الصحفي روبرت فيسك لن يقول الحقيقة حول سوريا لأنه كبشار الأسد... يخشاها - It's Over 9000!

الصحفي روبرت فيسك لن يقول الحقيقة حول سوريا لأنه كبشار الأسد... يخشاها

 انترناشيونال بيزنس تايمز - ( ترجمة بلدي نيوز )
فيما احتفل العديد بالانتصار الاستثنائي لقوات المعارضة السورية في كسر الحصار عن مدينة حلب الأسبوع الماضي، وبالتالي تفادي المجاعة المحتملة لمئات الآلاف من المدنيين، فإن هنالك شخص واحد لم يكن متحمساً جداً لتلك الأحداث، وهو مراسل "الاندبندنت ميدل إيست" الصحفي روبرت فيسك، كما ذكر في مقالة له نشرت في يوم الرابع من آب، في غضون ذروة هجوم المعارضة المضاد ضد القوات الموالية للأسد، حيث عنونها :  "ليس هنالك أخيار بين صفوف أمراء الحرب السورية".
إن فيسك وبطبيعة الحال، هو أحد مراسلي الشرق الأوسط الغربيين الأكثر خبرة، فقد عمل في المنطقة بتغطية مجالات الثورة الإيرانية والغزو السوفييتي لأفغانستان بشتى المجالات، وقد احترم فيسك على نطاق واسع في حقله الصحفي، حيث اعتبر مصدراً آمنا للعديد من الناس في جميع أنحاء الطيف السياسي عندما يتعلق الأمر بشؤون الشرق الأوسط، ولهذا السبب يمكن الآن للمرء أن يتحسر فقط على فيسك، والذي أصبح منذ بداية الثورة السورية، ليس أكثر من بائع متجول للدعاية للنظام السوري، أكثر من كونه صحفياً حقيقياً.
إن الأمور لم تبدأ بشكل جيّد جيداً بالنسبة لفيسك فيما يتعلق بتغطيته للثورة السورية، ففي مقال له لعام 2005 نشر في صحيفة الاندبندنت، حذّر فيسك بشكل تفصيلي من مخاطر تضمين الصحفيين مع الجنود البريطانيين والقوات المسلحة الامريكية خلال الحرب العراقية، نظراً لأنهم قد يقوّضوا النزاهة الصحفية من أجل أمنهم الشخصيّ.
وبالوصول لعام 2012، وفي الوقت الذي كان فيه نظام الأسد، المدعوم من إيران وحزب الله، قد أطلق العنان لحربه في الإبادة ضد المدنيين السوريين من معارضته، وعلى عكس نداءاته السابقة ضد الصحفيين في التضحية بالنزاهة من أجل الأمن، قرر روبرت فيسك منح نفسه الحق للتواجد بين قوات نظام الأسد في حلب ودمشق، في الوقت الذي كان فيه صحفيون غربيون آخرين يخاطرون بحياتهم من أجل تغطية مجازر الأسد ضد المدنيين، بما في ذلك صحيفة سنداي تايمز "ماري كولفين"، والتي قتلت في وقت لاحق على يد نظام الأسد في ما وصفه بالحادث، ولكنه لم يكن كذلك بشكل شبه مؤكد (إن المرء يشك في أن هذا هو مصير أولئك الصحفيين الذين يبلغون عن الحقيقة في سوريا، في مقابل أولئك الذين يقومون ببساطة بالدعاية مقابل شرائهم).
كما كان من المتوقع، منذ بداية فيسك عديم الضمير في سورية، سارت الأمور بانحدار شديد من حيث تغطيته لكل نقطة رئيسية للحرب، فقد هلل فيسك لنظام الأسد وللدعاية الروسية، وفي أغسطس من عام 2012، وبعد أن أطلق نظام الأسد فرق إعدامه على سكان بلدة داريا، والتي تعتبر مركزاً للاحتجاجات ضد الأسد ونشاط المعارضة، وقتل فيها ما بين 200-500 شخص، اختار فيسك تبنّي رواية نظام الأسد السخيفة بأن الثوار كانوا في الواقع هم من ارتكبوا تلك المجزرة ضد أنفسهم !!
ولطالما كانت تلك هي طريقة عمل فيسك عندما يتعلق الأمر بتغطية الأحداث في سوريا، وكما هو الحال مع  "مجزرة الحولة" حيث وجد حتى أسوأ المتملّصين صعوبة من إنكار مذبحة الأسد هناك، لم يتنازل فيسك بالإقرار بإمكانية ضلوع نظام الأسد بتلك المجزرة، فقد كان الأمر "متوازناً دائماً "عندما يتعلق الأمر بالنظام الأسدي، وإذا ما اضطّر فيسك إلى التعقيب على مجزرة الحولة، فإنه سيقوم بالتأكيد على أن تلك المذبحة ترتبط بتلك الجرائم "المزعومة" للمعارضة المسلحة، والذي كان دائماً يربطها بـ"تنظيم القاعدة".
