بلدي نيوز
لا تزال كارثة الزلازل الذي وقع في الشرق الأوسط مؤخرا، تلاحق الأتراك والسوريين، حيث أصبح النوم في المنازل يشكل مصدرا للقلق في العديد من البلدات، بالأخص وسط توقعات "عالم" أثار بـ "تنبؤاته" ضجة واسعة.
الهولندي، فرانك هوغربيتس الذي يزعم أنه عالم في الزلازل، أصابت تنبؤاته بحدوث الزلزال في السادس من فبراير، وخلال الأيام الماضية، أطلق تحذيرات بأن المنطقة ستشهد في الفترة ما بين 22-25 فبراير موجة جديدة من الزلازل، وأن "الأسوأ في الأسبوع الأول من مارس".
هذه التحذيرات لقت آذانا صاغية لدى العديد من سكان البلدات في سوريا ومناطق أخرى عانت من الزلزال، حيث يقول المواطنون "إنهم يفضلون البقاء في الشوارع، على المبيت في المنازل" بحسب ما تحدثوا لموقع "الحرة".
ولكن علماء أجمعوا على أن "التنبؤ" بحدوث الزلازل، ليس أمرا قائما، وأن التوقعات بحدوثها قد تكون ضربا من "التنجيم"، داعين إلى عدم "بث الرعب" بين الناس.
وعقب الكارثة التي حلت بمناطق واسعة من تركيا وشمال سوريا توالت ظهور معلومات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، منها نظريات مؤامرة عن أسباب مفتعلة لهذا الزلزال.
الخبير الدولي في الزلازل والكوارث الطبيعية وتغير المناخ، الدكتور بدوي رهبان، قال إن "علم الزلازل شهد تقدما كبير خلال الـ 140 عاما الماضية، ورغم ذلك لا نزال غير قادرين على التنبوء بحدوث زلزال بتاريخ وساعة معينة".
وأكد رهبان، وهو المدير السابق للحد من الكوارث في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، أنه "ليس هناك في العالم أي عالِم حقيقي في مجال الزلازل قادر على تحديد موعد حدوث الزلزال في أي منطقة في العالم".
وقال إن علم الزلزال يسمح "للعلماء، استنادا على متابعات وبيانات ودراسات علمية، بالقول إنه هناك احتمالا بنسبة مئوية معينة أن يحصل زلزال خلال عقود مقبلة في منطقة"، مضيفا "إن هذا الأمر ليس تنبؤا إنما هو توقع قائم على معطيات علمية".
وطالب الخبير رهبان وهو مقيم في باريس السلطات الرسمية ووسائل الإعلام "القيام بدور توعوي هام بعد نقل أي توقعات أو تقارير ليست مرتكزة على علم الزلزال"
ويشرح أن "علم الزلازل يرتبط بحركات الصفائح التكتونية والتي تشكل سطح الأرض، حيث تحدث الزلزال نتيجة تحرك الفوالق والصدوع بين هذه الصفائح".
البروفيسورة كاثرين فورستر، مديرة برنامج العلوم الجيولوجية في جامعة جورج واشنطن قالت إنه "يمكن لأي شخص أن يتنبأ بأي شيء يريده، وقد يصيب في إحدى توقعاته لمرة واحدة في نهاية المطاف، ولكن هذا لا يعني أن لديهم الإجابة السحرية".
وأوضحت أن "ما نحتاج النظر إليه هو عدد التنبؤات التي قام بها هذا الشخص ولم تتحقق، وعدد الزلازل التي حدثت ولم يتنبأ بها أيضا".
ويربط الهولندي هوغربيتس بين حركة الكواكب في الفضاء وحدوث الزلازل على كوكب الأرض، وأكدت البروفيسورة فورستر إنه حتى الآن " لا يوجد أي دليل، يشير إلى وجود علاقة سببية بين حركة الكواكب والزلازل على الأرض".
وسبق لهوغربيتس أن قام بعدة توقعات غير صحيحة، أشهرها ادعاؤه أن زلزالا كبيرا سيضرب كاليفورنيا، في 28 أيار من عام 2015، وحث الناس على وضع خطة هروب جاهزة، محذرا من وقوع زلزال خطير للغاية بقوة 8.8 درجة أو أعلى.
عالمة الزلازل في وكالة المسح الجيولوجي الأميركية، سوزان هوغ، قالت إنها سمعت عن "تنبؤات" هوغربيتس "ولكنه لا ينتمي إلى مجتمع العلماء الذين يدرسون الأرض، وهو يزعم إنه (عالم زلازل علّم نفسه بنفسه) ويبني تنبؤاته اعتمادا على الكواكب".
وشرحت في رد على استفسارات أن هوغربيتس استند "في تحديده لانزلاق صدع الأناضول باعتباره خطرا محتملا على ورقة بحثية نشرت عام 2002، والتي ناقشت احتمال حدوث الزلزال على طول الصدع الذي انكسر".
وأكدت هوغ أنه "لا توجد طريقة للتوصل لتنبؤات موثوقة لموعد وقوع الزلزال على المدى القريب"، مشيرة إلى أن العلماء قد يحددون "احتمالية وقوع زلزال كبير" في بعض المناطق، من دون القدرة على تحديد موعده.
إذ تحدثت ورقة بحثية، في عام 2002، عن احتمال وقوع زلزال جنوب هايتي قبل ثماني سنوات من الزلزال المدمر عام 2010، والآن هناك العديد من التقارير تتحدث عن احتمال حدوث زلزال كبير على صدع سان أندرياس أو صدع هايوارد في كاليفورنيا، ولكن هذا لا يعتبر "توقعا"، فقد تحدث هذه الزلازل بعد يوم واحد أو بعد 75 عاما.
وأوضحت أن "المتنبئين الهواة" يقومون بالعديد من التوقعات "الغامضة"، وعندما تحدث الزلازل "يزعمون أنهم نجحوا" في معرفة المستقبل.
ودحضت العالمة هوغ الفرضية التي يستند إليها هوغربيتس بوجود علاقة بين المد والجزر وحركة القمر والكواكب، مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت عدم وجود "علاقة مع حدوث الزلازل الكبرى"، ولكن قد يكون لها ارتباط في "بعض الظروف مع حدوث الزلازل الصغيرة".
وأضافت أنه "إذا أخذنا بفرضية 'المد والجزر' وعلاقتها بالزلازل، فهي تحدث مرتين كل يوم، فكيف يمكنك بناء تنبؤات قصيرة المدى بناء على عامل يتقلب باستمرار".
المصدر: الحرة