بلدي نيوز- (تركي مصطفى)
في سياق ظروف عدة، جاء استدعاء بشار الأسد إلى الكرملين قبل أيام قليلة، والتقى الرئيس بوتين. وكان مما أشاعه نظام الأسد أن اللقاء ركز على الناحية الاقتصادية و"تحرير" الأراضي السورية والمقصود بذلك الوجود الأمريكي والتركي في سوريا.
لم يتأخر الرد من الخارجية الروسية على هذه الإشاعات، حيث صرح أحد مستشاري الخارجية الروسية بقسوة، "ما قيل لا يعكس موقف روسيا نهائياً، بل هو عكس ذلك تماماً، فلا بديل عن قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومن استئناف عمل اللجنة الدستورية قريباً جداً".
المعلومات الواردة من "موسكو"، حول اللقاء الذي استدعي فيه الأسد للقاء بوتين. تؤكّد أن المحاور الرئيسية دارت حول تفعيل المسار السياسي من خلال إحياء عمل اللجنة الدستورية وإطلاق حوار سوري داخلي وبالأخص مع (قسد) وانفتاح الأسد على الجانب التركي لتوظيفها روسيا في غرب وشرق الفرات.
اللافت للنظر غياب الحديث في لقاء (الأسد-بوتين) عن الوجود الإيراني في سوريا، فالكرملين يدرك أن الأسد يدور في فلك إيران ولا يمكن الوثوق به، ذلك أن إيران تشكل القوة الرئيسية التي تهدد الوجود الروسي السياسي في سوريا، رغم تعاونهما عسكريًّا، وإعلاميًّا، وسياسيّا، فضلا عن وحشيتهما في عملية إجهاض الثورة السورية بحيث لم تعد فصائل المعارضة تشكّل تهديداً بعد خنقها في جيوب شمال غرب سوريا، الخاضعة للسيطرة التركية، ولا مصالح لروسيا في أي معركة قادمة، لذلك تنتفي الحاجة لإيران وميليشياتها، بعد أن أنهت مهمتها القذرة في سوريا في إطار مشروعها الامبراطوري، وإنفاقها مليارات الدولارات وسقوط الآلاف من قتلاها، لتصطدم مع شريكها الروسي صاحب الشهية المفتوحة على مشاريع اقتصادية، كإعادة الإعمار، والتسليح، والسيطرة على مفاصل الاقتصاد السوري.
من هنا تدور معركة خفية بين روسيا وإيران للهيمنة على ما تبقى من قوة عسكرية للأسد، حيث لا تزال إيران القوة العسكرية الأولى المهيمنة على المناطق الواقعة تحت نفوذ نظام الأسد؛ فهي من تسيطر على مفاصل العاصمة دمشق، وتنتشر قواعدها العسكرية بمحيطها، وعلى التلال المشرفة على الجولان السوري المحتل، وتمكنت من ترسيخ نفوذها عبر الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد وعلى شبكة من المصالح المشتركة، استأثرت المذهبية الشيعية على الجانب الكبير منها، ومنحت امتيازات استثمارية على شكل رشاوٍ للعديد من ضباط الأسد الذين يتحكمون بالمؤسسة الأمنية، وعلى رأسها المخابرات الجوية، وكذلك لقيادات الميليشيات المحلية المتشيعة حديثا، وشرائهم ذمم كثير من الشخصيات الاجتماعية والثقافية النافذة، مكوِّنين بذلك قوى محلية في سوريا دافعة لقوتهم الأولى في المنطقة، التي تتمثَّل بميليشيا حزب الله اللبناني.
فيما يعمل الروس على محاولة إعادة هيكلة قوة الأسد العسكرية وأجهزته الأمنية بما يتوافق مع سياستها التي تراوح مكانها في الشأن السوري.
وبالتالي، لا يمكن لروسيا تجاوز الثقل العلني للإيرانيين في كيان نظام الأسد، فالميليشيات الإيرانية منتشرة في كل مفاصله، وعلى كل جبهاته، وعلى مشارف قصره، فيما يتمترس الروس بقوتهم الجوية في مطار حميميم، وفي جعبتهم تفاهمات مع واشنطن، وأخرى مع تل أبيب، ويبقى "الأسد" في مأزق كبير بين المطالب الروسية، والمشروع الإيراني، وسيحتار في أن يكون "ذيل كلب" الروس أو "ابن كلبة" إيران.