Radio Free Europe - ترجمة بلدي نيوز
في 16 حزيران، قامت الطائرات الأمريكية المقاتلة F-18 باعتراض مجموعة من طائرات سو 34 الروسية- القاذفة المقاتلة والتي أجرت غارة جوية على معسكر للجنود الذين هم محور مهمة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في سورية ضمن جهودهم لهزيمة الجماعة الإرهابية تنظيم "داعش".
المخيم الذي استهدف، يعتبر جديداً نسبياً، كما أن صحيفة بريطانية قد كتبت مؤخراً بأن القوات الخاصة البريطانية تعمل بانتظام هناك، وعلى الرغم أنه من غير الواضح ما إذا كان الجنود البريطانيون أو الأمريكيون في المخيم في ذلك الوقت، وبغض النظر عن ذلك، يعتقد قادة التحالف التي تقوده الولايات المتحدة بأن الضربات الجوية الروسية تحتاج إلى إيقاف، وأنهم قد أرسلوا طائرات مقاتلة لإيقافها.
ووفقاً لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، فقد تواصلت ال F-18 الأمريكية مع الروسية سو-34 على ترددات بث الطوارئ، وأخبرت الطائرات الروسية بأن عليهم إيقاف أنشطتهم لتجنب تصادم طائرات الولايات المتحدة والروسية في الجو، ولكن عندما غادرت الـ F-18 المنطقة للتزود بالوقود، تجاهلت القاذفات الروسية التهديدات الامريكية وأجرت غارة ثانية على نفس المخيم.
ولو كانت هذه الحادثة قد جرت في أفغانستان في عام 2001، أو في العراق في عام 2003، أو خلال مهمة الناتو لإنهاء الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك في عام 1995 أو في كوسوفو عام 1999، لكانت الحادثة من شأنها أن تحتل الصفحات الأولى للصحف، بتغطية على مدار الساعة واليوم حول التهديد المتزايد للحرب المباشرة، والتي ستعلن في كل قنوات الولايات المتحدة الإعلامية.
ولكن وحيث أن تلك الحادثة في هذا العام، في بلدة صحراوية صغيرة في سوريا تدعى "التنف"، بالقرب من الحدود مع الأردن والعراق، فإن وسائل الإعلام الغربية والجهاز السياسي لا يبدو بأنهم يلقون بأي اهتمام حول الأمر، ولربما البعض حائرون من النزاع المعقد ولا يعرفون حقاً بمن يجب أن يثقوا في المسألة السورية، ولربما قام البعض بتصديق الرواية الروسية، الأمر الذي ردده بعض السياسيين الغربيين، ولكن الأكيد أن الجميع متعبون من عناوين الحرب في الشرق الأوسط.
وقد قام البنتاغون في وقت لاحق بتناول هذه القضية ملقياً باللوم على وزارة الدفاع الروسية، معرباً عن "قلقه الشديد إزاء الهجوم"، كما قال مسؤول أمريكي لصحيفة لوس أنجلوس تايمز بأن هذا "عمل فظيع يجب أن يتم إيضاحه." وتابع المصدر الذي لم يكشف عن اسمه: "إن الحكومة الروسية إما لا تستطيع السيطرة على قواتها، أو أن ذلك كان عملا استفزازياً متعمداً، وفي كلا الحالتين نحن نبحث عن أجوبة."
ويبدو أن روسيا تواصل التركيز حصراً على الحفاظ على نظام بشار الأسد، حتى لو كان ذلك يعني إطالة أمد الصراع، أو حتى السماح للإرهاب بأن يزدهر، وقد صرح مسؤولون سابقاً بأن حملة القصف الروسية، والتي بدأت في سبتمبر من عام 2015، تركز بشكل حصري تقريباً على قصف الجماعات الثورية المناهضة لنظام الأسد، بما في ذلك المجموعات التي تدعمها الولايات المتحدة.
في أيار، قامت روسيا بالفعل بمساعدة التحالف المؤيد للأسد في إعادة السيطرة على مدينة تدمر الأثرية من تنظيم "داعش"، وخدمت تلك الإجراءات بتحقيق ثلاثة أهداف أساسية، كلها تعزز نظام الأسد: توحيد الإقليم، ضمان الوصول إلى الحقول الغنية بالنفط في وسط سوريا، ونشر الخرافة التي تروج لأن روسيا والأسد يخوضان في المقام الأول معركة ضد الإرهابيين.
كان ذلك قبل ستة أسابيع، منذ ظهرت الدراسة التحليلية التي قام بها معهد دراسات الحرب، فمنذ السيطرة على تدمر، كانت هناك زيادة كبيرة في الضربات الجوية الروسية، على وجه الحصر تقريباً ضد المدنيين وجماعات الثوار التي يتم تدريبها وتسليحها من قبل الولايات المتحدة، فقد عادت روسيا إلى نمطها في تجاهل تنظيم "داعش"، بينما سمحت الضربات الجوية الروسية، على خنق قوات الثوار المدعومة من الغرب والمعارضين لتنظيم "داعش"، مانحة تلك المنظمة الإرهابية القوة للتوسع في الأراضي الجديدة.
وفي مقابلة مع إذاعة أوروبا الحرة، صرح السيد فريدريك سي هوف، الزميل البارز في المجلس الأطلسي لمركز رفيق الحريري لمنطقة الشرق الأوسط والمستشار الخاص السابق في وزارة الخارجية الأمريكية لعملية الانتقال في سوريا، قائلاً بأن "قرار روسيا بقصف الوحدة المدربة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمكافحة لتنظيم "داعش" يوضح نقطتين رئيسيتين: أولاً انخفاض أولوية موسكو في قتال تنظيم "داعش"، ثانياً الازدراء الذي تكنّه روسيا اليوم للولايات المتحدة"، وتابع قائلاً بأن: "الأسد والروس يرون بأن تنظيم "داعش" هو الخصم المثالي للأسد: تلك المنظمة الإرهابية المروعة والتي قد تخدم نظام الأسد بكونها تذكرة لعودة الأسد الى المجتمع المتحضر، على الرغم من جميع ما قام نظامه بارتكابه من جرائم حرب لاإنسانية، إن تقييم موسكو للقيادة الأميركية بتشجيعها على العمل على هذا النحو، قد يثبت خلال الوقت المتبقي لهذه الإدارة أو الإدارة التالية- تهور الروس، زعزعتهم للاستقرار، وخطرهم".