغ بشكل متوسط 81.4%، ومعدل انخفاض الإنفاق الاستثماري يبلغ وسطيا 77% خلال الفترة المذكورة، وربطت الدراسة بين اﻷرقام السابقة وارتفاع معدل لابطالة، باعتبار ارتباطها العضوي بمخصصات الإنفاق الاستثماري والناتج المحلي، وما لها من علاقة بموجات الهجرة والهرب خارج البلاد أيضا، ولأسباب اقتصادية معيشية بشكل رئيسي.

واعتبرت الدراسة أن ما يمكن استنتاجه بداية أن مجمل الأرقام أعلاه هي تعبير مكثف عن أحد أوجه التشوه في بنية الاقتصاد السوري، فلو كان الانخفاض المستمر في الإنفاق الاستثماري على حساب زيادة الجاري، قد أعطى نتائج ايجابية ملموسة تنعكس بالضرورة على معيشة السوريين، لكان الأمر مبررا ولو بشكل جزئي ونسبي، ولكن التشوه في الأمر أنه مع الزيادة الاسمية للنفقات الجارية سنة وراء أخرى.

واعتبرت الدراسة أن سياسات رفع الدعم وارتفاع الأسعار، آخذة بالاستمرار دون توقف، ناهيك عن سياسات تجميد الرواتب والأجور التي ما زال حدها الأدنى لا يتجاوز 92,970 ليرة فقط لا غير.

وختمت الدراسة للتأكيد على أن الأرقام أعلاه توضح تراجع إمكانات الدولة المالية، والتي تعني تراجع في قدرة وإمكانات الدولة نفسها على تأدية مهامها وواجباتها وانسحابها من بعضها تباعا، تارة من خلال تخفيض الإنفاق العام والاستثماري خاصة، وتارة باسم الخصخصة المباشرة وغير المباشرة.

واعتبرت الدراسة أن النتيجة هي تسجيل المزيد من التراجع لدور الدولة ومهامها الاقتصادية الاجتماعية، وصولاً إلى التراجع الاقتصادي العام، وبالتالي المزيد من الأزمات الاقتصادية الاجتماعية، والمزيد من تعميم وتعميق الكوارث الإنسانية، في مسيرة انحدار من قاع إلى قاع أعمق من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

كما اعتبرت الصحيفة أن التعويل على الاستثمار الخاص مطلع تسعينيات القرن الماضي، ولبرلة الاقتصاد بشكل ظالم ومشوه منتصف العقد الأول من الألفية الحالية، لم تؤدِّ إلا إلى الكوارث والأزمات والمزيد منها، بما في ذلك تفجر الأزمة في عام 2011، لتأتي سنين الحرب والأزمة لتزيد من المآسي والكوارث التي كرستها كل السياسات الليبرالية المشوهة، لمصلحة كبار أصحاب الأرباح الذين تغولوا نفوذا وفسادا، بالضد من مصلحة الغالبية المفقرة من أصحاب الأجور والمصلحة الوطنية!

وهي المرة اﻷولى التي يشار فيها إلى طرف من أسباب اﻻحتجاجات والثورة الشعبية ضد نظام اﻷسد، وإن اختصت الصحيفة هنا بالملمح اﻻقتصادي دون التعريج على المشهد السياسي، وهذا يرجع لخاصية التقرير.

وقالت الصحيفة "مع الاستمرار بهذا النهج الاقتصادي العام من الطبيعي أن تكون معدلات البطالة بتزايد، مع تسجيل تراجع مستمر بحجم الناتج المحلي، والأكثر طبيعية ألا يكون هناك لا معدلات نمو ولا أهداف تنموية منشودة، مع تقليص دور الدولة وتقويضه تباعا، أي تكريس التشوه بشكل أوسع وأعمق!"

واعتبرت الصحيفة أن الحل يكون من خلال إنهاء هذا النهج الاقتصادي المدمر، أي إنهاء السياسات الليبرالية المشوهة والمتوحشة بحواملها والمستفيدين منها.

يشار إلى أن الصحيفة تنتهج الخط اﻻشتراكي (الشق الشيوعي)، وهي السياسة اﻻقتصادية التي تبناها نظام اﻷسد منذ سبعينات القرن الفائت وحتى العام 2005.

مقالات ذات صلة

جامعة الدول العربية" نتابع بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا"

استنفار لميليشيات إيران في البوكمال بريف دير الزور

تركيا تنفي علاقتها بعملية "ردع العدوان"

آخر تحديث .. تطورات عملية "ردع العدوان" على قوات النظام شمال غرب سوريا

تصريح تركي بشأن عملية "ردع العدوان"

زاخاروفا"موسكو تدعم سوريا وشعبها والحفاظ على استقلالها وسيادتها"