بلدي نيوز - (ليلى حامد)
"مزقت الطائرات الروسية ثياب العيد؛ في ذات اللحظة التي سرقت أصحابها"، بتلك العبارة تبدأ "أم هاني" حديثها عن ولديها.
تقول أم هاني لبلدي نيوز، "ﻷولِ مرةٍ نشتري لهم الثياب الجديدة، لم تكتمل فرحتهم، حرقةٌ ﻻ يعلمها إلا الله.. بقينا في إحسم، رغم القصف اليومي، استبعدنا فكرة النزوح، فاﻹقامة قريباً من الحدود التركية على سبيل المثال أكثر أمناً، لكنها فوق قدرتنا على اﻻحتمال من الناحية المالية، وفي إدلب ﻻ يختلف اﻷمر كثيراً مع فوارق بسيطة".
وأردفت أم هاني، المرأة ذات العقد الرابع؛ "الخيارات محدودة، إمّا تحمل البراميل والقصف، وإمّا النزوح ومصدر دخلنا محدود، كما أنّ، أبو هاني، رفض أن يترك رزقه، قبل أن يقطف الكرز من أرضنا، لم يكن يعلم ما يخفيه القدر".
قتل ولدها اﻷكبر، صاحب الأعوام العشر، ونقل الثاني إلى مشفى المحافظة في إدلب، في إحدى الغارات على البلدة بتاريخ 28 أيار/مايو الفائت قبيل العيد الذي لم يطرق باب دراها كما تقول، وﻻ تزال حتى اللحظة تردد "راح هاني، وتركني".
يشار إلى أنّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وثقت مقتل ما لا يقل عن 487 مدنياً، بينهم 118 طفلاً، و92 سيدة، إلى جانب إصابة ما لا يقل عن 1487 مدنياً بجراح، منذ بدء حملة التصعيد العسكرية التي تقودها روسيا والنظام على منطقة خفض التصعيد الرابعة في 26 نيسان/أبريل وحتى 21 حزيران/يونيو من 2019.
وبحسب المختصة في المجال النفسي، نائلة اﻷبرص؛ "عشرات اﻷمهات خلال فترة التصعيد اﻷخير وحدها عايشن تجربة الفقد، اﻹحصائية تحكي باﻷرقام ألماً أكبر من حجم فهمنا لما يدور حولنا، وكم تحتاج تلك الأمهات من تطيبٍ لنفسياتهن حتى يسكتن اﻷلم بداخلهن".
تقتات "أم هاني" على الذكريات، تارةً تطالع ألبوم الصور الذي مزقت ورقاتها يد هاني، وهو صغير، وأخرى تسكب الدموع، وهي مطرقةً إن مرّت بها ذكرى، هنا جلس، وهناك صرخت في وجهه.
وتؤكد "أم هاني" أنها شعرت بوداع ولدها قبل لحظاتٍ من خروجه إلى السوق لشراء بعض الأغراض، كانت أوصته عليها.
تستذكر أن زلزالاً هزّ المكان، "دخيلك يا أبو هاني"، عبارةٌ بقيت حاضرةً كأنها لم تندثر من ذاكرتها، ما تلبث أن تشرح كيف صمدت أمام مشهد دفن "هاني"، وكيف غطى التراب وغيب جسده الصغير، حسب قولها
خلف كل جدارٍ في إدلب وريفها مئات الحكايات ﻷمهاتٍ حالهن كحال "أم هاني"، يتلون الدعاء بانتظار لحظة انتصار، يضمن حياة من بقي من أوﻻدهن.