بلدي نيوز - (خاص)
تصاعدت الهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية التي تقود قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا، وكان أحدثها هجوم الأحد الماضي حين سقط صاروخ محلي الصنع في قاعدة حقل العمر النفطي بديرالزور، أكبر قاعدة للتحالف في سوريا، وأتى ذلك بعد سقوط قذيفة صاروخية، السبت الماضي، في حقل "كونيكو" للغاز في ريف دير الزور الشرقي.
وفي تعليقه على هجمات سابقة بالعراق وسوريا، اعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، الخميس الماضي، أن الهجمات المكثفة على العسكريين الأمريكيين في العراق وسوريا "تهديد خطير".
وأضاف كيربي، خلال لقاء صحفي، أن بلاده تشعر بقلق عميق من الاعتداءات التي تم تنفيذها على كوادرها خلال الأيام الأخيرة. إنهم يستخدمون أسلحة فتاكة. لا أعرف كيف يمكن وصف ذلك إلا بأنه تهديد خطير".
ويربط المحلل السياسي ورئيس تحرير موقع "الشرق نيوز" السوري، فراس علاوي، التصعيد بالمفاوضات غير المباشرة في فيينا حول الملف النووي الإيراني.
يقول "علاوي" في حديثه لبلدي نيوز، إن التصعيد الإيراني عبر الميليشيات التابعة لطهران في سوريا، مؤشر على تعثر المفاوضات في فيينا، "قد يكون الأمريكيين وضعوا بعض الشروط التي لا ترغب إيران بتنفيذها"، وعلى أساس ذلك وجهت طهران رسائل لواشنطن من خلال استهداف ميليشياتها لقوات التحالف في سوريا.
ويضيف، أن اختيار إيران لسوريا من أجل توجيه الرسالة لأمريكا، هو لعدة اعتبارات، أولها لأن سوريا دولة لا توجد فيها حكومة يمكن مساءلتها عن القصف، كما هو الحال في العراق، وثانيها إن المجموعات المسؤولة عن القصف هي ميليشيات وليست قوات نظامية ولن تتحمل إيران تبعيات القصف، وأخيرا الرد الأمريكي -إن وقع- سيكون على الميليشيات ولن يستهدف مواقع عسكرية نظامية وبعيد عن الحدود الإيرانية.
وعن حدود الرد الأمريكي على القصف، يرى "علاوي"، أن الرد الأمريكي سيكون حذرا، لأن واشنطن حريصة على استمرار المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وإيران كذلك لن تسمح بتجاوز ميليشياتها الخطوط الحمراء لذات السبب، وبالتالي فإن التصعيد بالمنطقة مرتبط بتطورات مباحثات فيينا.
ولم تحرز المحادثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي سوى تقدم طفيف في الأسابيع الأخيرة، بل أنها توقفت هذا الأسبوع وفقا لدبلوماسي أوروبي تحدث لوكالة "فرانس برس".
وتهدف هذه المفاوضات إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، بعد انسحابها منه عام 2018 وإعادة فرضها عقوبات على طهران. وردا على ذلك تخلت إيران عن معظم التزاماتها.
الصحفي عبدالرحمن عمر، وهو محرر الشأن السوري في موقع "إيران إنسايدر"، يرى أن التصعيد جاء بعد القصف الأمريكي الذي استهدف ميليشيات "كتائب حزب الله" و"لواء سيد الشهداء" في كل من سوريا والعراق، في الـ28 من شهر يونيو الماضي، والذي جاء بأوامر مباشرة من الرئيس الأمريكي جو بايدن ردا على استهداف المصالح الأمريكية بالطائرات المسيرة والصواريخ في العراق انطلاقا من سوريا باتجاه قاعدة عين الأسد في الأنبار غرب العراق.
ويضيف عمر، في حديث لبلدي نيوز، أن الميليشيات المرتبطة بإيران قصفت قاعدتي حقل العمر النفطي وحقل كونيكو للغاز خمس مرات منذ الضربة الأمريكية الأخيرة.
ويشير إلى أن ميليشيات إيران تصعّد عملياتها في كل من سوريا والعراق بشكل متزامن، والهدف من ذلك إجبار القوات الأمريكية على الانسحاب كما حدث معها في أفغانستان، وبالتالي إخلاء الساحة لإيران في المنطقة، حسب رأيه.
ويتوقع العمر أن تتزايد الهجمات خلال الفترة المقبلة، للضغط على القوات الأمريكية ودفعها للانسحاب من شرق سوريا حيث حقول النفط وكذلك في العراق وخاصة من القواعد العسكرية الاستراتيجية مثل عين الأسد بالأنبار وفكتوريا في بغداد وبلد الجوية في صلاح الدين.
ويستغرب العمر من نهج إدارة بايدن مع إيران وميليشياتها في المنطقة، ففي الوقت الذي تخوض فيه واشنطن مفاوضات غير مباشرة مع طهران في فيينا، وتمتلك كل أوراق القوة لكبح جماح إيران التي أنهكتها العقوبات، نرى أن واشنطن تريد العودة للاتفاق أكثر من طهران وتستعجل العودة إليه، هذا من جانب، ومن جانب آخر ورغم محاولة إدارة بايدن توجيه رسالة للنظام الإيراني أن مهاجمة القوات الأمريكية لها عواقب سواء أحدثت تلك الهجمات خسائر أم لم تحدث بصفوف القوات الأمريكية، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى عكس ذلك مع تصعيد الميليشيات التابعة لإيران من هجماتها ضد المصالح الأمريكية في كل من سوريا والعراق في الوقت الذي تكتفي واشنطن بتأكيد وقوع الهجمات أو نفي وقوعها، دون أي رد عسكري على عمليات القصف.