بلدي نيوز
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً جديداً اليوم الجمعة، تناولت فيه الأوضاع الإنسانية المتدهورة في سوريا، كاشفة عن توثيق مقتل 89 مدنياً خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024، بينهم 25 طفلاً و12 سيدة، بالإضافة إلى أربعة ضحايا قضوا تحت التعذيب، بينهم طفل. وسجل التقرير أيضاً مقتل 12 مدنياً، بينهم 4 أطفال و6 سيدات، نتيجة قصف إسرائيلي.
ولفت التقرير إلى امتناع النظام السوري عن تسجيل مئات الآلاف من الوفيات منذ بدء النزاع في مارس/آذار 2011، مشيراً إلى أن إصدار شهادات الوفاة بات وسيلة بيد النظام لممارسة السيطرة؛ إذ لم يُتح لمعظم العائلات الحصول على شهادات وفاة لأقاربهم، سواء كان القتلى على يد النظام أم من جهات أخرى. ويخشى الأهالي، وفق التقرير، من مطالبة تلك الوثائق خشية من أن يُعتبر أقاربهم معادين للنظام، خاصة في حالات القتل تحت التعذيب، أو أن تُدرج الضحية كـ"إرهابي" إذا كان مطلوباً للأجهزة الأمنية.
التقرير كشف أيضاً عن أن النظام السوري مسؤول عن مقتل 12 مدنياً من ضمنهم 3 أطفال في أكتوبر، بينما أسفرت الضربات الروسية عن مقتل 11 شخصاً، بينهم 4 أطفال، وقتلت قوات سوريا الديمقراطية 3 مدنيين، بينهم طفل، بينما سجّل مقتل مدني واحد على يد كل من فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام. أما العدد الأكبر من الضحايا، وهم 61 شخصاً، من بينهم 17 طفلاً و11 سيدة، فقضوا على يد جهات أخرى.
وبيّن التقرير أن محافظة درعا شهدت العدد الأكبر من الضحايا بنسبة بلغت 26% من الإجمالي، حيث قُتل 21 شخصاً على يد جهات مختلفة. جاءت بعدها محافظة إدلب بنسبة 19%، نتيجة القصف السوري الروسي، حيث فقد 16 شخصاً حياتهم.
كما وثقت الشبكة مقتل أربعة أشخاص تحت التعذيب على يد النظام السوري، أحدهم طفل، إضافة إلى مقتل اثنين من الكوادر الطبية على يد جهات أخرى.
وفيما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية، أفاد التقرير بأن الغارات الجوية على مناطق مدنية في لبنان أسفرت عن سقوط مئات الضحايا، بينهم 101 لاجئ سوري على الأقل، شملوا 36 طفلاً و19 سيدة، وذلك خلال الفترة الممتدة من 23 سبتمبر/أيلول حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وفيما يخص الهجمات على البنى التحتية، أشار التقرير إلى توثيق 10 اعتداءات على منشآت مدنية خلال أكتوبر، مبيناً أن بعض الهجمات استهدفت المدنيين والبنية التحتية المدنية بشكل مباشر. وأشار إلى أن القصف العشوائي أدى إلى تدمير واسع، ما قد يُعد جرائم حرب وفقاً للقانون الدولي.
التقرير سلط الضوء كذلك على أن استخدام التفجيرات في مناطق مزدحمة يعكس نية واضحة لإيقاع أكبر عدد من الضحايا، مما يعد خرقاً صارخاً للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، خاصة المواد (27، 31، 32). كما أشار إلى عدم إصدار النظام السوري وحلفائه، ومن بينهم القوات الروسية وقوات التحالف الدولي، أي تحذيرات للمدنيين قبل الهجمات، ما يعكس استهانة بأرواح المدنيين منذ بداية النزاع.
ورأى التقرير أن كثافة الانتهاكات وتكرارها، مع القصف العشوائي، يدل على اتباع النظام لسياسة ممنهجة. وأشار إلى أن فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني انتهكوا قرار مجلس الأمن رقم 2139 عبر هجمات تسببت في خسائر بين المدنيين.
في ختام التقرير، دعا مجلس الأمن لاتخاذ خطوات جديدة وفق القرار 2254، وشدد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة جميع المتورطين في الجرائم الإنسانية. وحث وكالات الأمم المتحدة على تكثيف المساعدات الغذائية والطبية في المناطق المتضررة.
وأوصى التقرير بتفعيل مبدأ "مسؤولية الحماية" (R2P) في سوريا بعد تعثر الاتفاقيات السابقة، مشدداً على اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المدنيين. كما أشار إلى ضرورة إعداد خرائط للألغام لتسهيل عملية إزالتها، ودعا لجنة التحقيق الدولية إلى التحقيق في الحالات الواردة في التقرير، مؤكداً استعداد الشبكة السورية لتقديم الأدلة.
واختتم التقرير بتوصيات تدعو النظام السوري للتوقف عن القصف العشوائي على المناطق السكنية والمنشآت العامة، وطالب جميع أطراف النزاع بالكشف عن مواقع الألغام لحماية المدنيين، مجدداً المطالبة بوقف التعذيب في مراكز الاحتجاز وتحقيق العدالة وحماية المدنيين.