كما قام فيسك بتكرير العزف ذاته حول مجزرة الغوطة، حيث أخفق في الإبلاغ عن ذرة واحدة من الأدلة الواسعة والتي تدل على قيام نظام الأسد بتنفيذ الهجوم، وبدلاً من ذلك روّج لفكرة أن الداعم الرئيسي للأسد- روسيا كانت لديها أدلة تثبت أن الأسد لا يمكن أن يكون مسؤولاً عن تلك الجريمة (تلك الأدلة التي لم تكشف قط، ولم يلاحقها فيسك أبداً) !
إن فيسك يعلم جيداً بأن المعارضة المسلحة لربما قامت بارتكاب بعض الأخطاء، ولكنها لا تقارن حتى بأعمال العنف اليومية في الإبادة الجماعية للنظام وحلفائه من الروس والإيرانيين، كما أنه يعلم أيضاً بأن الغالبية العظمى من المقاتلين المعارضين لنظام الأسد ليسوا من تنظيم القاعدة، ولكنه يريد أن يولّد الفكرة القائلة بأنه "لا يوجد من أخيار" في سوريا.
ويمكن للمرء الاعتقاد من أن هذا الموقف قد يمثّل الوقوف على الحياد من جانب فيسك، ولكنّه على العكس تماماً، إذ وبالنظر لمقالته الأخيرة بشأن حلب - فإن تأكيد فيسك على "عدم وجود الأخيار" سيكون من السهل تصديقه إذا ما لم يقم هو بنفسه بكتابة "أنشودة النصر الظاهري" لقوات الأسد المسلحة في أكتوبر من عام 2015، حيث اختتم بتشدّق عاطفي متدفّق بأن "الجيش السوري" سيخرج من هذه الحرب "أكثر قساوة، وبقدرة قتالية عالية، الجيش العربي الأقوى في المنطقة، والويل لأي من جيرانه الذين ينسون هذا."، بالإضافة إلى أنه قال أيضاً بأن نظام الأسد هو أهون الشرّين والذي يجب على الغرب أن يدعمه، إن هذا هو ما يعنيه حقاً فيسك عندما يتحدث عن "عدم وجود للأخيار".
إن فيسك لا يزال حريصاً على الدعاية  لفكرة أن قوات الأسد المشرذمة لا زالت "الجيش العربي السوري"، وبهذا قد يكون الصحافي الوحيد المتبقي في العالم الذي يروّج لمثل هذه السخافة، وفي مقالته بشأن حلب، يكتب فيسك : "في حلب، ميليشيات سنية تقاتل إلى حد كبير الجنود السنة في الجيش السوري"، ولكن "الجيش السوري" الذي يتحدث عنه فيسك، هو وهميّ تماماً، إذ لم يعد هنالك من وجود أساساً للجيش العربي السوري- حيث تمّ تجميع المقاتلين الطائفيين والذين يرجع أصل الغالبية العظمى منهم إلى الجهاديين الشيعة من العراق وأفغانستان ولبنان، من قبل إيران وبقيادة الحرس الثوري الإيراني للقتال لصالح الأسد، إذ لم يتبقى هنالك سوى العدد القليل جداً من السنة السوريين الذين يقاتلون من أجل الأسد، بالإضافة للعلويين المجندين (في بعض الأحيان بالقوة) في صفوف ما تسمى ب"قوات الدفاع الوطني" والممولة والمدربة من قبل إيران، وبإلقاء نظرة سريعة على القوات الموالية للأسد والتي شاركت بشكل جزئي باسترجاع مدينة تدمر من أيدي تنظيم الدولة المنسحب - كان هنالك الشيعة الأفغان والميليشيات العراقية والذي شكلوا غالبية المشاة حينها، تحت قيادة الإيرانيين، نفس السيناريو تدور رحاه في معظم الجبهات في سوريا، ومن ضمنه في مدينة حلب.
وهذا هو بالضبط ما يحاول فيسك إخفاءه عن قرّائه، إن قوات المعارضة هي سورية بأغلبية ساحقة ومحلية، وهم يقاتلون للدفاع ليس فقط عن مجتمعاتهم وأسرهم من وحشية الأسد وإيران وروسيا، ولكن أيضاً عن تلك الحرية التي تذوقوا طعمها على مدى السنوات الأربع الأخيرة منذ حرر الثوار مناطق في مدينة حلب.

