نيويورك تايمز – ترجمة بلدي نيوز
لمدة 38 يوماً متتالية، كانت شوارع البلدة الشمالية الغربية السورية لـ"معرة النعمان"، مسرحاً لاحتجاجات ضد الحكومة والمتطرفين، لكنها أصبحت يوم الثلاثاء، مسرحاً لمجزرة مروعة، حيث قصفت الطائرات الحربية الحكومية السورية سوق المدينة، مما أسفر عن مقتل العشرات من الناس، وفقاً لما أفاده السكان وعمال الإنقاذ.
وأكد الهجوم التداعي الواضح لاتفاق وقف إطلاق النار الهش بين قوات الحكومة السورية وبعض جماعات المعارضة المسلحة.
الهجوم الذي وقع في معرة النعمان، والآخر المشابه له في البلدة القريبة "كفرنبل"، جاءا بعد عدة أيام من تصريح جماعة المعارضة السورية الرئيسية بأنها لن تشارك في المناقشات الدبلوماسية في جنيف.
كما واتهمت المعارضة الحكومة السورية بانتهاك وقف إطلاق النار الجزئي مراراً، واعتبرت هجمات يوم الثلاثاء على أنها النهاية العنيفة لفترة راحة نسبية من الغارات الجوية التي استمرت ما يقارب الشهرين.
بعض السكان في معرة النعمان، 68 ميلاً شمال حمص، وفي بلدات أخرى في سوريا، والذين أتيح لهم قدر يسير من المساحة الحرة، كانوا قد استأنفوا احتجاجات الشوارع التي بدأت في انتفاضة ضد الأسد منذ أكثر من خمس سنوات.
وأشارت الاحتجاجات الأخيرة إلى معارضة السكان للحكومة السورية التي تقصفهم وكرههم للمتطرفين الذين يقاتلون في بعض أوساط جماعات الثوار.
وكما علت أصوات السوريين مرة أخرى احتجاجاً، كانت جماعات الثوار تضغط على ممثلي المعارضة لاتخاذ موقف أكثر تشدداً في محادثات في جنيف، والتي كانت قد أحرزت تقدّماً ضئيلاً، فلقد كانت تفجيرات يوم الثلاثاء، بالنسبة للكثير من السوريين، هي القشة الأخيرة.
هذا وقال أنس المعرّاوي الناشط الثوري على الهاتف من معرّة النعمان "نحن نعتبر ذلك نهاية للهدنة، ولكننا سنواصل التظاهر بما أن الوقف الجزئي لإطلاق النار والمحادثات السياسية كانت قد انهارت، فإن الأهداف التي وضعت من قبل مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي مستورا، والجهات الدولية الرئيسية الراعية للمحادثات والولايات المتحدة وروسيا، قد تبددت.
وقد تمكّن عمال الإغاثة من زيارة بعض المناطق المعزولة منذ فترة طويلة في سوريا، ولكن معظم المناطق المحاصرة تلقت القليل من العون الذي هم في أمس الحاجة إليه.
هذا وقال مسؤولو الإغاثة: "بأن الحكومة قد واصلت مصادرة الإمدادات الطبية، بما في ذلك المستلزمات الغذائية التي تساعد في إنقاذ الناس من التضور جوعاً، من الشحنات المتجهة نحو المناطق المحاصرة".
لقد تبددت الآمال في تبادل السجناء، ولم توافق الحكومة السورية على مناقشة عملية الانتقال السياسي، في حين رفضت المعارضة أي قرار من شأنه أن يسمح للأسد بالبقاء في منصبه، بناء على البروتوكولات التي تحكم محادثات جنيف، والتي تدعو لإنشاء هيئة حكم انتقالي بسلطات تنفيذية كاملة.
وقال رياض حجاب، رئيس لجنة المفاوضات العليا التي تمثل جماعات المعارضة السورية في جنيف، يوم الثلاثاء إن وفده لن يشارك في "العملية السياسية" التي تطيل من عمر هذا النظام.
ويمكن اعتبار قرار المعارضة بالانسحاب من المحادثات في جنيف بمثابة الفوز بالنسبة لروسيا، الداعم الدولي الرئيسي للأسد، والتي تلقي باللوم على الثوار في انهيار المحادثات، مع الاستمرار في محادثات موازية كانت قد نظّمت على قاعدتها العسكرية الخاصة في سوريا مع شخصيات معارضة مسموح بها رسمياً.
كم أن انهيار المفاوضات السياسية، يمكن أيضاً أن يكون محرجاً للمملكة العربية السعودية، الراعي الرئيسي للمعارضة السورية، في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس أوباما لزيارة العاصمة السعودية هذا الأسبوع.
وقال مفاوضون بأن التفجيرات قد أكدت وجهة نظرهم بأن النظام السوري ليس مهتما برؤية المحادثات تنجح، كما قال سالم المسلط المتحدث باسم لجنة المفاوضات العليا في بيان لها: "لقد اتخذ قرارنا بتأجيل مشاركتنا في محادثات جنيف، لتسليط الضوء على سخرية النظام بالتظاهر بالتفاوض بينما يصعّد العنف". كما عقّب "هذا الهجوم هو رد الأسد، يجب على العالم أن لا يتجاهل مثل هذا التحدي".
هذا وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك الثلاثاء، أنه قد كان هناك "ارتفاع في أعمال العنف"، كما أشار بأن وكالات المعونة لم يكن لديها إمكانية الوصول للمدنيين العالقين في المناطق المحاصرة، وأضاف "لقد شهدنا زيادة في قدرتنا على إيصال المساعدات الإنسانية"، مضيفاً إلى أن إمكانية الوصول غير كافية، كما عقّب "من الواضح أننا بحاجة لرؤية عنف أقل والمزيد من وصول المساعدات الإنسانية."
وأظهرت أشرطة الفيديو والصور التي تم نشرها على الإنترنت من قبل سكان وعمال الإنقاذ في معرة النعمان وكفرنبل جثثاً، بما فيها لبعض لأطفال، متناثرة حول المعادن الملتوية والخضروات المتبعثرة في السوق.
وكان أكثر من أربعين شخصاً قد استشهدوا في معرة النعمان، وعدد أكبر في كفرنبل، وهي مدينة تشتهر بلافتات الاحتجاجات والرسوم المميزة الخاصة بالثورة السورية.
الوقف الجزئي لإطلاق النار تم تنفيذه ولكنه انتهى، ولم يشمل جبهة النصرة المتحالفة مع تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أنه لم يضم تنظيم داعش، كما احتفظت الحكومة السورية بحق استهداف الجماعات الثورية المعتدلة.