بلدي نيوز
اقترحت "وثيقة سرية" أردنية مقاربة جديدة للتعامل مع نظام الأسد، تضع خطوات ترمي إلى "تغيير متدرج لسلوك النظام" وليس تغييره، وصولا إلى "انسحاب جميع القوات الأجنبية" التي دخلت إلى سوريا بعد العام 2011، مع الاعتراف بـ "المصالح الشرعية" لروسيا في هذا البلد.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، عن مسؤول غربي رفيع المستوى اطلع على الوثيقة، إنها نوقشت في الفترة الماضية بين قادة عرب، بينهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيسين الأميركي جو بايدن في واشنطن في تموز/ يوليو والروسي فلاديمير بوتين في آب/ أغسطس، وعلى هامش اجتماع قمة بغداد نهاية آب، موضحا أن بعض الخطوات التطبيعية التي جرت في الفترة الأخيرة "تلامس هذه المقاربة الجديدة أو مستوحاة من روحها".
وحسب المسؤول الغربي، انطلقت "الوثيقة" من تقييم بأن مقاربة الأزمة السورية في السنوات العشر الأخيرة انتهت إلى "الفشل" في جميع الجوانب التي تخص السوريين، والجيوسياسية والإرهاب، إذ أن هناك 6.7 مليون سوري لاجئ و6.6 مليون نازح و13 مليوناً بحاجة لمساعدات إنسانية، كما أن 80 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، و2.5 مليون طفل خارج المدرسة.
وأشار المسؤول إلى أن "الوثيقة" تناولت أيضا الوجود الإيراني، وانتهت إلى الاستنتاج بأن طهران "تتمتع بنفوذ عسكري واقتصادي متزايد على النظام ومناطق مختلفة من البلاد، وخصوصا جنوب غربي سوريا"، حيث تزدهر تجارة المخدرات التي تشكل "مصدر تمويل رئيسي لميليشيات إيران، ما يشكل تهديدا للمنطقة وما وراءها".
وتقترح "الوثيقة" مقاربة جديدة مؤثرة بما يؤدي إلى إعادة التركيز على الحل السياسي في سوريا وفق القرار الدولي 2254، ومعالجة الأزمة الإنسانية ومنعكساتها الأمنية في سوريا وجوارها، بطريقة تقوم على سلسلة من الخطوات التراكمية، تركز على "محاربة الإرهاب واحتواء النفوذ المتصاعد لإيران"، على أن يكون هدف هذه المقاربة "تغيير تدرجي لسلوك النظام"، مقابل حوافز تنعكس إيجاباً على الشعب السوري وعودة اللاجئين والنازحين، حسب قول المسؤول الغربي.
وتقترب أفكار "الوثيقة" من اقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسن لاتباع مقاربة "خطوة مقابل خطوة"، يبدأ بتفاهم أميركي – روسي، وتعريف هذه الخطوات وتحديدها، والحصول على دعم إقليمي وعربي وأوروبي لها، ثم تشكيل آلية واضحة لـ "انخراط النظام" قبل البدء بتنفيذها.
وقال المسؤول الغربي، "كسب التأييد الروسي لهذه المقاربة أمر جوهري، إضافة إلى الاعتراف بالمصالح الشرعية لروسيا، ثم التعاون معها لتحديد نقاط مشتركة على أمل المضي قدما نحو الحل السياسي وتنفيذ القرار الدولي 2254".
ومن العقبات التي تعترض هذه المقاربة الانقسام إزاء "الانخراط مع النظام"، وعدم وجود إجماع عربي على عودة النظام إلى الجامعة العربية وعدم حصول تقدم بالحل السياسي وفق القرار 2254، إضافة إلى تمسك أميركا ودول أوروبية بثلاث أدوات ضغط، هي: العقوبات، العزلة، وتمويل الإعمار. وهناك أيضا عقبة قانونية أميركية تتمثل بـ "قانون قيصر" الذي أقره الكونغرس بموافقة الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
لذلك، فإن أحد المقترحات كان أن يقوم الأردن حالياً بـ "انخراط اختباري" مع النظام قبل توسيع هذه الاتصالات. وعكف خبراء وكبار الموظفين القيمين على هذه "الوثيقة" على صوغ خريطة تنفيذية لـمقاربة "خطوة مقابل خطوة"، تتضمن الملفات المطروحة والموقف المطلوب من النظام بشأن "تغيير سلوك النظام" إزاء عملية السلام والقرار 2254 واللجنة الدستورية ودور إيران وعودة اللاجئين والنازحين، و"العرض" المقدم من الأطراف الأخرى فيما يتعلق بالتطبيع والانخراط السياسي والدبلوماسي، واستثناءات من العقوبات وتمويل بنية تحتية، والتعاون المشترك ضد الإرهاب.
وبين الاقتراحات أن يكون الطلب الأولي "انسحاب كل العناصر غير السورية من خطوط التماس"، ثم "انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت بعد العام 2011"، مقابل انسحاب القوات الأميركية وتفكيك قاعدة التنف على الحدود السورية - الأردنية - العراقية، وفتح قنوات للتنسيق بين "جيش النظام" والقوات الأمنية من جهة، ونظيراتها في الدول المجاورة لضمان أمن الحدود.
ولم تتضمن هذه الخريطة جدولا زمنيا واضحا للتنفيذ، ولا تحديدا للموقف من وجود روسيا العسكري في سوريا الذي بدأ في نهاية 2015، وإن كانت تحدثت عن "المصالح الشرعية" لها في سوريا. كما أنها لم تعالج قول النظام، إن وجود إيران وميليشيات جاء بناء على طلب الحكومة السورية، حسب قول المسؤول الغربي.