بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
أثار تحسن سعر صرف الليرة السورية الكثير من التساؤلات والتكهنات حول إمكانية مواصلة القفزات على حساب الدوﻻر اﻷمريكي.
ويظهر أنّ النظام يحاول كسب الوقت والرهان قبيل مسرحية اﻻنتخابات التي تزامنت مع تحسن الليرة الذي اعتبره مؤيدوه انتصارا للأسد، وتقديم حاكم المصرف المركزي "حازم قرفول" كبش فداء ضمن السيناريوهات.
وتتكشف مع الوقت حقيقة الخطوات التي اتبعها المركزي مؤخرا، بدﻻلة ما تنشره الصحف والمواقع الموالية خلال تهليلها لانتصار "اﻷسد" على "الدوﻻر اﻷمريكي"، فهل حقا انتصر؟ وعلى ماذا راهن النظام؟
رهان اﻷسد
الراجح أنّ رهان اﻷسد كان على مسألة "الوقت"، وتحديدا قبيل عملية "اﻻنتخابات" التي يصر عليها، فتكون بذلك "الليرة" هي ورقته الرابحة مقارنة بـ"الدمى" التي رشحت نفسها للتنافس معه.
بالتالي؛ يبقى مصير الليرة السورية، على "طاولة المقامرة" التي فرضها النظام، والتي بدأت تتكشف حقائقها وآثارها، خاصةً مع حديث الصحف الموالية، الذي يحمل التهليل والتحذير من عودة اﻹشاعات والمضاربات.
حبس السيولة
ولجأ مصرف سوريا المركزي إلى سياسة "حبس السيولة" في البنوك منذ أوائل شهر نيسان/إبريل الجاري، للوصول بالأسواق إلى حالة جمود؛ لضمان تخفيف الطلب على الدولار اﻷمريكي؛ ما يبرر سبب التحسن في قيمة "الليرة السورية".
أي أنّ المركزي فرض "قلة المعروض" من العملة أيضا، ومنع التجار من سحب كميات كبيرة من أموالهم المودعة في البنوك، مما أجبرهم (التجار) إلى دفع عمولات وصفت بأنها "كبيرة" للسماسرة أو نسبة من المال، مقابل مساعدتهم في سحب أموالهم من البنوك.
وأدت تلك السياسة إلى ارتفاع الطلب على العملة المحلية، ودفعت التجار وأصحاب الأموال لطرح ما لديهم من "دولار"، خشية إفلاسهم وتراجع قيمة اﻷخير، ومقابل تأمين ما يلزمهم من الليرة للتحرك به في الأسواق.
بالتالي؛ هي خطوة عمليا ناجحة، لكنها محفوفة بالمخاطر، رغم أنها أسهمت آنيا ومؤقتا بتفوق الليرة وتراجع الدوﻻر اﻷمريكي.
ويعول المركزي في ذات الوقت على طرح الناس للدولار المُرسل إليهم بالحوالات الخارجية مقابل الحصول على الليرة السورية لتغطية مستلزمات المعيشة.
وتشير بعض الصور التي تداولتها مواقع معارضة وأخرى موالية، إلى تزاحم الناس حول شركات الصرافة، خاصة بعد تعديل المركزي سعر صرف الدوﻻر اﻷمريكي.
ويبدو أنّ النظام سيستفيد من طرح المواطنين للحواﻻت الخارجية واستبدال الدوﻻر بالليرة، لتأمين جزء مما تحتاجها حكومته لتغطية فواتير استيراد النفط والقمح وغيرهم من المواد الأساسية.
بالمقابل؛ تغفل تلك السياسة أنها ستنتج شللا في حركة التجارة الداخلية، ومعها حركة التصدير التي تراجعت أساسا.
وتشير التقارير اﻹعلامية الموالية، إلى أنّ المركزي ماضٍ في اتباع سياسة "حبس السيولة"، وخنق الأسواق وتجميد الحركة التجارية، للوصول إلى "تخفيف الطلب على العملة اﻷجنبية، وبالتالي؛ الإبطاء بحركة توزيع المحروقات إلى المحافظات.
انعكاسات سياسة المركزي
إﻻ أنّ تلك السياسة رغم أنها أثمرت حتى اللحظة في تحقيق مكاسب للعملة المحلية (الليرة السورية)، لكنها تبقى سيفٌ ذو حدّين، وفق محللين، فهي من ناحيةٍ أثارت استياء التجار وأشعرتهم أنهم المقصودين في تلك العملية، كما أنها فتحت بابا جديدا للاختلاس والرشى، واﻻلتفاف على القانون.
ويذكر موقع الليرة اليوم الموالي أنّ كلفة سحب الـ ١٠٠ مليون ليرة سورية وصل إلى نحو ٧ ملايين ونصف.
ومن جهةٍ أخرى؛ أصاب اﻷسواق جمودٌ واضح، خاصة في العاصمة دمشق وحلب، وباتت التعاملات إمّا محكومةً من المركزي، أو مما بقي خارج سيطرة البنوك، وما تمكن التجار من سحبه عبر السماسرة.
وباختصار؛ يرى محللون أنّ التحسن في قيمة الليرة ساهمت به تلك السياسة، لكنه عمليا "استقرار سلبي"، قابل للتراجع إلى الخلف وسيكون له ارتدادات أكبر، رغم أنّ المركزي يدّعي أنها (حبس السيولة)، مجرد "سياسة مؤقتة"، لكن تبقى تلك عبارة فضفاضة، ما لم يعلن عن موعد انتهاء العمل بها، أو حتى تحرير تلك اﻷموال من القيود، وإعادة طرحها مجددا في سوق التداول.
وبناء على ما سبق؛ فإن مصير الليرة السورية ارتبط برهان اﻷسد، وتجييرها لصالح مسرحية "اﻻنتخابات"، وتلميعه قبيلها بشهرٍ تقريبا، وقبيل أن يقف أمام ما يسمى "مجلس الشعب".