بلدي نيوز - (فراس عزالدين - أشرف سليمان)
أعلن وزير الأشغال العامة والإسكان، في حكومة النظام، المهندس سهيل عبد اللطيف، في الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، على ضرورة إنجاز الدراسات التنظيمية لمناطق سوار دمشق.
وأضاف "عبد اللطيف" في تصريحات صحفية لمواقع موالية أن الدراسات التنظيمية لمناطق محيط دمشق "القابون- جوبر - اليرموك" من جهة، و"بسيمة - وعين الخضراء - وعين الفيجة من جهة ثانية)، ستنفذ وفق البرنامج الزمني المحدد وسينتهي إنجاز العقود مع الجهات الدارسة لهذه المخططات، واستكمال معالجة مناطق المخالفات واختيار منطقة السكن البديل بصورة تراعي معايير اختيار المناطق السكنية.
وبذلك يبدو أنّ النظام ماضٍ في تطبيق المرسوم رقم 10 على حي "جوبر" وغيره، ومنع سكان هذه الأحياء المذكورة أعلاه من الدخول، وسبق أن استنكر أهالي حي جوبر الدمشقي هذه الخطوة وكذلك أهالي "مخيم اليرموك" العائد للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وأهالي وادي بردى في ريف الغوطة الغربي، كما نقلت بلدي نيوز في تقارير سابقة.
مصادرة الأملاك
وفي الصدد؛ نشرت "هيومن رايتس ووتش"، في أيار/مايو 2018 تقريراً مطولاً فنّدت نواقص المرسوم رقم 10، كما اتهمت حكومة النظام بمصادرة أملاك السكان؛ فالقانون لا يحدد معايير لتصنيف المنطقة كمنطقة تنظيمية، أو جدولا زمنيا لتعيين المناطق.
وبحسب التقرير، "تُعيَّن المناطق كمناطق تنظيمية خلال أسبوع من صدور المرسوم القاضي بإعادة إعمار منطقة ما، وعلى السلطات المحلية طلب قائمة بأصحاب العقارات من الهيئات العقارية الحكومية العاملة في تلك المنطقة، وينبغي على الهيئات تقديم القوائم في غضون 45 يوما من تلقيها طلب السلطات المحلية.
وفي حال عدم ظهور ممتلكات مالكي المنطقة في القائمة، يتم إبلاغ هؤلاء بذلك، وسيكون لديهم 30 يوما لتقديم إثبات الملكية. في حال عدم قيامهم بذلك، لن يتم تعويضهم وستعود ملكية العقار إلى البلدة أو الناحية أو المدينة الواقع فيها العقار، أما في حال إظهار المالكين ما يثبت امتلاكهم عقار في المنطقة التنظيمية، سيحصلون على حصص في المنطقة".
وبالتالي؛ "سيكون مصير من تم تهجيرهم قسراً فقدان حقوقهم وعقاراتهم، ﻻسيما من فقد أوراقه الثبوتية قبل المغادرة، وهذا يعني استملاك النظام لتلك الحصص، ومنحها للبلدية التي تقوم بدورها باستثمارها أو منحها لمن تريد وفق منظومة المحسوبيات والفساد المعروفة"، وفقاً للناشط الحقوقي، ملهم الشعراني.
وأضاف الشعراني؛ "النظام استملك أراضي أبناء تلك المناطق، بذرائع التنظيم، وإعادة اﻹعمار، ويعرف بالضرورة أن غياب أبنائها اﻷصليين قسراً سيحرمهم من إبراز ثبوتيات ملكيتهم... ما يعني مصادرة أملاكهم عنوةً بالقانون".
لمصلحة من؟
وفي السياق؛ حذّرت "هيومن رايتس ووتش" في ذات التقرير من إمكانية كبيرة لإساءة التوظيف والمعاملة التمييزية لنازحي وقاطني مناطق كانت تحت سيطرة الجماعات المناهضة "للنظام". وأوضح التقرير أنّ العديد من سجلات الأراضي السورية دُمّرت خلال النزاع، وأن 50 % فقط من الأراضي كانت مسجلة رسميًا حتى قبل الحرب وسيكون النازحون، لا سيما الفارّون من مناطق تعتبر معادية للنظام، أكثر عرضة لمصادرة عقاراتهم بموجب القانون رقم 10.
وبحسب الناشطة الحقوقية، هديل صالح؛ "القانون يصب في خدمة الشبيحة وأزﻻم النظام في المقام اﻷول، هذا باختصار ما يمكن أن نجيب عنه".
