aawsat - (ترجمة بلدي نيوز)
يراقب مسؤولون من وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، ومجلس الأمن القومي الأميركي، عن كثب الخطوات التالية التي قد يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القيام بها في سوريا.
ويرى التقييم الرسمي في واشنطن بأن بوتين متردد الآن في الدخول بشكل أعمق في الحرب السورية، إذ كان في وقت سابق من هذا العام، قد أثار قلق الأسد وغيره من داعميه بإعلانه عن سحب القوات الروسية من سوريا، بينما كان بوتين قد أساء تقدير الوضع وبشدة، لقد كان الانسحاب الروسي الجزئي من سوريا، مبنياً على افتراض أن القوات الإيرانية في سوريا، وبالتعاون مع جيش الأسد، ستكون قادرة على مواصلة الضغط على قوات المعارضة، وإن كان ذلك بوتيرة أقل.
في حين يقول تقرير لمركز الشرق للبحوث، بأن الانسحاب الروسي كان كارثة حقيقية على الأطراف الحليفة كما تبين لاحقاً، وذلك بإخفاق القوات الإيرانية في أن تكون على مستوى توقعات الروس، وبأن واشنطن كانت قد وضعت افتراضات حول القدرات القتالية للحرس الثوري الإيراني بمبالغة شديدة، فقد تعرضت القوات الإيرانية في كل من سوريا والعراق، لخسائر جسيمة، ولم تكن حتى بقريبة لأي من مستوى تلك المهارات العسكرية التي أظهرها "المتطوعون" الروس.
ولذلك تعمل روسيا الآن على تعزيز وجودها في سوريا وذلك بعد هجوم مباغت في أواخر أيار/مايو ضد قاعدة جوية روسية، تعرضت خلاله مروحية قتالية روسية إلى الدمار، إلى جانب معدات عسكرية أخرى، في حين تؤكد مصادر في البنتاغون، بأن الروس قد فدحوا بخسائر بشرية أعلى في تلك الحادثة عما قد اعترفت به موسكو بشكل أولي.
إن نشر القوات العسكرية الروسية والتي سحبت في وقت لاحق، إضافة إلى عدة آلاف من القوات الخاصة الروسية، ما زال لا يرقى للالتزام الكامل المطلوب لتحقيق أي ميزة حاسمة على الأرض، ويواجه بوتين الآن تحديات تتجاوز الجبهة السورية، ففي 7 - 8 من شهر تموز/يوليو، سيعقد اجتماع بين قادة دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" في العاصمة البولندية وارسو، من أجل المصادقة على نشر ما لا يقل عن أربع كتائب قتالية في دول البلطيق وبولندا، والتي لها حدود مع الأراضي الروسية، كما ومن المقرر أن تصوت الحكومات الأوروبية على ما إذا كانت ستمدد العقوبات الاقتصادية على روسيا بعد موعد انتهائها المقرر في 31 تموز/يوليو.
وتستند العقوبات الأوروبية على دعم روسيا للمعارضين الانفصاليين في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، وبينما يعقد بوتين تحالفاً اقتصادياً هشاً مع اليابان، وذلك رغم معارضة الرئيس أوباما القوية لمثل هذا الدعم من قبل رئيس الوزراء شينزو آبي، لسياسة "محور آسيا" الروسية، تشير التقارير إلى أنه إذا شرعت روسيا في تصعيد عسكري شامل في سوريا، فإن الوضع العالمي سيصبح فجأة أسوأ بكثير بالنسبة إليها.
كما أن بوتين يواجه الآن معارضة داخلية متزايدة لسياساته الاقتصادية، ويمكن لهذا أن يؤثر سلباً على انتخابات مجلس الدوما المقبلة في أيلول/سبتمبر. ويخشى بوتين من انتكاسة كبيرة لحزبه "روسيا الموحدة"، ومن الممكن أن تضعف من مساحة المناورة المتاحة له، وكذلك وضعه في العالم، ومن ثم وبحسابات واشنطن، ستقوم روسيا حينها بتحركات محدودة في سوريا، لتعويض ضعف أداء القوات الإيرانية، لكنها لن تقوم بالتصعيد لأبعد من هذا، مخافة حدوث تبعات خارج سوريا.
ويعلم بوتين بأن إدارة أوباما تتطلع الآن لمزيد من التحركات لإنقاذ إرث أوباما، بتسجيل انتصار عسكري واضح ضد تنظيم "داعش" في الأسابيع والشهور المقبلة، وبالنظر إلى حالة الضعف الشديد التي تعاني منها القوات العراقية، والوضع السياسي المثير للنزاع على الأرض في العراق، فإن أفضل خيار بالنسبة إلى البيت الأبيض هو دعم "قسد" المدعومة أميركياً للسيطرة على الرقة، ومن وجهة نظر بوتين بأن أي هزيمة من قبله لتنظيم "داعش" في سوريا، وخاصة بما يتضمن طرد التنظيم من عاصمة خلافته في الرقة، سيدعم فعليًا قدرة حكومة نظام الأسد على البقاء في السلطة على المدى القريب.
وبسبب تصاعد العمليات العسكرية في شمالي سوريا، اضطرت القوات السورية والأميركية والروسية إلى زيادة تنسيقها لمنع الصدام، ومع ذلك فإن التعاون الاستخباري المتبادل، يظل جامداً على المستوى التكتيكي، كالعلاقات بين واشنطن وموسكو، والتي لن تتغير قريباً، وخاصة في خلال ما تبقى من رئاسة أوباما.
إن حالة عدم الثقة التي نشأت بين قيادتي الجيشين الروسي والأميركي بسبب النزاع في أوكرانيا ستستغرق وقتا طويلاً لتصحيحها، هذا إن أمكن تحقيق ذلك حتى، كما وأن التنسيق لمنع التصادم التكتيكي، ما بين القوات الأميركية والروسية في سوريا يعني ببساطة بأن الولايات المتحدة ستعطى إنذاراً واضحاً إذا ما غيرت روسيا من مواقفها ومضت نحو استعراض للقوة، وبالنظر إلى أصداء الأزمات الأخرى التي تطارد بوتين، فإن هذا الآن أمر غير مرجح.