ويمكن لفيسك أن يكتب كل يوم حول كيف أن المعارضة السنية كلها طائفية والذين هم جحيم مصمم على قتل المسيحيين (ولربما يرغب في التحقق من البيان الأخير الصادر عن جيش الفاتح، أحد تحالفات المعارضات الرئيسي في مدينة حلب، حيث أنه يضمن سلامة المسيحيين وغيرهم من الأقليات).

 ولكن فيسك لن يتحدث عن التعبئة الواسعة من المدنيين العاديين في حلب عندما بدأ الثوار أولاً بكسر الحصار عن المدينة.
إن فيسك لن يكتب عن أولئك الأطفال الذين يقودون الإطارات على طول الشوارع في مدينة حلب لحرقها من أجل إنشاء منطقة حظر جوي مؤقت لحماية الثوار وأنفسهم من سلاح الجو الوحشيّ لكل من روسيا والأسد.

 لن يكتب عن حقيقة أنه في مناطق حلب والتي يسيطر عليها الثوار على مدى السنوات الأربع الماضية، تم تعيين مجالس مدنية ولجان تنسيق محلية حتى تحكم المدينة بأفضل ما في وسعهم، في خضمّ سقوط القنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة فوقهم، بعيداً عن أي حكم استبدادي للأسد، إن هذه الروح هي التي قادت الثوار السوريين للانتصار على القوات ذات الأغلبية الأجنبية والتي ما برأت تقاتل لسحق بذور سوريا الحرة، إن كان هنالك من أحد لا يعلم ولا يحدد من هم "الأخيار" في سوريا، فإنه ضائعٌ حقّاً.
إن روبرت فيسك لن يقوم بالكتابة عن أي من هذا، لأنّه كنظام الأسد، يخشى الحقيقة .
سام حمد الكاتب الاسكتلندي-المصري والمقيم في أدنبره، متخصّص في دراسات شؤون الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي

لمناقشة العملية السياسية في سوريا.. "هيئة التفاوض" تلتقي مسعود البرازاني

"رجال الكرامة" تعلن إحباط محاولة لتصفية قاداتها

تقرير يوثق مقتل 27 شخصا خلال تشرين الأول الماضي في درعا

إسرائيل تعلن اعتراض "مسيرة" انطلقت من الأراضي السورية