شهود عيان
وسبق لبلدي نيوز أن تناولت هذا الملف بعين أبناء حي جوبر ونشطائها العام ، وﻻ تختلف وجهة نظرهم عن كلام المنظمة اﻷممية السابق.
(سامح عمر) من أبناء حي "جوبر" الدمشقي يقيم في بلدة "عين ترما"، قال في حديث لبلدي نيوز إن النظام يعمد بشكل ممنهج لجعل حي "جوبر" منطقة عسكرية، وقام بتسوية ما تبقى من أبنية بالأرض، بعد أن هدم مساجد قديمة وعشرات المنازل، والمساجد التي هدمها وأزالها لحد الآن هي "مسجد التقوى ومسجد جوبر الكبير ومسجد غزوة بدر ومسجد القباني ومسجد العدنان"، ولا يكتفي النظام بهدم الأبنية بل يقوم بتجريفها بشكل كامل لتغدو أثراُ بعد عين".
بدوره (أحمد الصواج) ناشط ثوري من أبناء حي "جوبر"، أكد لبلدي نيوز؛ أن الهدف الذي يسعى له النظام، هو طمس معالم المدينة التي قاومته على مدى سبع سنوات، والانتقام من أي رمز مدني أو حضاري فيها، وسط تخوف كبير من أهالي الحي من مصادرة أملاكهم وعدم تعويضهم كما يدعي النظام.
وأضاف، "النظام يمنع العائلات من أبناء الحي من زيارة بيوتهم، الأمر الذي ولد خشية لدى أبناء الحي من أن النظام يسعى لمصادرة أملاكهم مستفيداً من المرسوم رقم 10، وخاصة الذين هجروا إلى الشمال.
وبحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين، نزح أكثر من 11 مليون سوري أو لجأوا إلى دول مضيفة منذ بداية ما وصفته بـ"الصراع السوري". وعلى ذلك، لن يتمكن نازحون سوريون كُثر من العودة إلى عقاراتهم لتقديم المطالبة بأنفسهم في الوقت نفسه، ستكون مدة 30 يومًا المحددة لتوكيل قريب أو وكيل قانوني لتقديم المطالبة بالنيابة عنه فترة قصيرة لكثيرين.
ويفتقر 70 بالمئة من اللاجئين إلى وثائق التعريف الأساسية بحسب "المجلس النرويجي للاجئين". وتعتبر تلك الوثائق ضرورية لتقديم إثبات ملكية أو تعيين وكيل معترف به قانونًا.
جوبر الدقيقة بألف
وسبق أن تناولت بلدي نيوز، نموذجاً آخر من التضييق على أبناء حي جوبر الدمشقي، حيث تصل تكلفة الدخول إلى الحي لمدة عشرة دقائق ما بين 10 إلى 15 ألف ل.س، وفقاً لشهود محليين، وعبر بعض المتنفذين من الضباط.
ويذكر في السياق أنّ حكومة النظام أصدرت القانون رقم (10) للعام 2018 في 2 نيسان/ إبريل 2018، يسمح بإحداث مناطق تنظيمية ضمن المخططات التنظيمية على كامل الجغرافيا السورية، وجاء كتعديل للمرسوم التشريعي (66) للعام 2012 بحيث يتيح للوحدات الإدارية من خلال مرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية والبيئة إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن مخططاتها التنظيمية بحسب وكالة "سانا".
ويشار أنّ قوات النظام وبدعم روسيا سيطرت على الغوطة الشرقية بريف دمشق في الشهر الرابع من العام الفائت، بعد حصار دام لأكثر من ستة أعوام متتالية وحملات قصف وهجمات عسكرية مكثفة راح ضحيتها الآلاف من أهالي الغوطة.
كما يذكر أن حي "جوبر" كان يقطنه حوالي 300 ألف مواطن قبل اندلاع الثورة، وتوزعوا اليوم بين مهجر ولاجئ ومقيم بمناطق النظام والقسم الذي كان بالغوطة تهجر إلى الشمال المحرر .
والجدير بالذكر أن نظام الأسد أصدر أمس الأول الثلاثاء مرسوما ًتشريعيا رئاسياً حمل الرقم 9 يعفي بموجبه ذويي قتلى جيشه من رسوم ورخص البناء، ما يؤكد فرضية محابة أطرافٍ على أخرى ومنحهم مناطق تنظيمية كتعبير عن ولائهم له شخصياً ومعاقبة معارضيه من جهة أخرى، كمنهجٍ يسير عليه النظام، وفق الناشط الحقوقي، ملهم الشعراني.